خلافات تخيّم على المرحلة الأخيرة من محادثات "كوب 15" للتنوّع الحيوي

15 ديسمبر 2022
ثمّة دعوة إلى "الإيجابية" تجاه الطبيعة في مؤتمر "كوب 15" (أندريي إيفانوف/فرانس برس)
+ الخط -

تُعقَد الآمال على التوصّل إلى "اتفاق سلام مع الطبيعة" يُعَدّ تاريخياً ويُطرَح على طاولة البحث أمام وزراء البيئة من مختلف دول العالم، في خلال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوّع الحيوي (كوب 15) الذي يُعقَد في مدينة مونتريال الكندية، علماً أنّ المرحلة الأخيرة من المحادثات بدأت اليوم الخميس.

وما زال يتعيّن تجاوز انقسامات عميقة، لعلّ أبرزها مسألة المبالغ التي سيتعيّن على الدول المتطوّرة سدادها للدول النامية بهدف مساعدتها في إنقاذ النظم البيئية للحفاظ على التنوّع الحيوي، وإن كان ينبغي تأسيس صندوق جديد مكرّس لهذا الغرض. ويُعَدّ مستقبل الكوكب على المحكّ، وكذلك مسألة إمكانية البشرية لتغيير مسار تدمير الموائل والتلوّث وأزمة المناخ التي تهدّد نحو مليون نوع بالانقراض.

وتتضمّن مسوّدة الاتفاق أكثر من 20 هدفاً، وتشمل تعهّداً أساسياً بحماية 30 في المائة من أراضي العالم وبحاره بحلول عام 2030، والحدّ من الصيد المضرّ ودعم المنتجات الزراعية، بالإضافة إلى التعامل مع الأنواع الغازِية وخفض استخدام المبيدات.

وقال المستشار العلمي لدى "الحملة من أجل الطبيعة" ذكري عبد الحميد: "آمل أن نصل بعد كلّ ذلك إلى.. لحظة باريس"، في إشارة إلى اتفاق المناخ التاريخي (2015) الذي كان اتفاق بموجبه على إبقاء الاحترار على الأمد البعيد عند 1.5 درجة مئوية. أضاف أنّ "عقوداً من الدراسات أوضحت ما يتعيّن على العالم القيام به".

وفي غياب رؤساء دول وحكومات، سيتعيّن على أكثر من 100 وزير دفع النصّ الذي يُعمَل عليه منذ ثلاثة أعوام في اتجاه خطّ النهاية. لكنّ نجاحه ما زال غير محسوم، بعدما دفعت الخلافات بشأن تمويل قضية التنوّع الحيوي الشائكة المفاوضين من الدول النامية إلى الانسحاب ليل أوّل من أمس الثلاثاء لتتوقّف بالتالي المحادثات لفترة مؤقتة.

ويطالب الجنوب العالمي حيث التنوّع الحيوي الأكبر في العالم بصندوق للتنوّع الحيوي العالمي، وهو أمر تعارضه الدول الثرية التي تقترح بدلاً من ذلك تسهيل الوصول إلى الآليات المالية القائمة. ويعكس هذا الجدال خلافاً مشابهاً شهدته المحادثات الأخيرة التي جرت خلال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي (كوب 27) التي عُقدت في مصر في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بشأن تأسيس صندوق للخسائر والأضرار للدول الأكثر تأثّراً بتغيّر المناخ، علماً أنّه تمّ الإيفاء أخيراً بذلك.

وتسعى عشرات الدول، من بينها البرازيل والهند وإندونيسيا ودول أفريقية عديدة للحصول على تمويل قدره 100 مليار دولار أميركي سنوياً، أي ما يعادل واحد في المائة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، حتى عام 2030. ويبلغ التمويل الحالي الذي توفّره الدول عالية الدخل لتلك الأقلّ دخلاً 10 مليارات دولار سنوياً. وقد أعاد اجتماع أزمة ضمّ رؤساء الوفود، نظمته أمس الأربعاء الصين التي تترأس الاجتماع، المفاوضين إلى طاولة المحادثات بعد انهيارها.

وقال مفاوض غربي لوكالة فرانس برس، مفضّلاً عدم الكشف عن اسمه: "تريد المجموعة الأفريقية التوصّل إلى اتفاق يولي أهمية للتمويل كما هي الحال بالنسبة إلى دول نامية أخرى، لكنّ البرازيل تستخدم مسألة المال لإخراج العملية عن مسارها". وذكر المفاوض أنّ الوفد البرازيلي ما زال يتّبع سياسات الرئيس اليميني المتشدد المنتهية ولايته جايير بولسونارو المقرّب إلى حدّ كبير من قطاع الزراعة والمعارض بشدّة لخفض استخدام المبيدات. لكنّ الدول النامية شعرت بالغضب حيال ما تعدّه غياباً للطموح. وفي هذا الإطار، قال إينوسينت مالوبا، من الصندوق العالمي للطبيعة، إنّ "الأمر أدّى إلى وصول المفاوضات إلى حافة انهيار كامل".

وإلى جانب التداعيات الأخلاقية، تأتي مسألة المصالح الشخصية، إذ يعتمد 44 مليار دولار من توليد القيمة الاقتصادية، أي أكثر من نصف إجمالي الناتج الداخلي العالمي، على الطبيعة وخدماتها. وقد فشلت القمة في حشد المستوى ذاته من الاهتمام الذي جذبه مؤتمر "كوب 27" من أجل المناخ، وحضره أكثر من 100 زعيم عالمي.

تجدر الإشارة إلى أنّ مؤتمر "كوب 15" للتنوّع الحيوي يُعقَد في كندا، بعدما رفضت الصين استضافته بسبب التدابير الصارمة التي تتّخذها لتطويق أزمة كورونا الوبائية من خلال استراتيجيتها "صفر كوفيد"، ولم يحضره أيّ زعيم إلا رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

(فرانس برس)

المساهمون