ينتشر في المجتمع السوري الكثير من الأفكار والعادات المغلوطة المتعلقة بمراحل الحمل والرضاعة، يُغذّيها الجهل والفقر والتسرب المدرسي وتردي الواقع الاقتصادي، إضافة إلى حركات النزوح المتواصلة، ما يلقي بظلاله على الصحة الإنجابية والنفسية للمرأة.
ولتثقيف النساء في هذا المجال وتعريفهن بالتصرّفات الصحية السليمة، أطلقت "المنظمة الطبية السورية الأميركية" (سامز) نشاطاً في الشمال السوري، سيمتدّ حتى نهاية العام الجاري، لتصحيح منظور النساء وتثقيفهن حول مرحلة ما قبل الحمل وخلاله، ومواضيع أخرى تتعلق بالولادة الطبيعية.
تقول الطبيبة ومسؤولة التثقيف الصحي في المنظمة، رهام ويس، لـ"العربي الجديد"، إنّ النشاط عبارة عن درس توعوي للنساء الحوامل أو من يخطّطن للحمل، بمعدل يومين أسبوعياً، من أجل تثقيفهن بمجالات تتعلق بالحمل والأمومة، لا سيما أنّ المنطقة عانت من تنامي الجهل خلال سنوات الحرب، نتيجة تخلّف فتيات كثيرات عن المدارس.
وتضيف: "يهدف النشاط إلى إعطاء كل مجموعة من المستفيدات 10 جلسات تتعلق بمراحل ما قبل الحمل وخلاله وبعد الإنجاب وخاصة فترة الإرضاع، إضافة إلى الصحة الإنجابية، ويركّز أيضاً على الصحة النفسية للحامل وعلاج اكتئاب ما بعد الولادة، ورعاية الأطفال من عمر اليوم الواحد إلى خمس سنوات".
وتشير إلى أن أحد الأسباب التي دعت إلى إقامة هذا النشاط الذي بلغ عدد دوراته حتى الآن 10، ارتفاع نسبة الزواج المبكر الذي أدى إلى وجود أمهات صغيرات عمرياً، في ظل افتقارهن لمرجعية أو معرفة تساعدهن على كيفية التعامل مع هذه المرحلة المفصلية، إضافة إلى أنه ركّز على تصحيح العادات الخاطئة المتعلقة بالحمل والإنجاب، والتي ورثها المجتمع دون وجود أي مبررات طبية.
وركزت المدرّبات أثناء النشاطات العملية والنظرية التي أقيمت في ريفي إدلب وحلب وحضرتها حتى الآن أكثر من 150 امرأة من مختلف الأعمار، على جوانب تتعلق بالتغذية السليمة والجوانب النفسية للأم، وأساسيات العنف القائم على النوع الاجتماعي، وخصصت أغلب الجهد بشكل أساسي للأمهات الحوامل بالمجتمع أو اللواتي يتحضرن للحمل، وكانت الأولوية للحوامل لأول مرة من القاصرات.
وتقول المتدربة كليزار سكّر لـ"العربي الجديد"، إنها صحّحت الكثير من المفاهيم الخاطئة المتعلقة برعاية الجنين، كاستخدام كحل العينين والتمليح وعادات أخرى تتعلق بسرّة الجنين، إضافة إلى تثقيف الأم بوقاية نفسها وجنينها من الأمراض المعدية، وتمّ المزج خلال فترة التدريب بين النظري والعملي، من خلال الاستعانة بوسائل ومجسّمات كانت موجودة في مستشفى بلدة قاح، شمالي إدلب.
وتضيف أنّ المدرّبات علّمن الحاضرات بعض التمارين الرياضية التي تخص الحوامل وتسهّل عملية الولادة، إلى جانب تثقيفهن وتزويدهن ببعض المفاهيم الصحيحة المتعلقة بالدورة الشهرية ومرحلة النفاس التي تلي الولادة، ووسائل تنظيم الأسرة، ورعاية الرضع الذين يحتاجون رعاية خاصة في المراحل العمرية الأولى.
وتشهد مناطق الشمال السوري التي عانت من التهجير من قبل النظام السوري وقوات روسيا ارتفاعاً في نسبة الأمية بين الإناث، وذلك يعود للمخاطر الأمنية وضعف تمويل المؤسسات التربوية.
وقالت "وحدة تنسيق الدعم" التابعة للمعارضة، في دراسة أصدرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، وشملت 85 مدينة وبلدة في محافظات إدلب وحلب وحماة و23 مخيماً، إنّ عدد الأطفال الذين هم في سنّ المدرسة شمال غربي سورية، هو مليون و835,450 طفلاً، وبلغ عدد الملتحقين بالمدارس 56% فقط، أي مليون و379,32 طفلاً، فیما بلغت نسبة من هم خارج المدرسة 44%، أي 815,518 طفلاً.
وأشارت الدراسة إلى أنّ بين هؤلاء المتسربين من لم يلتحق بالمدرسة مطلقاً، وأنّ 45%، أي 416,936 طفلة، ممّن هن في سنّ المدرسة، كنّ خارج المدارس، فيما كان 43%، أي 398,582 من الذكور، ممن هم في سنّ المدرسة، من المتسرّبين.