استمع إلى الملخص
- **الاستجابة الطارئة والتدابير الوقائية:** شهدت مناطق جنوب غرب ليبيا سيولاً غمرت أحياءها، وأعلنت بلديات الشمال الغربي حالة الطوارئ، مع تكثيف جهود فرق الإسعاف والطوارئ.
- **التحديات المناخية والبنية التحتية:** أكد أستاذ الجغرافيا المناخية سليمان الزحاف على ضرورة صيانة السدود لمواجهة التغيرات المناخية، مشيراً إلى كارثة درنة كمثال.
حثت السلطات الليبية المواطنين على ضرورة الالتزام بتعليمات أجهزة الطوارئ والإنقاذ الصادرة في الآونة الأخيرة، وأن يتواصل ذلك خلال الأشهر المقبلة، ومن أبرزها الابتعاد عن مجاري الأودية خشية التعرض لأخطار السيول.
وأبرزت بيانات وتصريحات صادرة عن مسؤولين في حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس وحكومة مجلس النواب في بنغازي، ما أوردته نشرات المركز الوطني للأرصاد الجوية، والتي تضمنت ضرورة توخي الحذر خلال التنقل بين المناطق، وفي المناطق القريبة من الأودية، مع تأكيد الحكومتين استعدادهما لمواجهة المخاطر عبر العمل على تقليل أضرار جريان الأودية.
وعلى مدار الأسابيع الماضية، كثف المركز الوطني للأرصاد الجوية نشراته التي تحذر من تبعات التغيرات المناخية، إضافة إلى تحديد أماكن تكاثر السحب الرعدية الممطرة، والأودية التي يمكن أن تشهد سيولاً، خاصة في مناطق الشمال الغربي والجنوب الغربي.
وشهدت مناطق غات وتهاله والبركت (جنوب غرب)، سيولاً غمرت أحياءها خلال الأسابيع الماضية، ثم تجددت السيول منتصف الأسبوع الماضي، لكن آثار تلك الأخيرة كانت أقل من أضرار السيول الأولى.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر جريان أغلب أودية مناطق الشمال الغربي، ومنها العربان وترهونة ومسلاتة وبني وليد والقربولي، فيما أعلنت بلديات هذه المناطق حالة الطوارئ، قبل أن تعلن عدم تسجيل أية أضرار مادية أو بشرية بسبب عدم وصول السيول إلى المناطق المأهولة بالسكان.
وأعلنت فرق الإسعاف والطوارئ والإنقاذ النفير في صفوفها، ونشرت أرقام هواتفها على مواقع التواصل، وحددت بشكل متكرر مواقع غرفها القريبة من المناطق المتوقع هطول أمطار غزيزة فيها، أو جريان أوديتها، لتسريع عمليات الاستجابة وتوفير الدعم.
ويقول الناشط في مجال الإنقاذ عضو جمعية التيسير الأهلية، حسن بركان، إن عمليات تنظيف مجاري الأودية كانت سبباً في تغير مسارات السيول إلى مناطق بعيدة عن أحياء هذه المناطق. لكنه يؤكد لـ"العربي الجديد"، أنه "ليس بإمكان فرق الطوارئ فعل شيء سوى التحذير من المرور بالقرب من مجاري الأودية، أو توفير سيارات الإسعاف، في وقت لا تملك أي فرقة إنقاذ سيارات دفع رباعي تمكنها من الدخول إلى الأحياء التي تغمرها المياه لإجلاء أسر عالقة مثلاً".
ويثني بركان على جهود فرق الدفاع المدني الذي شكّل مجموعات بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والبلديات لتنظيف مسارات الأودية للحد من فيضانها، مشيرا إلى أن أهم أعمالها كان إزالة الركام والمخلفات من مجرى وادي المجنيين الذي يصب في وسط العاصمة طرابلس.
وفي مطلع الأسبوع الأخير، وصلت مياه وادي المجينين إلى أحياء طرابلس الجنوبية، ما تسبب في مخاوف في أوساط سكان العاصمة، لكن إدارة السدود أعلنت أنها قامت بفتح بعض قنوات سد الوادي للتنفيس الجزئي عقب تراكم مياه الأمطار فيه.
وفي مناطق جنوب غربي طرابلس، أعلنت مديريات العربان وترهونة ومسلاتة انقطاع الطرق الرابطة بينها بسبب جريان الأودية التي تتخللها، فيما أظهرت صور نشرتها تلك المديريات فرقاً أمنية تمنع سيارات المارة من الوصول إلى الطرق الرئيسية التي قطعتها السيول.
ويؤكد أستاذ الجغرافيا المناخية، سليمان الزحاف، ضرورة أن تمتد العناية بالسدود إلى إعادة البناء والصيانة المستمرة وفقاً للتطورات المناخية، ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "زيادة كميات الأمطار السنوية قد تجعل بنية السدود القديمة غير قادرة على الصمود، مثلما حدث في سدي وادي درنة اللذين لم يقدرا على مقاومة كميات مياه الأمطار الكبيرة. كارثة درنة في العام الماضي خير مثال كي يتعظ المسؤولون، وأوضاع السدود الأخرى في البلاد ليست أفضل حالا من سدي درنة".
ويلفت الزحاف إلى وجود العديد من الأسباب المناخية التي أدت إلى تقلب الطقس، ومنها الارتفاع غير المسبوق في درجات حرارة مياه البحر المتوسط، وتسببها في تكاثف أبخرة لتُشكل سحباً في المناطق الجبلية على طول القطاع الغربي للبلاد، بداية من الشمال في الجبل الغربي وصولاً إلى مناطق الجنوب.
ويضيف: "إذا كانت أسباب ارتفاع درجات حرارة البحر أمراً خارجاً عن قدرات السلطة أو المواطنين، فإن مسؤولية الانحسار الكبير في الغطاء النباتي تطاول الجميع بالنظر إلى حجم التعديات على مساحات غابية واسعة في مختلف أنحاء البلاد، إما لغرض البناء، أو حرق الأخشاب لصناعة الفحم. اعتماد ليبيا في توفير مياه الشرب على نقل المياه الجوفية من الخزانات الأرضية بالجنوب إلى مناطق الشمال تسبب في تراجع منسوب المياه الجوفية، وظهور ملامح أزمة شح مياه، ما يشكل طارئاً جديداً على بيئة ومناخ الجنوب، وهذا سبب إضافي لتقلبات الطقس التي تعيشها تلك المناطق".