علّقت المدارس والمراكز التعليمية ومعاهد اللغات الخاصة في مناطق شمال شرقي سورية الدوام الدراسي لمدة أسبوع بعد منع "الإدارة الذاتية" تدريس مناهج النظام السوري في مناطق سيطرتها بمحافظة الحسكة، تطبيقاً لقرار أصدرته في 28 أغسطس/ آب الماضي، في حين يعتبر أولياء تلاميذ أن القرار يهدف إلى إجبارهم على إلحاق أولادهم بمدارسها رغم أنها غير معترف بها.
ويؤكد أحمد الشمري، وهو مدير معهد تعليمي خاص، لـ"العربي الجديد"، أن "الحل يتمثل في تحييد التعليم عن الصراعات السياسية والمصالح الاقتصادية، وعدم استخدامه ورقة ضغط من طرف ضد طرف آخر. الإدارة الذاتية تمنع تدريس مناهج النظام لعزوف التلاميذ بكل أطيافهم عن مدارسها، وليس بوسعنا أن نفعل شيئاً سوى الانتظار، فالوضع خطير. يجب أن يتعلم طلابنا، والإدارة تضغط علينا لأسباب سياسية".
ويوضح الشمري أن سبب رفضه منهج الإدارة الذاتية هو "عدم وجود اعتراف دولي، أو حتى حكومي، بالمنهاج، ولو وُجد كنت سأدرّس أولادي في مدارسها، فهي أقرب إلى منزلي، وتكلفتها أقل من المدارس الخاصة، لكن من حق الأهل أن يهتموا بمستقبل أولادهم، وأن يلحقوهم بمدارس معترف بها".
ويقول الأكاديمي الكردي فريد سعدون لـ"العربي الجديد": "التعليم قضية كبرى ومصيرية، وتحتاج إلى نقاش هادئ من دون اللجوء إلى قرارات ارتجالية، وإذا كانت الإدارة الذاتية تعتقد أن محاصرة مدارس النظام والمدارس الخاصة، وإغلاقها، سيجبر الطلاب على الالتحاق بمدارسها فهذا وهم، وقد فشل هذا الأسلوب سابقاً، وتكراره غير عقلاني".
وتابع سعدون: "هناك مدارس مرخصة نظامياً من قبل 2011، لماذا يجري إغلاقها ما دامت لم تخالف القانون؟ أيضاً هناك تناقض في القرار، فمدرسة السعادة المرخصة ستغلق لأنها في الهلالية، بينما مدرسة البيان الخاصة تبقى مفتوحة لأنها في المربع الأمني، ومدارس في أحياء معينة تحت سيطرة الإدارة الذاتية تظل مفتوحة رغم أنها خارج المربع، ومدارس خاصة مثل الفرات، والأمل، والاتحاد ما زالت مفتوحة لأسباب خاصة، ومدارس في قرى معينة تبقى مفتوحة".
وأضاف: "في حال إغلاق المدارس الخاصة، فإن الطلاب لن يتوجهوا إلى مدارس الإدارة، بل إلى مدارس النظام، وهذا يعني ضغطاً هائلاً على المربع الأمني، وخلق مشكلة جديدة. في القامشلي وحدها 12 مدرسة خاصة بترخيص مؤقت، و25 مدرسة تقدمت للترخيص، وثانويتان مرخصتان، عدا عن المدارس والمعاهد غير المرخصة التي يصل مجموعها إلى أكثر من 40 مدرسة".
ولفت سعدون إلى أن "بعض العائلات نقلت سكنها من البلدات المجاورة إلى القامشلي، أو استأجرت حافلات لنقل أولادها إلى القامشلي لمتابعة الدراسة. هؤلاء ما مصيرهم؟ والسؤال الجوهري: لماذا أقدمت الإدارة الذاتية على هذه الخطوة في هذا الظرف؟ هناك مؤشرات على التفاوض بين الإدارة والنظام للتوصل إلى حل سياسي. ماذا لو أصرت الإدارة على قرارها، وقوبلت بخروج آلاف الطلاب إلى الشوارع للمطالبة بحقهم في التعليم؟ وماذا عن الحرية الشخصية وحق المواطن؟".
بدوره، يقول عبد الجبار حسن، وهو والد 3 تلاميذ، لـ"العربي الجديد": "قمت بنقل أطفالي الثلاثة من المدارس الحكومية إلى المعاهد الخاصة، وتكلفت الكثير من الأموال في الأقساط وبقية المصاريف من نقل وقرطاسية وغيرها، والهدف أن يتلقى أبنائي تعليماً مقبولاً، فمدارس النظام تعاني من الاكتظاظ في الصفوف، وتصل الأعداد في الصف الواحد إلى نحو 70 تلميذاً، فضلاً عن غياب المعلمين، والفوضى، وغيرها من المشاكل، وإذا جرى تنفيذ قرار الإدارة الذاتية فمصيرهم الشارع".
وتقول ميساء محمد لـ"العربي الجديد": "قمت بتسجيل أبنائي في معهد خاص يدرسون فيه المنهاج التابع للنظام، كونه معترفاً به، وربما يوفر لهم مستقبلاً أفضل، وقد جربوا مدارس الإدارة الذاتية خلال العام الماضي، ولم يكن المنهاج أو الكادر التدريسي مناسباً، فضلاً عن عدم الاعتراف بالمدرسة".
وتؤكد نائبة الرئاسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في الحسكة، فيفيان بحو أوسي، لـ"العربي الجديد"، أن "هيئة التربية في مناطق شمال وشرق سورية عامة، ومناطق الجزيرة خاصة، أصدرت قراراً بإغلاق المراكز التعليمية الخاصة كافة، كونها تعتمد التعليم المجاني في جميع المراحل التعليمية. التعليم حق للجميع، ويجري توفيره من دون مقابل مادي، لذا تقرر عدم ترخيص أي مدرسة أو روضة خاصة".
وأضافت بحو أوسي: "أُوقفت جميع معاهد اللغات الأجنبية غير المرخصة من قبل هيئة التربية والتعليم، كما جرى إغلاق المعاهد المرخصة التي لم تراجع الهيئة لتجديد الرخص الممنوحة سابقاً، وعقدنا جلسة مع هيئة العدالة، ومع قوات (الأسايش) لتنفيذ القرار، والحملة تهدف إلى تنبيه أصحاب المعاهد والمراكز الخاصة بضرورة مراجعة الهيئة للحصول على الترخيص الرسمي، وتسوية أوضاعهم، ودفع الغرامات والرسوم السنوية، وقمنا بإغلاق معاهد في ديرك، والقامشلي، وحضر أصحابها إلى الهيئة لاستكمال أوراقهم، أو مناقشة قرار الإغلاق، وهناك 17 معهداً فُتحت قبل قرابة ثلاث سنوات، وصادر ضدها قرارات قضائية بالإغلاق".