تونس: حفر الآبار أحد بدائل أزمة نقص المياه

29 مايو 2023
أزمة جفاف متفاقمة في تونس (ياسين جايدي/ الأناضول)
+ الخط -

تعاني سدود تونس من نقص كبير في الموارد المائية بسبب الجفاف، وتراجع كميات الأمطار المتساقطة خلال فصل الشتاء، ما دفع الحكومة التونسية إلى اتخاذ جملة من القرارات لترشيد استهلاك المياه.
واتّخذت شركة توزيع المياه قراراً يقضي بقطع المياه الصالحة للشرب ليلاً في أنحاء البلاد، واعتماد نظام الحصص في التوزيع حسب متطلبات كل جهة، وبدأت منذ شهر إبريل/ نيسان الماضي في تنفيذ القرار عبر قطع الماء من الساعة العاشرة ليلاً حتى الخامسة صباحاً بهدف ترشيد الاستهلاك.
وحسب وزارة الزراعة، فمنذ سبتمبر/ أيلول الماضي تم تسجيل تساقطات تقدر بـ110 ملايين متر مكعب من الأمطار، ما يعني نحو خمس المعدّل الطبيعي. واعتبر العام الماضي الأكثر جفافاً في تونس، كما سجّلت السدود انخفاضاً كبيراً في الكميات المخزّنة إلى نحو مليار متر مكعب، ما يعادل 30 في المائة من الطاقة القصوى للتخزين.
وعلى الرغم من كمية التساقطات التي شهدتها تونس منذ بداية شهر مايو/ أيار، وتحسن وضع بعض السدود، إلا أنّ العديد من الخبراء يؤكدون أن تلك التساقطات لن تفي بالغرض، وأن البلاد ما زالت تواجه خطر نقص المياه، خصوصاً في محافظات الجنوب التي لم تشهد تساقطات كافية منذ العام الماضي، كما لا يوجد فيها أية سدود. في المقابل، تعاني السدود القائمة من ارتفاع منسوب الرواسب بها، مما لا يمكنها من الاحتفاظ بكميات كبيرة من المياه.
وأعلنت شركة توزيع المياه عن إنجاز حفر عدد من الآبار العميقة الجديدة في عدة محافظات لتوفير موارد مائية إضافية، خصوصاً في تطاوين، وقفصة، وصفاقس، ومدنين، لتجنب إشكاليات النقص الكبير في توزيع المياه في مناطق عدة بتلك المحافظات التي تشهد جفافاً يضرب جميع محافظات الجنوب التونسي، ويتوقع أن تتزايد تداعيات هذا الجفاف خلال فصل الصيف.

وحسب الشركة، فقد تم حفر بئرين عميقتين في محافظة صفاقس، ودخلتا حيز الاستغلال منذ إبريل الماضي، ويجرى حفر بئرين أخريين، وينتظر دخولهما حيز الاستغلال خلال الفترة القليلة المقبلة، مع تخطيط أعمال حفر بئرين قريباً في ذات المحافظة التي تعتبر من بين أكثر مناطق البلاد خللاً في الموازنات المائية بسبب ارتفاع عدد السكان. ستوفر تلك الآبار قرابة 300 لتر من المياه في الثانية، الأمر الذي يغطي حاجات العديد من مناطقها، ويتجاوز العجز المائي الذي تشهده خلال السنوات الماضية.
وأعلنت شركة توزيع المياه حفر آبار جديدة في محافظة قفصة لتدعيم مواردها المائية، كما جرى حفر عدد من الآبار في جهات مختلفة، من بينها قرى وأرياف، وتزويدها بمضخات لتوزيع المياه على السكان، إضافة إلى برمجة حفر آبار جديدة في قفصة ومدنين وقبلي، وخصوصاً في المناطق التي تضم تمركزاً سكانياً كبيراً.

يهدد الجفاف المناطق الريفية في جنوب تونس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
يهدّد الجفاف المناطق الريفية في جنوب تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

وأكدت الشركة أنّ "حفر الآبار ليس الحل، بل هي حلول وقتية في انتظار إنجاز العديد من المشاريع المبرمجة، ومن أهمها مشروع محطة تحلية مياه البحر بقرقور، والذي بلغت نسبة أشغاله نحو 30 في المائة، وإنجاز محطة جديدة لتعزيز الموارد المائية الجوفية بجزيرة قرقنة".
وتؤكد وزارة الزراعة أنها ستتصدى لأي عمليات لحفر آبار عشوائية من قبل الأفراد من دون الحصول على تراخيص من الجهات المعنية، وذلك للتصدي لاستنزاف المخزون المائي، خصوصاً من قبل الفلاحين الذين يحفرون الآبار لاستغلالها في الري، والسماح فقط لمن يتقدم بطلب ترخيص حفر بئر.
وشهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في عدد الآبار العشوائية التي يتم حفرها في الأرياف، فضلاً عن اكتشاف آلاف الآبار العشوائية في المناطق الحضرية، والتي حفرها السكان كحل لتكرار انقطاع مياه الشرب، لا سيما في فصل الصيف.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأكد رئيس المرصد التونسي للمياه علاء مرزوقي، لـ"العربي الجديد"، أن "الآبار العشوائية كارثة كبيرة، إذ تهدد المخزون المائي، ويفضل العودة إلى تخزين المياه بالطرق التقليدية، على غرار اعتماد (الفسقيات) و(المواجل) التي تحفر في الأرض في شكل بيوت لتخزين مياه الأمطار، لاستغلالها في الغسيل والري وغيرهما من الاستعمالات التي من شأنها أن تخفف الضغط على شبكة المياه، كما أنها مياه مجانية لا تكلف المواطن أو الفلاح أي شيء، لأنها بالأساس مياه أمطار مخزنة، ويمكن لتلك المواجل أن تملأ في فصل الشتاء، والمياه المخزنة فيها يمكن أن تكفي طيلة السنة حسب الاستهلاك".
ويضيف مرزوقي: "بعض المواجل مكلفة، خصوصاً الكبيرة منها، وهي مخصصة أساساً لري المزروعات، وعلى وزارة الزراعة أو بنك التضامن تقديم تسهيلات مالية للفلاحين لتشجيعهم على حفر المواجل التي لم تكن تغيب عن أي بيت ريفي أو أرض فلاحية في السابق، وحتى عن بعض بيوت المدن".

المساهمون