نيران الحرب التي اكتوى بجحيمها اليمنيون مُشتعلة منذ سبع سنوات ولا تزال تلتهم مستقبل الأجيال، لكن ثمّة نار أخرى اهتدت إليها الشابة اليمنية فاطمة القدسي لتخفف بها وطأة هذا الواقع المرّ، وتشعل بها شموعاً لغد مشرق ومستقبل أفضل.
اختارت فاطمة القدسي تدشين مشروعها المتعلق بصناعة البخور والعطور، بعد أن أصبحت عاطلة عن العمل. وتروي حكايتها لـ"العربي الجديد" الذي زارها في منزلها قائلة: "كنت أعمل مدرّسة في إحدى المدارس الخاصة في العاصمة صنعاء، ورغم الظروف الصعبة والراتب الهزيل الذي لم يكن يتجاوز خمسين دولاراً، فقد كنت راضية، قبل أن يتم إيقافي عن العمل".
وتضيف "أصبحت عاطلة عن العمل ومُفلسة، بعد أن نفد كل ما في حوزتي من مال، وكنت أدفع إيجار المنزل بالاستدانة من إحدى صديقاتي التي ألهمتني بالبدء في مشروع خاص، وبالفعل ذلك ما كان، بعد أن بعت المجوهرات الخاصة بي، رغم أنّ العادات والتقاليد تعيب على المرأة بيع الذهب الذي حصلت عليه في عرسها، لكن لم يكن لدي من خيار آخر".
شحذت فاطمة همّتها ومعها ذاكرتها، وبدأت في البحث عن طرق تميز مشروعها، واستفادت كذلك مما تعلمته من جدّها الذي كان مشهوراً في صناعة البخور. تتابع "استشرت بعض المقربين، الذين دعموني معنوياً، وبدأت حكايتي مع البخور، مهنة الأجداد".
أنشأت الشابة اليمنية صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وموقع التراسل "واتساب" باسم مشروع (لاري للبخور والعطور)، "وكان أول زبائني من الجيران وزميلاتي المدرّسات، إلى أن اشتهرت منتجاتي، وأصبحت أربح في قرص البخور الواحد مثلما كان راتبي في المدرسة (50 دولاراً)"، كما تقول.
وتشير إلى أنّ وسائل التواصل الاجتماعي ساعدتها في إشهار منتوجاتها، وصار عدد الزبائن يزداد يومياً. "أحاول أن أجتهد قدر الإمكان في منتجاتي، بالحرص على الجودة، وباستثمار التراث اليمني مع ما يتناسب ومتطلبات العصر، وأستهدف العرائس بشكل كبير، كما أقدم العديد من الهدايا لتشجيع الناس وزيادة الإقبال".
وتؤكد القدسي "خلال فترة قصيرة حققّت نجاحاً كبيراً وزاد الطلب على البخور، قمت بإرسال الكثير منه إلى دول الخليج عبر المسافرين أو عن طريق شركات الشحن، وافتتحت نقطة بيع في أحد المولات بصنعاء حتى أسهل عملية الشراء، كما أقدّم عينات مجاناً لكل من يريد أن يجرب قبل الشراء".
وبالنسبة للأسعار، فإنها تتفاوت بحسب الحجم والنوعية، وتبدأ من خمسة دولارات وتصل إلى مائتي دولار.