تونس: جمعيات تطالب بحق المرأة في الإجهاض

18 يوليو 2022
تطالب بحق النساء في الإجهاض (العربي الجديد)
+ الخط -

ترى العديد من الجمعيات النسائية في تونس أنه يحقّ للمرأة وحدها تقرير مصير جسدها. وتدافع عن حق المرأة في اتخاذ قرار الإجهاض بنفسها، سواء كانت عزباء أو متزوجة، وإن تجاوز سن الطفل في بطنها الأربعة أشهر، ما لم يكن لذلك تأثير على صحتها.
وخلال السنوات الأخيرة، دافعت العديد من الجمعيات والناشطات عن حق المرأة في الإجهاض، خصوصاً بعد الثورة، مطالبين البرلمان بضرورة تغيير القانون المنظم لعملية الإجهاض ليُصبح حقاً غير مقيّد بأي شروط، فلكل امرأة تريد التخلي عن جنينها أسبابها الخاصة التي لا يجب أن تجبر على الإفصاح عنها.
لا يمنع القانون التونسي الإجهاض، بل إن البلاد شرّعت هذا الفعل منذ عام 1973. ويصف القانون الإجهاض "بأنه إسقاط حمل قبل موعد إتمام خلقه أو قبل موعد ولادته". ويجيز الفصل 214 من المجلة الجزائية "إسقاط الجنين في حالتين؛ إذا لم تتجاوز مدّة الحمل الثلاثة أشهر الأولى، أو يرخص فيه بعد الثلاثة أشهر إذا ما كان يُخشى من أن يتسبب تواصل الحمل في انهيار صحة الأم. وفي كلا الحالتين، لا بد من إسقاط الحمل في مستشفى أو مصحّة مرخص لها بواسطة طبيب مباشر لمهنته بصفة قانونية، تجنباً لأي خطر على صحة الأم".
وينصّ القانون أيضاً على أنه "في ما عدا هذين الاستثناءين، يمنع القانون الإجهاض أو محاولة إسقاط الحمل ولو برضى الحامل نفسها". ويعاقب القانون "استعمال جميع الوسائل من أطعمة ومشروبات وأدوية أو وسائل أخرى لإسقاط الحمل، وبالسجن أو الغرامة أو بإحدى العقوبتين، الأم المعنية بالأمر ومن ساعدها أو أشار إليها بذلك". كما ينصّ على أن "تعاقب المرأة على جريمة الإجهاض تحت أيّ ظرف، سواء استخدمت وسيلة منزلية للإجهاض أو توجهت إلى مركز مجهز، بالسجن لمدّة عامين وغرامة مالية قدرها 650 دولارا. كما يعاقب بالسجن والغرامة المالية من ساعدها على ذلك من أهل وأقارب والطبيب الذي أجرى العملية أو الصيدلي الذي باع دواء الإجهاض. ويعاقب بالسجن لمدّة 5 سنوات وغرامة مالية قدرها 3500 دولار كل من ساعد على الإجهاض. وتشدد العقوبة لتصل إلى 10 سنوات لمن ساعد على الإجهاض وله سلطة طبية بأداء الإسقاط أو إعطاء أدوية تساعد فيه".

وتضطرّ العديد من النساء الراغبات في الإجهاض، خصوصاً ممن تجاوزت مدّة حملهنّ الثلاثة أشهر، إلى الذهاب إلى العيادات الخاصة المخالفة للقانون والساعية لتحقيق أرباح مالية كبيرة. وتُفضل العديد من العازبات الاحتفاظ بالجنين، على الرغم من الوصمة الاجتماعية بسبب الإنجاب خارج إطار الزواج. وبحسب الإحصائيات الرسمية، يتم سنوياً تسجيل أكثر من 1500 طفل لأمهات عازبات.

تطالب بحق النساء في الإجهاض (العربي الجديد)
القانون يحرم المرأة من حرية تقرير مصير جنينها (العربي الجديد)

وترى الجمعيات النسائية أنّ القانون في تونس وإن شرّع عملية الإجهاض بشروط، إلا أنه يحرم المرأة من حرية تقرير مصير جنينها ويحدّ من حريتها في التصرّف في جسدها، خصوصاً أن بعض النساء الراغبات في الإجهاض يلجأن إلى ذلك بسبب عدم القدرة على تحمّل أعباء طفل جديد.
وأدركت الأربعينية رفيقة، وهي من محافظة صفاقس، أنها حامل بعد مرور ثلاثة أشهر على حملها بسبب عدم انقطاع الدورة الشهرية. وتقول لـ "العربي الجديد" إنها "لم تنجح في إقناع الأطباء برغبتها في الإجهاض بعدما قارب الجنين على إكمال شهره الرابع في بطنها ويمنع القانون الإجهاض، وخصوصاً أن القانون لم يكن يشكل خطراً على حياتها". اضطرت رفيقة إلى الإجهاض بطريقة غير قانونية، لأنها غير قادرة على تحمّل مسؤولية طفل رضيع وهي في الأربعين من العمر. كما أن أوضاعها المادية وزوجها لا تسمح لها بإنجاب طفل آخر.
وعلى الرغم من أن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشريّ قد أكد أن عدد حالات الإجهاض في تونس بلغ 17 ألف حالة سنوياً، 13 ألف منها تُجرى في مراكز الصحة الحكومية، فقد أكدت الجمعيات أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً لسياسة الدولة في مجال الصحة الإنجابية والتنظيم العائلي، خصوصاً بعد فقدان حبوب منع الحمل واللولب الرحمي وغيرها من الوسائل من العديد من المستشفيات والمؤسسات الصحية.

تطالب بحق النساء في الإجهاض (العربي الجديد)
قلصت الحكومة من الميزانية المرصودة للصحة الإنجابية والجنسية (العربي الجديد)

مؤخراً، دعت 14 جمعية و15 ناشطة حقوقية في بيان مشترك، إلى ضرورة أن يكفل الدستور الجديد للنساء التونسيات الحق في الإجهاض القانوني والآمن وصحة جنسية وإنجابية. وطالبت في بيان صادر عنها "المؤسسات الحكومية بأن تحفظ لنساء تونس حقوقها الجنسية والإنجابية، خصوصاً حق الإجهاض القانوني والآمن في رعايته والدفاع عنه وتطبيقه"، مؤكدة "أنها لاحظت ارتفاع نسب الامتناع عن القيام بعمليات الإجهاض وتقليص الحكومة من الميزانية المرصودة للصحة الإنجابية والجنسية إذ لا تعتبرها من أولوياتها".

كما أكدت المنظمات تراجع معدّل استخدام وسائل منع الحمل بنسبة تقارب 50 في المائة، معتبرة أن "النفاد المتكرّر لمدخرات موانع الحمل الآمنة والناجعة مثل حبوب الأستروجين والبروجسترون وحبوب منع الحمل الطارئ والواقي الذكري ومنتجات الإجهاض الدوائي يحرم مستعملي ومستعملات هذه الوسائل من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية".
وسبق لجمعية النساء الديمقراطيات أن أكدت أن الجمعية رصدت حالات في مناطق مختلفة من البلاد لنساء لم يستطعن التمتع بحقهن في الإجهاض رغم أن المشرع التونسي يسمح لهن بذلك، وذلك لقناعة بعض الإطارات الطبية بأن الإجهاض محرّم، وبسبب الخطاب الديني الذي يؤكد أن الإجهاض محرّم دينياً. كما سبق أن دعت الجمعية إلى سحب المنشور المؤرخ في العاشر من أغسطس/آب 2018 والمتعلق بوجوب الإعلام عن حالات الحمل والولادة خارج إطار الزواج، نظراً لتعارضه مع مقتضيات الدستور المتعلقة باحترام الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية.

المساهمون