تونس: المهاجرون في أحياء هامشية بحثاً عن سكن آمن

10 اغسطس 2022
في خلال اعتصام سابق لمهاجرين يطالبون بحقوقهم الدنيا في تونس (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

ما زال الحصول على الحقّ في السكن أمراً بعيد المنال بالنسبة إلى المهاجرين في تونس، على الرغم من تمدّدهم في أحياء سكنية عديدة في مدن تونس الكبرى وصفاقس وجرجيس، إذ كشفت دراسات ميدانية عن تعرّض هؤلاء إلى ممارسات تمييزية عنصرية تجعل حقّهم في السكن مهدّداً.

وتهميش حقّ المهاجرين في السكن واحد من بين عشرات المشكلات التي تواجهها هذه الفئة في تونس، بحسب شهادات جمعها "العربي الجديد" من مهاجرين شدّدوا على أنّهم صاروا يفضّلون السكن في أحياء يكثر فيها مهاجرو دول أفريقيا جنوب الصحراء، وذلك بحثاً عن الحماية وعن نوع من التآزر في ما يينهم. 

وقال هؤلاء المهاجرون إنّهم يجدون صعوبة كبيرة في استئجار شقق أو منازل وفق عقود قانونية، إذ يرفض أصحاب المنازل في الغالب تأجيرهم "خوفاً من المشكلات" أو بسبب رفضهم وجود مهاجرين في بلادهم.

وتكشف دراسة حول ديناميكيات السكن الخاصة بالمهاجرين، من المتوقّع أن يصدرها قريباً منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عن غياب أيّ ضمانات لحقّ المهاجرين في السكن، بالإضافة إلى إقصاء متعمّد للاجئين من الأحياء السكنية، الأمر الذي يحول دون اندماجهم في المجتمع التونسي.

قالت الباحثة في الأنثروبولوجيا مرام التبيني، التي أشرفت على إنجاز الدراسة، إنّ "البحث الميداني في كلّ مدن تونس الكبرى ومحافظتَي صفاقس ومدنين بيّن صعوبات كبيرة يواجهها المهاجرون للحصول على سكن".

أضافت التبيني، متحدثة لـ"العربي الجديد"، أنّ "الهدف من الدراسة الميدانية التي أنجزناها هو مناقشة حدود وصول المهاجرين إلى حقّ السكن وفهم ظروف السكن وعوامل اختياره، بما في ذلك المحيط العمراني المباشر للمسكن".

وتابعت التبيني أنّ "مهاجرين كثيرين يفتقرون إلى الأمان المجتمعي، الأمر الذي يدفعهم إلى التركّز في أحياء سكنية هامشية"، حيث يعيش عدد كبير من المهاجرين، "وبالتالي فإنّ هذا الوجود المكثّف في تلك المناطق يشكّل نوعاً من أنواع الحماية لهم. ومن تلك المناطق أحياء دار فضال والبحر الأزرق والعوينة في ضواحي العاصمة تونس".

وأوضحت التبيني أنّ "المهاجرين يجدون صعوبة في استئجار مساكن عبر عقود قانونية، الأمر الذي يجعلهم عرضة للطرد والابتزاز والعنف أحيانا لأسباب شخصية أو عنصرية"، لافتة إلى أنّ "المهاجرات هنّ الأكثر عرضة للممارسات العنيفة".

وأكملت التبيني أنّ "اللاجئين يواجهون صعوبات من نوع آخر، وهي الإقصاء من السكن في داخل المدن والمناطق العمرانية، إذ يكون خيار المنظمات الراعية للاجئين في الغالب إيواؤهم في مراكز سكنية بعيدة عن المرافق الأساسية"، لذا رأت أنّه "صار من الضروري إطلاق حملة لتسوية الأوضاع الإدارية للمهاجرين الموجودين في تونس ودمجهم في السياسات العمومية وإشراكهم في التخطيط لها وتنفيذها والدفع نحو مزيد من المساءلة وتحمّل المسؤولية في ما يتعلق بدور المنظمات الأممية في حماية وإسناد اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين".

وقد طالبت الدراسة التي أشرفت عليها التبيني بمراجعة القانون رقم 7 المؤرّخ في الثامن من مارس/ آذار 1968 والمتعلق بوضع الأجانب في تونس (قانون تصريح الإقامة) لجعله متوافقاً مع المعاهدات الدولية وإعادة النظر في شروط إيواء الأجنبي وإلزامية إعلام أقسام الشرطة بذلك.

وخلصت الدراسة حول حقّ سكن المهاجرين إلى ضرورة دعم وإسناد دور جمعيات المجتمع المدني في توفير المرافقة القانونية لهؤلاء، بما في ذلك الأطر المتعلقة بحقّهم في السكن ومرافقة توقيع العقود إلى جانب فحص البنود التعاقدية مع صاحب المسكن والمبادرة باقتراح نموذج عقد موحّد خاص باللاجئين والمهاجرين. كما أوصت بدعم عمل منظمات المجتمع المدني لتسليط الضوء على مسألة الوصول إلى العدالة في ما يتعلق بحق المهاجرين في السكن وإدراج هذه النقطة من ضمن أولويات ومخاوف المنظمات عند إصدار تقاريرها.

المساهمون