يحاول وزراء الداخلية الأوروبيون في لوكسمبورغ تحريك الملف الشائك لإصلاح سياسة الهجرة، في اجتماع حاسم اضطر الفرنسي جيرالد دارمانان إلى مغادرته على عجل بعد هجوم بسكين وقع في بلده. وغادر دارمانان مركز المؤتمرات قبيل ظهر اليوم الخميس بعد الإعلان عن إصابة عدد من الأطفال بجروح خطيرة في هذا الهجوم الذي وقع في مدينة آنسي (شرق فرنسا).
ويعتبر هذا الاجتماع محطة كبرى في المناقشات حول ميثاق اللجوء والهجرة. وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون: "مرت ثلاث سنوات تقريباً منذ أن قدمت الاقتراح. كان ماراثوناً وربما لم يبق سوى مائة متر"، داعية الدول الأعضاء إلى "قطع هذه الأمتار الأخيرة للتوصل إلى اتفاق اليوم". وفي مقابل تفاؤل المفوضية الأوروبية في إمكان حدوث اختراق، يرى دبلوماسيون أن احتمال تحقيق ذلك لا يتجاوز الخمسين في المائة، لأن موضوع الهجرة يسبب انقساماً كبيراً. وسيفتح اتفاق بين الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الطريق أمام مفاوضات مع البرلمان الأوروبي بهدف اعتماد الإصلاح قبل ربيع 2024.
وينص اقتراح تسوية قدمته السويد، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد ستة أشهر، على تضامن أوروبي إلزامي ومرن في الوقت نفسه. وستلزم الدول الأعضاء باستقبال عدد معين من طالبي اللجوء الذين يصلون إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي المعرضة لضغط الهجرة أو ما يسمى "إعادة التوطين"، أو إذا لم ترغب في ذلك، تقديم مساهمة مالية لهذا البلد، في محاولة لتحقيق توازن بين دول البحر الأبيض المتوسط التي يصل إليها المهاجرون الراغبون في انتقال تلقائي إلى دول أخرى في الكتلة، ودول مثل المجر أو بولندا التي ترفض فرض طالبي اللجوء عليها.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي يتوقع وصوله إلى روما ظهراً، إن إيطاليا واليونان تواجهان "تحدياً كبيراً" مع زيادة عدد الوافدين على حدودهما. أضاف، في مقابلة مع مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا"، أنه "لا يمكننا ترك هذين البلدين وحدها". وذكرت مصادر دبلوماسية أن المناقشات تتعلق بتعويض مالي يبلغ حوالي 20 ألف يورو لكل طالب لجوء لم يجر نقله.
والنص الآخر المقدم للوزراء يلزم الدول الأعضاء بتنفيذ إجراءات مسرّعة لمراجعة طلبات اللجوء لبعض المهاجرين غير المؤهلين بشكل واضح للحصول على هذه الحماية، لأنهم يأتون من بلد يعتبر "آمناً". ويهدف ذلك إلى تسهيل إعادتهم إلى بلدانهم.
وقالت إيلفا جوهانسون: "لا داعي لمعاملة أشخاص قادمين من ألبانيا أو باكستان أو تركيا مثل الأشخاص القادمين من أفغانستان أو سورية أو السودان".
من جهتها، قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر إن "هناك تسوية مطروحة صعبة جداً بالنسبة لنا. أكافح حتى لا تخضع العائلات التي لديها أطفال صغار لإجراءات الحدود". وفي وقت مبكر من الصباح وقبل أن يحل محله السفير الفرنسي في الاجتماع، أكد دارمانان أن الإجراءات الحدودية تسمح برد سريع. وقال إن "الوضع اليوم ليس إنسانياً إطلاقاً. عندما يحق للمتقدمين الحصول على اللجوء لا يجرى منحهم إياه إلا في وقت متأخر جداً. وعندما لا يحق لهم الحصول على هذا اللجوء، نواجه صعوبة كبيرة في إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية".
وتطالب النمسا، التي تدافع عن موقفها المتشدد بشأن الهجرة، نقل طلبات اللجوء هذه إلى دول ثالثة على غرار ما خططت الدنمارك للقيام به في رواندا. وقال الوزير النمساوي غيرهارد كارنر: "سأبذل جهوداً حتى نتمكن من تنفيذ الإجراءات في بلدان ثالثة آمنة لمنع الناس من القدوم إلى أوروبا عن طريق البحر والغرق". وعبرت دول، من بينها المجر وبولندا، عن معارضتها لمقترحات الإصلاح، بحسب دبلوماسيين.
وتُتخذ القرارات بالغالبية الموصوفة، أي تبني اتفاق يتطلب دعم 15 من أصل الدول الـ 27 تمثل 65 في المائة على الأقل من سكان الاتحاد الأوروبي. وعادت قضية الهجرة إلى صدارة جدول أعمال الدول الـ27 مع زيادة عدد الوافدين إلى الاتحاد الأوروبي بعد توقف مرتبط بجائحة كوفيد-19. وتميل الدول الأعضاء إلى نهج يزداد تشدداً، في حين حقق اليمين المتطرف أخيراً نجاحاً في الانتخابات في عدد من دول الاتحاد الأوروبي.
(فرانس برس)