قال رئيس الوزراء الإيرلندي، مايكل مارتن، في تصريحات لـ "العربي الجديد" في نيويورك، الخميس، إنه يعتقد أن قادة العالم أكثر جدية اليوم في مكافحة تبعات التغير المناخي، وأنهم سيأخذون خطوات أكثر فعالية لتطبيق وعودهم.
جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإيرلندي، الذي ترأس بلاده مجلس الأمن للشهر الحالي، خلال مؤتمر صحفي مقتضب عقده بعد خروجه من اجتماع وزاري في مجلس الأمن الدولي ناقش تهديد التغيير المناخي على الأمن والسلم الدوليين، وجاءت القمة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة رفيعة المستوى المنعقدة في نيويورك.
ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" في الأمم المتحدة بنيويورك، عن الوعود والالتزامات التي قيلت في مجلس الأمن عن مكافحة التغيير المناخي وتبعات ذلك على الأمن والسلم الدوليين، قال رئيس الوزراء الإيرلندي "كسياسي مخضرم، رأيت سياسات تتطور وتتغير، عندي شعور أن هناك إجماعاً متصاعداً فيما يخص التغيير المناخي في الفترة الأخيرة أكثر من أي فترة سابقة، وأعتقد أن هناك إجماعاً عالمياً على أن الأمر عاجل وأنه لا يمكن لأي دولة أن تختبئ أو تدعي أن التغيير المناخي غير واقع".
وأضاف مارتن "لقد لاحظنا ذلك اليوم في مجلس الأمن في المداخلات التي قدمت، فعلى سبيل المثال وزير الخارجية الأميركي، أنطونيو بلينكن، تحدث عمّا حدث في مدينة نيويورك قبل فترة قصيرة فيما يخص منسوب المياه وكمية الأمطار التي نزلت في وقت قصير في منطقة سنترال بارك (والفيضانات التي تسببت بها وعدم قدرة البنية التحتية على التعامل معها)، وفي أوروبا كانت لدينا كذلك عواقب فظيعة خلال الصيف (فيضانات) وفي مناطق أخرى من العالم".
وأكد رئيس الوزراء "أن السياسة تتحرك بشكل أسرع، دون شك ستكون هناك بعض العواقب والخلافات في وجهات النظر حتى داخل أوروبا، وهناك عددٌ من الاجتماعات المهمة في الفترة القادمة، ولكن نحن نحقق تقدماً ملموساً مقارنة بعشر أو خمس سنوات سابقة"، وأضاف "في إيرلندا عشنا صراعاً على جزيرتنا وهناك فترات قال البعض فيها إننا لن نتمكن من تحقيق أي تقدم، وكبرتُ في إيرلندا معتقداً أنه لن يكون هناك اتفاق لحل الصراع، ولكن تمكنّا من التوصل لاتفاق، ولا يمكن أن نتقدم بالحياة دون أن نؤمن أنه يمكننا أن نحقق تقدماً وأن الناس لن يغيروا مواقفهم. تعتمد الدبلوماسية على المتابعة والإصرار والإدراك، ومن ثم تغيير الإطار، لقد لاحظت في الآونة الأخيرة أن هناك مقاربة جماعية للتغيير فيما يخص مكافحة التغيير المناخي".
ومن اللافت للانتباه أن الصين وروسيا لم تشاركا في الاجتماع على المستوى الوزاري، حيث يعارض البلدان أن تكون قضية المناخ على أجندة مجلس الأمن بشكل دائم، وفي الوقت الذي شاركت الصين بمداخلة من سفيرها لمجلس الأمن، بعثت روسيا نائب السفير، وتعتبر كل من روسيا والصين أن هناك محاولة داخل مجلس الأمن (دول غربية وغيرها) لتسييس قضية المناخ وتبسيطها، وترى أنه على أجندة المجلس أكثر مما يمكن أن تتحمله، وأن هناك جهات مختصة وأجهزة تتعامل مع قضايا المناخ ومن الأولوية أن تنظر هي فيها.
في المقابل ترى الدول التي تريد أن تدرج قضية المناخ وتهديد الأمن والسلم الدوليين على جدول مجلس الأمن، أننا اليوم نرى صراعات تزيد قضايا المناخ من حدتها وأنه يجب الاستماع إلى تقارير حول الموضوع لفهم أبعاد هذا الأمر بشكل أفضل.
وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء الإيرلندي حول عدم اشتراك روسيا والصين على المستوى الوزاري في اجتماع مجلس الأمن الذي ترأسته بلاده "هناك دعم كبير وواضح داخل مجلس الأمن، وظهر في المداخلات التي سمعناها فيما يخص قبول الربط بين المناخ والأمن والسلم الدوليين، سنحاول الانخراط في محادثات مع جميع الدول بمن فيها تلك التي لا تؤيد هذا الموقف (الصين وروسيا)، ولا أعتقد أن الربط بينهما هو محاولة لتسيس قضية المناخ، نلاحظ أن تبعات التغيير المناخي أصبحت تشكل عاملاً في تأجيج الصراعات ليس العامل الوحيد ولكنه عامل مهم".
وخلال مداخلته أمام مجلس الأمن، كان مارتن أكد على ضرورة أن يلعب مجلس الأمن دوراً فعالاً حول الموضوع وبأن يبقي القضية على جدول أعماله وقال "من أجل أن نقدم خطوات فعلية لمحاربة قضية المناخ نحتاج لمقاربة متعددة الأطراف، ومن الضروري أن يشمل هذا مجلس الأمن"، وأضاف "يجب أن نفهم بشكل أفضل التفاعل بين تغير المناخ، والأوضاع القطرية والإقليمية المدرجة على جدول أعمال المجلس"، ولتحقيق ذلك طلب مارتن من الأمين العام للأمم المتحدة "تقديم تقارير دورية لمجلس الأمن حول كيفية تهديد التغيير المناخي في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين"، وأكد أن بلاده كذلك تسعى لصياغة مشروع قرار يتعامل مع قضية المناخ والسلم والأمن الدوليين.