حذّرت 23 جمعية تونسية من العمليات التعسفية والممنهجة ضدّ المهاجرين إلى جانب تنامي خطاب الكراهية والعنصرية ضدّهم، مطالبةً بإطلاق خطة استثنائية لتسوية أمور المهاجرين المقيمين بطريقة غير قانونية في تونس وحمايتهم من الاستغلال الاقتصادي، لا سيّما مع هشاشة أوضاعهم.
ووقّعت 23 جمعية، من بينها منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية النساء الديمقراطيات ومحامون بلا حدود، أمس الخميس، بياناً أفادت فيه بأنّ "أكثر من 300 مهاجر يقبعون في مراكز التوقيف التونسية، من بينهم نساء وأطفال جرى توقيفهم على أثر حملات أمنية تحت عنوان تدعيم النسيج الأمني والحدّ من ظاهرة الإقامة غير الشرعية بالبلاد التونسية". أضافت الجمعيات في بيانها أنّ "بطاقات الإيداع الصادرة في حقّ المهاجرين تمّت على أساس اللون والهوية، من دون احترام للإجراءات".
وأوضح المتحدّث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر أنّ "استهداف المهاجرين من دول جنوب الصحراء بصورة مباشرة عبر حملات ميدانية لاعتقالهم، يأتي في مخالفة للقوانين الدولية الخاصة بتنظيم الهجرة" .
ورأى بن عمر أنّ "سلطات تونس تمارس سياسة غضّ النظر عن خطاب الكراهية والعنصرية الذي يستهدف تحديداً مهاجرين من دول جنوب الصحراء، مسجّلاً تنامياً في هذا الخطاب على شبكات التواصل الاجتماعي التي تدعو إلى ترحيل هؤلاء المهاجرين وترفض وجودهم في تونس".
ويبلغ عدد المهاجرين من جنوب الصحراء في تونس 21 ألفاً و466 مهاجراً، بمن فيهم الطلاب وغيرهم، بحسب ما أفادت بيانات رسمية صادرة عن معهد الإحصاء الحكومي في عام 2021. لكنّ الأرقام على أرض الواقع تتجاوز ذلك بكثير وفقاً للجهات المعنية بشؤون المهاجرين.
وأكّد البيان الموقع من جمعيات مدافعة عن حقوق المهاجرين تسجيل ما وُصِف بأنّه "انتهاكات يومية لحقوق الإنسان" من إعادة قسرية فورية على الحدود تحت تهديد السلاح، ومصادرة الهواتف، وعدم تقديم مساعدة طبية وسوء المعاملة والعنف، إلى جانب عمليات التوقيف.
ورأت الجمعيات أنّ "ما تقوم به السلطات التونسية يناقض تعهداتها بموجب اتفاقية جنيف لعام 1951 المتعلقة باللاجئين، التي صادقت عليها تونس في عام 1957، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب".
ولم تخفِ الجمعيات المدنية قلقها من "تهميش الفئات الأكثر هشاشة، وخاصة المهاجرين الذين يعانون أصلاً من الإقصاء الاجتماعي والذين يعيشون تحت وطأة الفقر".
في المقابل، يدعو الحزب القومي التونسي إلى رفض ما يصفه بأنّه "مشروع توطين المهاجرين غير النظاميين" في تونس، عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وينظّم الحزب، الحاصل على تأشيرة النشاط القانوني منذ عام 2018، حملات ميدانية في أحياء يتركّز فيها المهاجرون من أجل جمع تواقيع على عرائض ترفض وجودهم في تونس.
وفي السنوات الأخيرة، تُسجَّل في تونس تحوّلات عميقة تتعلّق بقضايا الهجرة، إذ يتوجّه آلاف المهاجرين إلى أوروبا انطلاقاً من سواحلها، فيما تستقبل مدنها آلاف المهاجرين الذين باتوا يفضّلون الإقامة على أراضيها بصورة دائمة من خلال الحصول على صفة اللاجئ أو طالب اللجوء.
يبلغ عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس 8,930، من بينهم 2,804 فقط حصلوا على صفة لاجئ، فيما ينتظر 67% منهم تسوية أوضاع إقاماتهم بحسب أحدث البيانات الصادرة عن المجلس التونسي للاجئين.
وقبل أكثر من ستّ سنوات، سعت الحكومة التونسية إلى صياغة مشروع قانون خاص بحماية اللاجئين تحت إشراف وزارة العدل، ولجنة حقوق الإنسان، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمعهد العربي لحقوق الإنسان، وذلك بهدف وضع إطار قانوني يحدّد صفة اللاجئ وحقوقه في الاندماج في البلد المستضيف وكيفية التعامل مع مسألة اللجوء في البلاد.
وتمثّل محافظات تونس الكبرى وكلّ من صفاقس ومدنين (جنوب) أكثر المحافظات والمدن التونسية استقبالاً للمهاجرين، الذين تنعكس أزمة البلاد السياسية عليهم، وذلك بالتزامن مع تعثّر السلطات في إقرار قانون لحماية اللاجئين على أثر تعليق أعمال البرلمان.