طالبت منظمات مدنية تونسية بتجنّب أي حلول تقود لاعتماد السلطات الارتقاء الآلي للتلاميذ هذا العام، بسبب تواصل حجب المدرسين في المرحلتين الابتدائية والثانوية لأعداد الامتحانات للثلاثي الثالث على التوالي.
ووجهت منظمات مدنية، من بينها الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ، نداء إلى الرئيس قيس سعيد مطالبة بالتدخل العاجل لإيجاد حلول جذرية لأزمة التعليم وفضّ النزاع بين الوزارة والنقابات التي لا تزال تتمسك بحقّها في استعمال كل وسائل الضغط من أجل الدفاع عن حقوق المدرسين والأساتذة.
ولا يزال قرار حجب أعداد التلاميذ وعدم حصولهم على نتائج التقييمات التي يجرونها ساريا في مدارس ومعاهد تونس منذ أشهر، ما قد يدفع الوزارة للجوء إلى آلية الارتقاء الآلي للطلاب لتجنّب إفشال العام الدراسي برمته.
ويرى رئيس جمعية أولياء التلاميذ رضا الزهروني أن "اللجوء إلى الارتقاء الآلي سيكون ضربة قاصمة لمنظومة التعليم في البلاد"، داعيا إلى "ضرورة تجنّد كل السلطات من أجل تفادي مثل هذه السيناريوهات".
وقال الزهروني في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الارتقاء الآلي يمس من قيمة التعليم التونسي وينهكه، كما يصادر حقوق التلاميذ في التقييم لمكاسبهم المعرفية".
وانتقد المتحدث "المسار الطويل للمفاوضات بين وزارة التربية والنقابات"، معتبرا أن "زمن هذه المفاوضات فوّت على تلاميذ تونس إمكانية الاستفادة من التقييمات الدورية لنتائجهم المدرسية" .
وطالب السلطات بـ"إيجاد حلول جذرية لأزمة المدرسين ونقص الإطار التعليمي لتفادي أي خلافات جديدة بين النقابات والوزارة"، واصفا هذه الخلافات بـ"المنهكة نفسيا للأسر التونسية".
وكان اللجوء إلى الارتقاء الآلي للتلاميذ سلاح وزارة التربية ضد نقابات المعلمين عام 2015 رفضا لإضرابهم الذي استمر لأسابيع عديدة.
وأعلنت رئاسة الحكومة حينها بصفة استثنائية الارتقاء إلى المستوى الأعلى بالنسبة إلى كل تلاميذ المرحلة الابتدائية المسجلين بالمؤسسات التربوية العمومية وذلك خلال السنة الدراسية 2014-2015.
وفجّر ذلك القرار حينها انتقادات عديدة من قبل نشطاء مدنيين وأولياء التلاميذ الذين طالبوا بالنأي بأبنائهم عن تداعيات الخلافات بين النقابات والسلطة.
ورغم تواصل تعثر المسار التفاوضي بين النقابات والوزارة بشأن لائحة مطالب المدرسين لم تحسم الجامعة العامة للتعليم الأساسي بعد موقفها من استمرار حجب الأعداد أو إيقافه بينما يقترب العام الدراسي من نهايته.
وقال عضو جامعة التعليم الأساسي إقبال العزابي إن "هيئة إدارية للجامعة ستلتئم غدا الثلاثاء للحسم نهائيا في تواصل اعتماد حجب الأعداد كوسيلة احتجاج من عدمه".
وأكد العزابي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "القرار النهائي يصدر في بيان رسمي عن الهيئة الإدارية"، مشيرا إلى أن "النقابة ليس لها علم بإمكانية لجوء الوزارة إلى الارتقاء الآلي لإبطال مفعول حجب آلية الاحتجاج".
يذكر أن نقابات التعليم كانت قد قررت حجب الأعداد عن الإدارة بسبب مطالب مهنية لم تستجب لها وزارة التربية لصعوبات تشهدها المالية العمومية.
وتطالب نقابة مدرسي التعليم الابتدائي في تونس بتنفيذ اتفاقات جرى توقيعها منذ عام 2019 تقضي بتمكين المدرسين من التدرج المهني وبرمجة انتداب المعلمين النواب على مراحل، غير أنّ الصعوبات المالية التي تعاني منها البلاد تحول دون تنفيذها.
في هذه الأثناء، يتواصل المسار القضائي للدفاع عن حق التلاميذ في الحصول على أعدادهم بعد رفع أولياء ومنظمات مدنية قضية ضد النقابات من أجل إجبارها على تسليم الأعداد للتلاميذ وعقد مجالس الأقسام التي تقرر ارتقاء التلاميذ من عدمهم بناء على كشوف أعدادهم. وينتظر أن يفصل القضاء في الطور الاستئنافي يوم 15 مايو/ أيار الجاري في الدعوى المرفوعة ضد نقابات التعليم.
ومنذ أشهر تسود حالة من الاستياء في صفوف أولياء أمور تلاميذ المعاهد الحكومية، نتيجة عدم تمكّنهم من الاطلاع على نتائج الاختبارات التي أجراها أبناؤهم بمختلف المواد، الأمر الذي حرمهم من تقييم مكتسباتهم التعليمية.