يعيش عشرات مرضى "الثلاسيميا" وعائلاتهم في ريف إدلب الغربي، هذه الأيام، في ظلّ مخاوف من فقدان الحياة جراء عدم توفر العلاج الذي كانوا يتلقونه بشكل مجاني عبر مشفى "الرحمة" بريف إدلب، جراء توقف الدعم.
وقال عبد الكريم الأطرش، مقيم في ريف إدلب وربّ عائلة، يعاني أحد أبنائه الخمسة من مرض الثلاسيميا، لـ"العربي الجديد": "من أصعب ما يعيشه الأب عندما يكون طفله مريضاً أن يقف عاجزا أمامه غير قادر على تأمين العلاج له، لأنه لا يملك المال اللازم".
وأضاف الأطرش: "كان المشفى هو المنقذ لحياة طفلي وستر عجزي، كنت أقطع نحو 5 كلم حتى أصل إليها ليتم نقل الدم له ويأخذ أدويته ثم أعيده إلى المنزل، لكن اليوم لم يعد المشفى قادرا على تقديم العلاج، وأنا لا أستطيع أخذه إلى مصحة خاصة، وأقرب مشفى مجاني يبعد عشرات الكيلومترات، ما يعني تحمّل المزيد من الأعباء المادية، في وقت أجد صعوبة بتأمين طعام أسرتي اليومي".
من جانبها، قالت فاطمة زين (23 عاما)، لـ"العربي الجديد": "أعاني منذ سنوات من مرض الثلاسيميا، وهذا المرض لا علاج شافٍ منه، علاجه الوحيد نقل الدم وتناول بعض الأدوية، وأي تأخر بأخذ العلاج سوف ينجم عنه فقر الدم الشديد وتبعاته، إضافة إلى خطر الإصابة بأمراض القلب والكبد وهشاشة العظام".
وأضافت: "وضعنا المادي كغالبية القاطنين في إدلب هشّ، نعاني من الفقر الشديد، حتى الدواء أصبح رفاهية بسبب غلاء سعره، لذلك فإن الملجأ الوحيد لي ولأمثالي هو المشافي المجانية، ولكن مع تراجع الدعم هناك من يحكم علينا بالموت البطيء".
من جانبه، قال مدير مشفى "الرحمة" الطبيب أحمد غندور، في تصريح لموقع محلي، إن المشفى كان يستقبل شهرياً 120 مصاباً بمرض الثلاسيميا، جلّهم من الأطفال يُقدم لهم العلاج عبر عيادات الدم عن طريق طبيب اختصاصي في أمراض الدم، فضلًا عن إجراء التحاليل الدموية، والاستقصاءات الشعاعية، ونقل الدم، إضافة إلى الأدوية المتوفرة التي تُساعد المرضى على تخفيف الحديد الزائد في أجسادهم قبل أن يترسب في أجزاء مختلفة منه.
وأضاف: "مرضى الثلاسيميا يواجهون ظروفا صحية صعبة، بسبب توقف الدعم عن القسم ونقص الأدوية اللازمة لعلاجهم"، مبينا أن التأخير في تأمين الأدوية للقسم يؤدي إلى تفاقم حالة المرضى، ويُسبب لهم قصورا في القلب والكبد، وصولًا إلى الوفاة، حيث إن أكثر من 90% من المرضى غير قادرين على تحمّل أعباء العلاج وتأمين احتياجاتهم المتكررة من نقل الدم، فضلا عن الصعوبات التي يواجهها المرضى بالتنقل من مسكنهم إلى مكان علاجهم، وتأمين الأدوية اللازمة كـ"الأكس جيت"، الذي يصل سعره إلى 25 دولارًا أميركيًا.
ولفت إلى أن قسم الثلاسيميا يحتاج إلى كلفة تشغيلية شهرية تُقدر بنحو 10 آلاف دولار أميركي، ما بين الديزل والتحاليل المخبرية والأدوية، مشيرا إلى أن استمرار توقف الدعم عن القسم سوف يؤدي إلى إغلاق أبوابه أمام مئات الحالات.
يشار إلى أن تراجع الدعم وعدم انتظامه يسببان اختناقات متكررة في القطاع الصحي، وتكرار حالات توقف العمل في العديد من المراكز والمشافي الطبية، الأمر الذي يتسبب بتراجع الرعاية الصحية لأكثر من أربعة ملايين شخص يعيشون في إدلب وشمال غربي سورية، ما يهدد حياة الكثير منهم، في ظل تردي الأوضاع المعيشية وانتشار الفقر المدقع.