أسامة الجلولي.. تونسي يكرّم والدته المتوفية بتطبيق تعليمي يحمل اسمها

22 ابريل 2024
كرّم أمه من خلال تطبيق يحمل اسمها (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أسامة الجلولي، شاب تونسي يبلغ من العمر 19 عامًا، أطلق تطبيقًا تعليميًا مجانيًا باسم والدته سامية الزواري، مدرسة لغة عربية، لتوفير دروس في اللغة العربية للطلاب من مختلف المستويات.
- استخدم أسامة حزنه بعد وفاة والدته كدافع لتطوير التطبيق، الذي حقق نجاحًا كبيرًا بتحميله من قبل 80 ألف شخص، مما يعكس الطلب المتزايد على التعليم الرقمي.
- يؤمن بأهمية التعليم الرقمي كمستقبل للتعليم وينتقد التقصير في تكريم المدرسين المتوفين، مطمحًا لتطوير المزيد من التطبيقات التعليمية الحديثة والمجانية لدعم التحول نحو الفضاء الرقمي في التعليم.

لم يشأ الشاب التونسي أسامة الجلولي (19 سنة) أن يتوقف المسار المهني لوالدته سامية الزواري يوم وفاتها، وهي التي أمضت أكثر من عقدين في تدريس مادة اللغة العربية لطلاب المرحلة الثانوية، وكانت شغوفة بعملها. عمل على تنفيذ مشروع يحفظ ذكرى والدته، من خلال تطبيق، حمل اسمها، يُمكّن التلاميذ من مستويات تعليمية مختلفة من الحصول على دروس واختبارات ومراجعات في المواد التي تدرّس ضمن مادة اللغة العربية، ومنها النحو والصرف والعروض.
يقول الجلولي، وهو تلميذ في صف البكالوريا، إنه فرّغ حزنه الشديد على فقدان والدته التي رحلت صيف عام 2021، في تصميم تطبيق متاح بالمجان لجميع التلاميذ، وضع فيه كل ما تركته من إرث تعليمي كانت تعتمده في تدريس تلاميذها. يضيف: "أردت تكريم والدتي التي كرّست حياتها للتدريس في المعهد الثانوي في المظيلة (محافظة قفصة جنوب غرب تونس) بطريقة مختلفة وحديثة، تضمن استمرارية ذكرها بين زملائها وتلاميذها". ويؤكد أنه أمضى ساعات طويلة في فرز الدروس التي كانت تعتمدها والدته سامية الزواري وتبويبها، ليتم لاحقاً تنزيلها في تطبيق صممه بإمكانيات بسيطة، وقد جرى تحميله من قبل 80 ألف شخص حالياً.
مع كل تحميل جديد للتطبيق، يقول أسامة إنه يشعر بسعادة كبيرة وكأنه يبعث الروح من جديد في والدته التي رحلت جسداً، لكنها تركت رصيداً علمياً وإنسانياً سيستمر لسنوات. ويحرص أسامة على التعريف بتطبيق سامية الزواري لتدريس اللغة العربية، مؤكداً أن ذلك سيساعده على تطوير المحتوى وتوسيعه، ليتحوّل إلى منصة لتعليم اللغة، انطلاقاً من المحتوى الذي تركته والدته، لا سيما أن المحتوى متنوع ويشمل كل المستويات التعليمية. ويقول: "تم تحميل التطبيق من داعمين من بلدان عربية عدة، وأتمنى أن يتوسع المشروع العلمي، في إطار شراكة مع وزارة التربية التونسية، ليتحوّل إلى تطبيق علمي متطور".


ويرى أسامة أن التدريس عبر المنصات المتخصصة هو مستقبل التعليم في العالم، إذ باتت هذه المنصات والتطبيقات ملاذاً للطلاب بدلاً من الدروس الحضورية. ويرى أن وسائل التعليم في تونس يجب أن تكون مواكبة للتحولات التكنولوجية التي يشهدها العالم، مشيراً إلى أن تكريم المدرسين المتوفين يجب أن يكون أيضاً مواكباً لهذه التطورات. يتابع: "غالباً ما تنتهي المسيرة التعليمية لأي مدرس بوفاته أو إحالته على التقاعد من دون التفكير في وسائل تتيح الانتفاع بخبراته في التدريس، على الرغم من أن الوسائل التكنولوجية الحديثة تمنحنا العديد من الحلول لتوفير دعم مجاني للطلاب، بعيداً عن الدروس الخصوصية التي ترهق كواهل الأسر".
وينتقد أسامة بشدة التقصير الرسمي في تكريم المدرسين المتوفين الذين يتحولون إلى أرقام بمجرد انتهاء مهامهم التعليمية، على الرغم من وجود حلول عدة لضمان استمراريتهم. وعلى الرغم من نجاحه في تطوير تطبيق يحمل اسم والدته لتخليد ذكراها، يتطلّع أسامة إلى تطوير تطبيقات وبرمجيات تعليمية أخرى خلال تخصصه الجامعي، بعد الحصول على شهادة البكالوريا. ويضيف: "تغلبت على الحزن على فقدان والدتي، من خلال تكريمها تكريماً يليق بمكانتها لدى عائلتها وطلابها، واكتشفت أن مغالبة وجع الفقدان بالنجاح يفجر فينا طاقات إبداعية كبيرة".

ويعتقد أسامة الجلولي أن التحول إلى الفضاء الرقمي بات مسيطراً على حياة الأفراد، بما في ذلك مشاعرهم الإنسانية الخاصة، الأمر الذي يتطلب مواكبة سريعة لهذه التحولات من القطاع الرسمي المطالب بدعم المبادرات الفردية للطلاب الذين ينجحون في تطوير مشاريع تساعد التلاميذ على التعلّم بوسائل حديثة مجاناً.
وفي تونس، بدأت الدروس الخصوصية وحصص دعم الطلاب تنتقل من المحامل الورقية إلى الفضاء الرقمي، في ظل إقبال أولياء الأمور على إلحاق أبنائهم بهذه المنصات التي تقدم خدمات الدعم في غالبية المواد الدراسية والمستويات التعليمية.
وتعد تطبيقات ومنصات الدروس الخصوصية والدعم جديدة في تونس، إلا أن الإقبال عليها يزداد من عام إلى آخر مدفوعاً ببحث أولياء الأمور عن تميّز أبنائهم في مسارهم التعليمي. ويحصل أكثر من 70 في المائة من تلاميذ تونس على الدروس الخصوصية ودروس الدعم التي باتت تقليداً ثابتاً في المنظومة التربوية التونسية، رغم المحاولات الرسمية لكبحها وتقنينها.
غير أن انتشار الوسائط الحديثة والتطبيقات الإلكترونية حوّل جزءاً من سوق الدروس الخصوصية نحو المجالات الرقمية غير التقليدية.