حرب المعادن

18 أكتوبر 2022
لا يستفيد عمال المناجم من الثروات المستخرجة (جيمس واكيبيا/Getty)
+ الخط -

لا أحد يعرف إلى أي مدى ستتأثر البيئة في أفريقيا بحرب المعادن، وفيما يتواصل انشغال العالم بالنفط والذهب واليورانيوم والماس، ظل البعض يبحث عن معادن أخرى حاسمة في سياق التطور الصناعي. ولا أدري أهو حسن حظ أم من سوء الحظ أن تكون معظم هذه المعادن في عدد محدود من الدول الأفريقية.
تحتل زيمبابوي مثلاً قائمة الدول المنتجة لمعدن "الليثيوم" الذي يستخدم في أغراض تصنيع السيارات الصديقة للبيئة، ويستخدم "الكوبالت" في صناعة بطاريات السيارات والهواتف الذكية وتوربينات الرياح، وفي الكونغو وحدها 70 في المائة من المخزون العالمي لهذا المعدن الثمين، وهي أيضاً تنفرد بنحو 80 في المائة من مخزون "الكولتان"، كما تتشارك زامبيا وزيمباوي وجنوب أفريقيا في إنتاج نسبة عالية من "النيكل".
باتت الصين تستحوذ على نحو 80 في المائة من إمدادات هذه المعادن على مستوى العالم، ما دعا دولاً أوروبية وآسيوية وأفريقية إلى عقد "شراكة الأمن المعدني" إلى جانب أميركا التي باتت تعتبره من أولويات الأمن القومي.
في ظل هذا السباق، تصبح بيئات أفريقية عديدة عُرضة للإهلاك، وتتهدد المنظومات البيئية العديد من التدخلات السافرة للتعدين في تلك البيئات البكر، ويتفق كثيرون على أن القبضة الاستعمارية على الموارد لم تنته بنيل تلك الدول استقلالها، فقد اشتد النشاط الاستخباري العالمي من خلال التحكم في قيادات الدول، الأمر الذي يبقيها مصدراً للموارد من دون أن تذهب عائداتها إلى تطوير البيئة، أو منح التعويض الكافي للسكان المحليين.
لا أحد يضمن ألا تدخل عمليات التنقيب عن المعادن ضمن مخططات التنمية للدول الفقيرة، وقد ظلت غابات أفريقيا لعقود طويلة تحافظ على استقرار المناخ العالمي من خلال امتصاص الكربون وتخزينه، ومن شأن الاقتراب منها تهديد الحياة في العالم كله.

موقف
التحديثات الحية

مؤخراً، اشتعلت التهديدات، كما حدث في الكونغو من اتجاه للتمدد الزراعي في مواقع التربة العضوية. ويؤكد الخبير في أراضي التربة العضوية في الكونغو، ساسبينس إيفو، أن "التربة العضوية ذات أهمية بالغة في سياق التغيُّر المناخي، إذ تحتوي على كمية هائلة من الكربون المخزّن تبلغ نحو 30 مليار طن، وفي حال إطلاقها فسوف تسرّع من وتيرة التغيّر المناخي على مستوى العالم".
لا يعرف كيف سيكون الأمر في المستقبل، لكن الطلب على المعادن النادرة يدعم توقعات اندلاع حرب تنافسية، ويقول كوفي كواكو، الباحث في مركز الدراسات الأفريقية الصينية في جامعة جوهانسبيرغ، إن "ثمّة معركة محتدمة بين أميركا والصين في أفريقيا".
ولنا أن نتساءل: كيف يستقيم أن تقوم صناعة السيارات الصديقة للبيئة على تدمير منظومات بيئية كاملة؟


(متخصص في شؤون البيئة)