دراسة: العنصرية بحق النساء ذوات البشرة السوداء تترك آثاراً على صحتهن العقلية

29 سبتمبر 2021
العنصرية كان لها تأثير شبيه بالصدمة على صحة المرأة السوداء (Getty)
+ الخط -

أظهرت دراسة أميركية جديدة أنّ النساء من ذوات البشرة السوداء، واللواتي تعرضن لمزيد من العنصرية طوال حياتهن، لديهن استجابات دماغية أقوى لأي تهديد محتمل، ما قد يضر بصحتهن على المدى الطويل، بحسب ما جاء في صحيفة "واشنطن بوست".

وحاولت الدراسة، التي أجرتها أخصائية علم النفس العصبي الإكلينيكي نيجار فاني وزملاء آخرون، وشملت 55 امرأة سوداء، إلقاء نظرة فاحصة على الضغوط التي يواجهها الأميركيون السود، وتحديداً النساء.

وتعدّ الدكتورة فاني من ضمن فريق بحثي يدرس منذ أكثر من 15 عاماً الطرق التي يمكن أن يؤثر بها الإجهاد المرتبط بالتعرض للصدمات على العقل والجسم.

يرى الباحثون أن العنصرية كان لها تأثير شبيه بالصدمة على صحة المرأة السوداء

وتناولت فاني في بحثها مدى تعرض السيدات ذوات البشرة السوداء لتجارب مؤلمة أو صادمة، مثل إساءة معاملة الأطفال والعنف الجسدي أو الجنسي، والتمييز العنصري، أو التعرض لمعاملة غير عادلة بسبب العرق أو الإثنية. وطلبت من السيدات التركيز على مهمة تتطلب الانتباه بينما ينظرن في الوقت نفسه إلى صورة مجهدة أو مؤلمة. واستخدم الفريق البحثي التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لمراقبة نشاط الدماغ خلال تلك الفترة.

ووجدت أن النساء السوداوات اللواتي أبلغن عن المزيد من تجارب التمييز العنصري كان لديهن نشاط استجابة أكبر في مناطق الدماغ المرتبطة باليقظة والحذر من التهديد - أي القشرة القذالية الوسطى - وهي مسؤولة بشكل أساسي عن التعرف إلى الأشياء، بما في ذلك الخصائص الوظيفية وإدراك الأشياء - وكذلك في منطقة قشرة الفص الجبهي البطني، وهي المنطقة المسؤولة عن الخوف والمخاطر.

وكانت ردود فعلهن تفوق الاستجابة الناتجة عن تجارب مؤلمة. يرى الباحثون أن العنصرية كان لها تأثير شبيه بالصدمة على صحة المرأة السوداء. ويمكن أن يؤدي التعامل بانتظام مع تهديد العنصرية إلى فرض ضغوط على أعضاء الجسم المهمة وتفاقم في صحة الدماغ، بحسب الخبراء.

وتظهر أبحاث أخرى عن الصدمات، أنّ هذا النوع من الاستجابة المستمرة للتهديد يمكن أن يزيد من مخاطر اضطرابات الصحة العقلية ومشاكل أخرى في صحة الدماغ في المستقبل.

ولا يزال الأميركيون السود يعانون من التفاوتات في مجال الرعاية الصحية، بما في ذلك التعرض بشكل غير متناسب لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية، والتدهور المعرفي، واضطرابات عصبية، مثل مرض الزهايمر مقارنة بالأميركيين البيض. وعلى الرغم من أن الأبحاث أثبتت باستمرار أن الإجهاد المزمن للعنصرية يمكن أن يختبئ تحت الجلد ويترك بقايا بيولوجية من عواقب صحية دائمة للأميركيين السود بمرور الوقت، إلا أن القليل من الأبحاث قد استكشفت تأثير العنصرية على وظائف الدماغ وصحته.

ووفق الدراسة، هناك تاريخ كبير وراسخ من الأبحاث التي تربط التجارب المؤلمة، مثل سوء معاملة الأطفال، والاعتداء الجسدي، وأعراض اضطراب ما بعد الصدمة، بالتغيرات في وظائف الدماغ التي تؤدي إلى نتائج صحية سلبية. وتعد هذه الدراسة الأولى التي نظرت في كيفية استجابة الدماغ لتجارب التمييز العنصري بما يتجاوز الضغوطات المؤلمة الأخرى.

قد تكون النساء السوداوات يقظات بشكل خاص بشأن التهديدات داخل بيئتهن لأنهن اضطررن للتكيف مع العيش في الأماكن المجتمعية التي تدعم العنصرية.

وتُظهر نتائج البحث أن تجارب الأشخاص السود مع العنصرية يمكن أن تؤثر على كيفية استجابة الدماغ والتكيف معها، الأمر الذي يستحق اهتماماً بحثياً أكبر. تعتقد فاني وزملاؤها أن أبحاث البيولوجيا العصبية بدأت للتو في التحقيق بشكل مناسب في تأثير العنصرية على التفاوتات الصحية التي لوحظت لدى هذه الفئة من السكان.

وترى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث في جميع مراحل الحياة، بما في ذلك مرحلة الطفولة، لفهم كيف ومتى تتطور اليقظة العالية تجاه التهديدات المتعلقة بالتمييز العنصري لدى السود، وكيف يؤثر ذلك على صحتهم.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ماذا بعد؟

يشكل الخوف ضغطاً على الجسم، ولكنه يمكن أن يخدم أيضاً غرضا وقائيا. وتأمل فاني في الحصول على فهم أفضل لتكاليف وفوائد الخوف من التهديدات في سياق القمع المزمن لبعض الأميركيين السود.

كما أنها مهتمة أيضاً، بحسب قولها، بتجارب السود ومعالجتهم من التهديدات المحتملة عندما ينشأ التهديد من أفراد في مناصب السلطة الذين يُتوقع منهم الحماية والخدمة.

المساهمون