جامعات الإدارة الذاتية هياكل بلا محتوى

14 ابريل 2021
الجامعة من المتوقع أن تستقبل الطلاب في أكتوبر (دليل سليمان/ Getty)
+ الخط -

أعلنت الإدارة الذاتية في مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في شمال شرقي سورية، عن تحضيرات لتأسيس جامعة جديدة ستكون الثالثة، تحت اسم "جامعة الشرق"، وذلك على موقعها الرسمي في السابع من إبريل/ نيسان الجاري. والجامعة التي تفتح أبوابها إدارياً في أغسطس/ آب المقبل، من المتوقع أن تستقبل الطلاب في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري، علماً أنّ العمل جارٍ على تأهيل مبنى كلية العلوم (سابقاً) في الرقة ليُخصص للجامعة الجديدة. وأوضح المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية أنّ هذه الجامعة تهدف إلى رفع مستوى التعليم والبحث العملي، وسوف تسقبل جميع أبناء سورية في عدد من الكليات والمعاهد، منها كلية الآداب وفيها قسم الأدب العربي، وكلية العلوم، وكلية التربية، بالإضافة إلى كليات الرياضيات والفيزياء والكيمياء. أمّا المعاهد فهي المعهد الإداري المالي، ومعهد الحاسوب، ومعهد اللغات. وتطمح الجامعة إلى تحقيق الريادة والتميّز والارتقاء إلى مصاف الجامعات العالمية. وتلتزم "جامعة الشرق" وفقاً للمجلس التنفيذي بشروط مفروضة على الطلاب، منها التدريس المباشر في مقرّ الجامعة الرئيسي وفروعها، بالإضافة إلى نظام الدوام الإجباري، والتدريس بطريقة حديثة من خلال الاعتماد على  البحوث العملية ونظام "الكورسات" (الفصول). كذلك يُصار إلى إجراء تقييم دوري للطلاب والأساتذة لقياس مدى نجاح العملية التعليمية وتطوّرها.

في المقابل، ثمّة من يرى أنّ جامعة جديدة في مناطق الإدارة الذاتية لن تختلف عن تجربة "جامعة روج آفا" في القامشلي. وتقول جوليا وهي طالبة في الجامعة فضّلت عدم الكشف عن هويتها كاملة، لـ"العربي الجديد"، إنّها "فقيرة من كلّ النواحي. وثمّة تضخيم للواقع من قبل الإدارة الذاتية في ما يخص هذه التجربة"، مضيفة أنّ "الجامعة هي عبارة عن هياكل من دون المحتوى العلمي المطلوب، فضلاً عن عدم الاعتراف بالشهادات الصادرة عنها. يُضاف إلى ذلك ضعف الكادر التعليمي". وتشرح جوليا أنّ "المدرسين لا يملكون شهادات علمية تؤهلهم للتدريس الجامعي، بالإضافة إلى أنّ التجربة السابقة لم تستوفِ أيّ معايير تعليمية ولم تلبّ أيّ غرض تعليمي"، مؤكدة أنّ "لا معايير ولا برامج علمية تطبّق فيها، ولا حتى خطط لتطويرها حتى تتمكن من تخريج كوادر وفق ضوابط علمية واضحة". في سياق متصل، يتحدّث مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" عن "محاولة توأمة بين جامعة الشرق وجامعة هارفارد الأميركية،  لكنّ الأخيرة اعتذرت عن هذه التوأمة بسبب عدم ارتقاء جامعة الشرق إلى المستوى". يضيف أنّ "تجربة جامعة "كوباني" وتجربة جامعة "روج آفا" تدلان على عدم وجود خطوات جدية للنهوض بالتعليم في مناطق الإدارة الذاتية، على الرغم من توفّر الموارد والدعم الدولي، خصوصاً في هذا النوع من المشاريع التي تتطلب في الأصل عملاً منظماً وتخطيطاً جيداً". ويشدد المصدر المطلع نفسه على أنّ "هدر سنوات من حياة الطلاب ليحصلوا على شهادات غير معترف بها، هو جريمة تُرتكب بحقهم". من جهته، ينتقد سليمان علي، وهو من أبناء الرقة، طريقة تعاطي الإدارة الذاتية مع تلاميذ المدارس في مناطق سيطرتها، مطالباً بـ"تأهيل كادر تدريسي لتلاميذ المرحلة الابتدائية في حين أنّ المدرّسين لا يملكون الكفاءة العلمية ولا الخبرة، وبعد ذلك في إمكانها التفكير في الجامعات".

تجدر الإشارة إلى أنّ التجربة الأولى للإدارة الذاتية في مجال التعليم الجامعي كانت مع "جامعة روج آفا" التي افتتحت في يوليو/ تموز من عام 2016، علماً أنّها لم تحصل بعد على أيّ اعتراف دولي منذ نشأتها. أمّا التجربة الثانية فمع "جامعة كوباني" التي افتتحت في سبتمبر/ أيلول من عام 2017، وضمّت كليتَين فقط هما كلية العلوم الأساسية وكلية الآداب، مع العلم أنّها كذلك لا تحظى باعتراف بالشهادات الصادرة عنها.

المساهمون