جون كيري يدير "الحركة الخضراء" العالمية بآلاف الملوّثات

08 اغسطس 2022
أنتجت طائرة المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري آلافاً من الملوثات (أليكس براندون/ فرانس برس)
+ الخط -

 

من أجل تنفيذ مهمات المبعوث الأميركي الخاص للمناخ من أجل التوعية بأضرار انبعاثات الكربون، استخدم جون كيري طائرته الخاصة بلا اكتراث بالانبعاثات التي تطلقها، وبمساهمتها في زيادة التلوّث، وليس الحدّ منه.

رغم أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تولي اهتماماً لافتاً لمسألة التغيّر المناخي، سواء من خلال الخطط التي تقدمها، وآخرها رصد مزيد من الأموال الفيدرالية لمواجهة تأثيرات التغيّر في الولايات المتحدة الأميركية، أو من خلال محاولتها التأثير في قرارات المجتمع الدولي، وحث الحكومات على زيادة الالتزام بخفض انبعاثات الكربون، إلا أن هذه الجهود تبقى موضع تساؤلات وترقب، خاصة إذا جرت مقارنتها بالأدوات المستخدمة في تنفيذ هذه السياسة.

فعلياً، يطبق المبعوث الخاص لبايدن لشؤون مكافحة التغيّر المناخي، جون كيري، معايير مزدوجة في تنفيذ المهمة الموكلة إليه، فالطائرة الخاصة التي يستخدمها في مهمات تعزيز التوعية بأضرار انبعاثات الكربون لا تراعي متطلبات تقليص الانبعاثات، بل تزيد التلوّث. ونقلت شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأميركية عن بيانات فيدرالية أميركية أن "كيري سافر إلى أكثر من 48 وجهة، آخرها المكسيك في 14 يوليو/ تموز حين التقى الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ومسؤولين حكوميين من أجل مواصلة تسريع التعاون في معالجة أزمة المناخ. وهذه المهمات أنتجت مئات الآلاف من ملوّثات الهواء.

وتفيد بيانات نشرتها شركة "جيت ستريم" المتخصصة في صنع الطائرات بأن كيري استخدم خلال رحلاته كمبعوث للمناخ طائرة عائلته الخاصة، وهي من طراز "غولفستريم جي آي في، إس بي كاي" مخصصة لرحلات الأعمال، وتتسع لعدد يتراوح بين 9 أشخاص و12 شخصاً، وتستخدم 455 غالوناً من الوقود في الساعة الواحدة تنتج 11.900 رطلاً على الأقل في الساعة من ثاني أكسيد الكربون.

ومنذ أن تسلم مهمات منصبه، إثر تولي إدارة بايدن السلطة في يناير/ كانون الثاني 2021، نفذ كيري 48 رحلة لمدة أكثر من 60 ساعة، ما يعني أنها أنتجت 714 ألف رطل من ثاني أكسيد الكربون على الأقل في الرحلة الواحدة. وكانت وكالة حماية البيئة الأميركية قد أصدرت قبل تعيين كيري في منصبه تقارير عدة حذرت من استخدام الطائرات الخاصة. وكشفت دراسة أجرتها أن الطائرات التجارية وطائرات الأعمال الكبيرة تساهم بنسبة 10 في المائة من انبعاثات النقل في الولايات المتحدة، وتمثل 3 في المائة من إجمالي إنتاج الغازات المسببة للاحتباس الحراري في البلاد.

وقد عيّن بايدن الدبلوماسي والسياسي كيري لقيادة منصب مهم على أجندة البيت الأبيض، يتعلق بالتوعية بسياسة المناخ، وكيفية المساعدة في الحدّ من التدهور البيئي. لكن عمل كيري واجه انتقادات أهمها تنفيذه مهماته من خلال السفر حول العالم لحضور مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة بالمناخ ومنتديات أخرى، ولقاء رؤساء دول.

وعلّق المدير التنفيذي لشركة "باور ثو فيوتر" المتخصصة في الطاقة دانييل تورنر، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز ديجيتال"، قائلاً": "المشكلة مع أشخاص مثل كيري يديرون الحركة الخضراء أنهم يستخدمون سلطات الحكومات في شكل مزدوج، ففيما يحاولون التأثير على الرأي العام بعدم استخدام الوقود الأحفوري، يعتبرون في طليعة ملوّثي البيئة".

وأورد تقرير أصدرته مجلة  "ناشيونال ريفيو" الأميركية العام الماضي، أنه "من المستغرب جداً استخدام كيري طائرته الخاصة للانتقال إلى أي مكان يرغب به حتى داخل الولايات المتحدة، في وقت يعلم أن الطائرات الخاصة تطلق انبعاثات مضرّة بالبيئة أعلى من تلك التجارية".

الصورة
الطائرات التجارية وتلك للأعمال الكبيرة تساهم بـ 10 في المائة من انبعاثات النقل في أميركا (جارود هاريس/ Getty)
الطائرات التجارية وتلك للأعمال الكبيرة تساهم بـ 10 في المائة من انبعاثات النقل في أميركا (جارود هاريس/ Getty)

من جهته، يوضح موقع "كاربون إنديبندنت" البريطاني المتخصص في شؤون البيئة والمناخ أن طائرة بوينغ من حجم 747-400 المستخدمة للرحلات الدولية لمسافات طويلة، أي التي تطير لمسافات تصل إلى 5556 كيلومتراً، تستخدم ما لا يقل عن 59.6 طناً من الوقود في رحلتها، أي أن استهلاك المسافر للوقود في الكيلومتر قد يصل إلى ما يقارب 32.2 غراماً، إذا كانت الطائرة تتسع لنحو 333 راكباً. وإذا كان المسافر يستخدم نحو 32.2 غراماً من الوقود في الكيلومتر الواحد، يبقى علينا معرفة ما ينتجه ذلك من ثاني أكسيد الكربون. القاعدة العامة تشير إلى أن كل غرام من الوقود ينتج 3.15 غرامات من ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي، فإن المسافر ينتج نحو 101 غرام من ثاني أكسيد الكربون، لكل كيلومتر من الطيران.

من هنا، يمكن مقارنة ما ينتجه كيري في طائرته الخاصة مع ما تنتجه الطائرة التجارية. ويظهر أن كيري، وخلال استخدامه طائرته الخاصة، كان ينتج 714 ألف رطل على الأقل في الرحلة الواحدة، ما يعني نحو 323 مليون غرام من ثاني أكسيد الكربون، على اعتبار أن كل رطل يساوي تقريباً 453 غراماً. من هنا يظهر الفرق، ففي الطائرة التجارية يصل إنتاج الراكب الخاص بثاني أكسيد الكربون إلى نحو 101 غرام في الكيلومتر الواحد، أي نحو 561 كيلوغراماً في الرحلة الواحدة، أي ما يساوي تقريباً 27 ألف كيلوغرام لنحو 48 رحلة طويلة، فيما استخدم كيري في طائرته الخاصة وخلال 48 رحلة نحو 258 ألف كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون.

وكان كيري قد قال خلال زيارة القاهرة في فبراير/ شباط الماضي، ضمن تحضيرات مص لاستضافة قمة "كوب 27" للمناخ المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إن "مهمة العام الحالي تشمل إشراك مزيد من الدول في وضع أهداف طموحة لمعالجة تغيّر المناخ، وتنفيذ تعهّدات مؤتمر "كوب 26" الذي عُقد في إسكتلندا العام الماضي، وقال: "لا مجال للسياسة والمذاهب الفكرية فالأمر يتعلق بتهديد كوكبنا، والمأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه، يحتم تحرّكنا بسرعة كبيرة".

المساهمون