ثلثا خريجي التمريض في غزة لا يجدون عملاً

27 اغسطس 2023
مئات الممرضين يبحثون عن عمل في غزة (محمد الحجار)
+ الخط -

تخرجت سعاد علي (29 سنة) من كلية التمريض في الجامعة الإسلامية عام 2016 بتقدير جيد جداً، وعملت متطوعة لمدة عام في أحد المستشفيات الحكومية، من أجل الحصول على وثيقة تدريب عملي تضيفها إلى ملفها خلال التقدم للوظائف التي تطرحها الحكومة أو المستشفيات الخاصة لتعيين ممرضين.
على مدار 7 سنوات، لم تحصل سعاد على فرصة عمل، وتؤكد أنها وفقت عدة مرات في مقابلات العمل، لكنها لا تزال تنتظر دورها في التوظيف، بعد أن نجحت في امتحانات القبول، ما اضطرها إلى بدء العمل في رعاية المسنين بإحدى الجمعيات الخيرية مؤخراً، رغم أن المقابل المادي لا يكفي مصاريفها اليومية.
تقول علي لـ"العربي الجديد": "يستهوي التمريض الشابات في فلسطين، لأنه مهنة إنسانية، وتناسب الإناث في مجتمع ظروفه صعبة. كنت أعتقد قبل دخول كلية التمريض أن الوظيفة مضمونة مقارنة مع التخصصات الأخرى، وغالبية من ينهون الثانوية العامة يميلون إلى دراسة تؤهلهم للتوظيف، حتى لو كانت بعيدة عن رغباتهم، لكن واقع التوظيف صادم".
ورغم كون مجتمع قطاع غزة عرضة للحروب والأزمات السياسية والإنسانية بحكم الحصار المتواصل، والعدوان الإسرائيلي المتكرر، وبالتالي حاجته المتواصلة إلى الطواقم الطبية لرعاية أصحاب الأمراض المتنوعة، فإن هناك أزمة توظيف كبيرة في القطاع الطبي منذ سنوات.

مئات الممرضين يبحثون عن عمل في غزة (محمد الحجار)
توظيف الممرضين أزمة قائمة في غزة (محمد الحجار)

وأصدرت نقابة التمريض الفلسطينية بياناً لتنبيه الطلبة الجدد الراغبين في دراسة التمريض إلى الأزمة، ما شكل صدمة لكثيرين، إذ تشير الأرقام إلى وجود 14200 ممرض وممرضة في قطاع غزة، وأن 65 في المائة منهم لا يعملون، بينما تشير الأرقام إلى أن عدد من يدرسون التمريض حالياً يتجاوز 5000 طالب وطالبة. 
وأوضحت النقابة، في البيان، عدم قدرة المؤسسات العامة والخاصة على التوظيف، رغم حاجة القطاع الدائمة إلى الطواقم الطبية، لكن الأزمة الاقتصادية تؤثر في إمكانيات تعيين موظفين جدد، محذرة من أن الوظائف المتاحة في قطاع التمريض في قطاع غزة معظمها حكومية، وأن عددها محدود مقارنة بالأعداد المتراكمة من الخريجين الذين يتنافسون على فرص العمل.

تستغل بعض المؤسسات حاجة الممرضين إلى العمل (محمد الحجار)
تستغل بعض المؤسسات حاجة الممرضين إلى العمل (محمد الحجار)

لم يفاجئ البيان رفعت حسنين (32 سنة)، والذي عمل ممرضاً بأحد المستشفيات الخاصة لمدة عام ونصف العام، ولم يتلق راتبه سوى في خمسة أشهر فقط، كما لم يحصل على فرصة توظيف رسمية. يشعر حسنين بالندم لدراسته تخصص التمريض، ويؤكد دور الواسطة في إلحاق الممرضين بالوظائف الحكومية، وأنه كان شاهداً على ذلك، إضافة إلى استغلال القطاع الخاص كثيراً من الممرضين بحجة الظروف الاقتصادية الصعبة، عبر منحهم رواتب ضئيلة، وأنه شخصياً ينتظر الحصول على مستحقاته بعد اللجوء إلى محام للتعامل مع إدارة المستشفى، وفي حال عدم الحصول عليها، فإنه سيرفع قضية أمام المحكمة.
يقول حسنين لـ"العربي الجديد": "تقدمت لوظيفة ممرض في أكثر من 10 أماكن خلال العامين الأخيرين، وهناك مستشفيات خاصة تتبع لأحزاب أو جمعيات كانت تحتاج إلى واسطة للحصول على الوظيفة، لكني أنتمي إلى عائلة بسيطة، ولا نعرف واسطات، وقد نصحني الكثير من أصدقائي بالبحث عن واسطة في المنطقة. لا يوجد احترام للممرض، ولا لغيره، لدي شقيق مهندس إلكترونيات، وهو الآخر عاطل عن العمل منذ 7 سنوات، وخلال محاولات الحصول على أي فرصة عمل، تعرضت للكثير من الاستغلال".

ويسعى كثير من دارسي التمريض في قطاع غزة إلى خوض فترة تدريب في المستشفيات العامة أو الخاصة خلال العام الدراسي الأخير، وتتراوح تلك الفترة ما بين عام إلى عام ونصف، وبعضهم يقدم طلباً لإدارة المستشفى لتمديد الفترة أملاً في الحصول على وظيفة. من بين هؤلاء فادي اللبان (28 سنة)، والذي خاض فترة تدريب خلال مسيرات العودة الكبرى، وحصل على خبرة جيدة في التعامل مع الحالات الطارئة.

يقول اللبان لـ"العربي الجديد": "حصلت على فترة تدريب في مستشفى الشفاء لمدة عام ونصف، كما أعمل متطوعاً مع إحدى العيادات الطبية التابعة لمؤسسة خيرية، وكنت أتقاضى أجراً على تطوعي لفترة، لكن بعدها جرى الاستغناء عني لعدم قدرة الجمعية على تغطية مصاريفها بسبب قلة الدعم، وحالياً ألاحق أي فرصة عمل في قطاع التمريض. العمل في مستشفيات غزة يجعلنا نعمل ضمن خطة طوارئ دائمة، ويؤهلنا للعمل المحترف في مجالنا، لكن لا يوجد ضمان مالي ولا مستقبلي، ولدي شقيق يعمل في أحد مستشفيات السعودية، وحصل على شهادات تقدير كثيرة لالتزامه وتميزه، وأحلم حالياً بأي فرصة عمل خارج قطاع غزة".
 

المساهمون