يواصل عمّال وأصحاب محال تجارية تظاهراتهم الليلية الرافضة لقرار حظر التجول الشامل والجزئي الذي تفرضة السلطات العراقية كإجراء وقائي يمنع إصابة المزيد من المواطنين بفيروس كورونا، بعد ارتفاع عدد الإصابات خلال الأسبوعين الماضيين، إذ عادت وزارة الصحة إلى تسجيل آلاف الإصابات يومياً، وأعلنت دخول حالة الإنذار بسبب السلالة الجديدة من الفيروس.
وشهدت مدينة الكاظمية والكرادة وأسواق الأعظمية في بغداد، خلال اليومين الماضيين، وقفات احتجاجية نظمها مواطنون تأثروا بقرارات حظر التجول التي ساهمت بتراجع الحركة الاقتصادية والتجارية في العاصمة العراقية، كما تظاهر العشرات من العمّال وذوي الدخل المحدود في أحياء المسيب والطهمازية ومركز محافظة بابل، للسبب نفسه، وتمددت الاحتجاجات داخل الأسواق وبين الأزقة في مدينة كربلاء، إضافة إلى مدينة الديوانية، مركز محافظة القادسية.
وعلى أثر التظاهرات في بابل، رفعت الحكومة المحلية في المدينة طلباً يتعلق بحظر التجول. وقال محافظ بابل حسين منديل، اليوم الجمعة، في منشور له على صفحته في "فيسبوك": "خاطبنا رئاسة الوزراء من أجل منحنا صلاحيات وبشكل عاجل، لرفع حظر التجول الشامل وجعل الحظر جزئياً، إلى الساعة العاشرة مساءً، وفتح كافة مفاصل الحياة"، موضحاً أنّ "ذلك سيكون شريطة الالتزام العالي بالإجراءات الوقائية، وكذلك تفعيل فرض الغرامات على المخالفين بشكل أوسع.. وأن هذا الطلب يأتي استجابةً لمناشدات المواطنين في محافظة بابل".
وفي السياق، قال تجار من مدينة كربلاء، جنوبي العراق، إنّ "الإجراءات الحكومية في التعامل مع تفشي فيروس كورونا تقليدية، وقد ساهمت كثيراً بقطع أرزاق المواطنين وتراجع السوق التجارية، كما أنها ساهمت بتجويع شرائح كبيرة من العراقيين، ولا سيما العمّال وذوي الدخل المحدود والعاملين في المطاعم والباعة الجوالين، ولكن الحكومة لم تنتبه إليهم"، فيما بيَّن بعضهم لـ"العربي الجديد"، أنّ "مدينة كربلاء كانت خلال الفترات الماضية سوقاً رابحاً، ولكنها حالياً تحولت إلى مدينة خالية من أي حركة تجارية أو اقتصادية. وقد تعرض العشرات من التجار إلى خسارات كبيرة، ولذلك لا حلَّ أمامنا غير الاحتجاج لإلغاء قرارات حظر التجول".
من جهته، بيَّن علي نزار، وهو صاحب محل ملابس يعمل في مدينة الكاظمية، شمالي بغداد، أنّ "أغلبية أصحاب المحال التجارية تعرضوا لخسارات مالية كبيرة، بسبب إجراءات حظر التجول التي فرضتها الحكومة، وخصوصاً أنها لم تضع أي حلول بديلة للأسر المتعففة والعاملة في الأسواق، التي تعتمد على الشارع في تأمين قوت يومها".
وأوضح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "أصحاب المحال التجارية يتظاهرون منذ يومين عند شارع (باب المراد)، القريب من مرقد الإمام الكاظم، للمطالبة بإنهاء حظر التجول وعودة الحياة إلى طبيعتها، واستيراد اللقاحات الخاصة بـكورونا، كما يجري في معظم دول العالم".
ووفقاً لإحصاءات غير رسمية، فإنّ العراق يتصدر قائمة البلدان العربية من ناحية تسجيل الإصابات والوفيات جرّاء تفشي فيروس كورونا. وبلغ إجمالي الإصابات في عموم العراق، حتى يوم الخميس، 713994، بينما ارتفع معدل الشفاء الكلي إلى 650015، في حين بلغ إجمالي عدد الوفيات في العراق 13507.
وقررت السلطات في البلاد، منتصف فبراير/ شباط الماضي، تطبيق عشرات القرارات لمواجهة ارتفاع الإصابات، وتم تغريم المئات ممّن لم يرتدوا الكمامات بمبلغ 25 ألف دينار لكل شخص (18 دولاراً).
ومن بين القرارات التي اتخذها العراق، منع السفر لكافة أنحاء العالم، وحظر التجول أيام الجمعة والسبت والأحد، وكذلك الحظر الجزئي بعد الساعة الثامنة مساء ولغاية الخامسة من صباح اليوم التالي، كما قرّرت الحكومة إغلاق المراكز التجارية والمقاهي، ومنع التجمّعات والأنشطة الاجتماعية، وإغلاق دور العبادة ووقف حفلات الأعراس والمآتم والتجمعات بكل أنواعها، فضلاً عن تغريم المخالفين 5 ملايين دينار عراقي.
من جهته، أكد عضو لجنة الصحة في البرلمان العراقي رياض المسعودي تأثر شرائح عراقية بقرارات الحظر، وتراجع السوق وحركة البيع والشراء، وتسجيل زيادة قليلة في عدد العاطلين من العمل، ولكن في الوقت نفسه فإنّ "الفيروس خطير"، بحسب تعبيره.
وقال المسعودي لـ"العربي الجديد"، إنّ "السلطات العراقية تخشى من زيادة كبيرة بعدد المصابين بالفيروس، ولا سيما أنها تواجه السلالة الجديدة التي ثبت أنها تصيب الأطفال، وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة. ومن واجب الحكومة العراقية أن تخلق الحلول المناسبة لذوي الدخل المحدود".
وكان وزير الصحة في العراق حسن التميمي قد أكد، في وقتٍ سابق، أنّ "3.4 ملايين جرعة لقاح ستصل إلى العراق في 28 فبراير/ شباط" الماضي، وأن "الأولوية ستكون لمنتسبي وزارة الصحة والقوى الأمنية وكبار السن".