أوصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية بإعطاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و4 سنوات لقاح "فايزر/بيونتك" ضد فيروس كورونا، وإعطاء لقاح "موديرنا" للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن خمس سنوات، مؤكدةً أنها بدأت، الجمعة، تطعيم هذه الفئات العمرية.
وقالت الإدارة، في تقرير، إنه "سيكون بالإمكان التأكد من مدى فعالية اللقاحات على الأطفال في حال تتبع الخلايا المناعية، بدلاً من الاكتفاء بدراسة الأجسام المضادة".
وقدم مسؤولون أميركيون، في إبريل/نيسان الماضي، رسالة لإدارة الغذاء والدواء، طالبوا فيها بتأكيد عدم تسبب اللقاحات في أية آثار جانبية خطيرة على الأطفال، مستندين بذلك إلى تقارير علمية قدمها نحو 70 عالماً، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
وقال العلماء في تقريرهم إن وكالة الدواء الأميركية ومصنعي اللقاحات تعمدوا تقييم فعالية اللقاحات بتتبع الأجسام المضادة في الدم، من دون الالتفات إلى الخلايا المناعية المعروفة باسم "الخلايا التائية"، وهو ما يمكن أن يشكل خطراً على حياة الأطفال، ويرفع من مستوى عدوى فيروس كورونا بينهم، مشيرين إلى أن إجراء دراسات أكبر حول مناعة الخلايا التائية من شأنه تقليل أعداد الأطفال المصابين، خصوصا مع سهولة تقييمها عبر فحص الدم.
وقال مدير معهد علم المناعة في جامعة بنسلفانيا جوم ويري، وهو أحد الموقعين على تقرير فعالية اللقاحات، إن الخلايا التائية تعمل على قتل الخلايا المصابة بفيروس كورونا، وإن التركيز على دراستها من شأنه التقليل من نسب الإصابة بين الأطفال"، مؤكدا أن مُصنّعي اللقاحات ركزوا على قياس فعاليتها في منع العدوى المصحوبة بأعراض لدى البالغين، من دون الالتفات إلى فحص الخلايا المناعية لدى الأطفال.
وأوضح ويري أن "البيانات الوبائية تؤكد أنه رغم انخفاض مستويات الأجسام المضادة والالتهابات الحادة، إلا أن الوفيات بين الأشخاص الذين لُقّحوا ظلت منخفضة نسبيًا. وتتزايد الوفيات فقط بين كبار السن، أو أولئك الذين يعانون من نقص المناعة. وهناك الكثير من البيانات الجيدة بهذا الخصوص، لكننا نفتقد إلى دليل قوي".
وأثار قرار إدارة الغذاء والدواء ضرورة إعطاء الأطفال جرعة ثالثة من اللقاحات جدلاً في الشارع الأميركي، ما دفع الإدارة إلى تأكيد منح جرعتين فقط، وإجراء المزيد من الدراسات على مدى فعالية الجرعة الثالثة.
وفي حين تتزايد المطالبات بضرورة إجراء دراسات أوسع حول فعالية الخلايا التائية، حذر علماء من الأضرار الجانبية.
وتقول طبيبة الأمراض المعدية، المستشارة العلمية لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، كاميل كوتون: "تضمين الخلايا التائية في تحليل اللقاح من شأنه أن يزيد من تعقيد الدراسة العلمية لمواجهة فيروس كورونا، ويرفع من تكلفتها. الأمر ليس سهلاً كما هو الحال بالنسبة للأجسام المضادة، لكنه بالتأكيد سيكون مفيدا".
وقال اختصاصي المناعة بجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني مايلز دافنبورت: "المستويات المنخفضة من الأجسام المضادة قد تكون كافية بمفردها للوقاية من المرض الشديد. لا توجد دراسة تثبت أن مستوى الخلايا التائية التي يسببها اللقاح تنبئي بخطر العدوى، أو الإصابة بأعراض خطيرة".
في السياق، تعكف جامعة بنسلفانيا في الوقت الراهن على إجراء دراسة حديثة حول الصحة المناعية، لتقييم استجابات الأجسام المضادة والخلايا التائية على المرضى الذين يعانون من نقص المناعة بعد التطعيم، وهو ما من شأنه تقديم تفسيرات أكبر حول إحجام ما يقرب من 40 في المائة من الأميركيين عن تطعيم أطفالهم.
وتلقى نحو 30 في المائة من الأطفال في الولايات المتحدة ممن تتراوح أعمارهم بين 5 و11 سنة جرعتين على الأقل منذ بدء خطة تلقيح الأطفال، فيما تفيد التقارير بإمكانية ارتفاع أعداد الملقحين من الأطفال الصغار خلال الفترة المقبلة إلى 18 مليون طفل.