تشيلي: أشجار مقاوِمة للنيران من أجل إعادة الحياة إلى حديقة نباتية التهمتها الحرائق

03 يناير 2025
في حديقة فينيا دل مار النباتية الوطنية، تشيلي، 18 ديسمبر 2024 (خافيير توريس/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مع حلول الصيف الجنوبي في تشيلي، تتجدد المخاوف من حرائق جديدة في حديقة "فينيا دل مار" الوطنية، التي تعرضت لحرائق مدمرة في فبراير 2024، حيث التهمت النيران 90% من مساحتها وأسفرت عن مقتل 136 شخصاً.

- تم تنفيذ مشروع لإحياء الحديقة وتعزيز قدرتها على الصمود، حيث زرع المتطوعون خمسة آلاف شجرة محلية أقل قابلية للاشتعال، بهدف منع انتشار النيران بسرعة.

- تسعى منظمة "وايلد تري" لإعادة تشجير الحديقة بأنواع تتكيف مع قلة الأمطار، وإنشاء حواجز للحرائق، وقد ساعدت الأمطار الغزيرة في 2024 في ظهور براعم جديدة.

مع حلول فصل الصيف الجنوبي في تشيلي، عادت المخاوف من نشوب حرائق جديدة إلى الظهور في أكبر حديقة نباتية فيها، بعدما التهمتها حرائق سابقة اندلعت قبل نحو عام، علماً أنّ آلاف الأنواع المحلية المقاوِمة للنيران زُرِعَت فيها مذ ذاك. وكانت حرائق مدمّرة قد أتت، في بداية فبراير/ شباط من عام 2024، على 90% من مساحة حديقة "فينيا دل مار" الوطنية البالغة مساحتها 400 هكتار والواقعة على بعد 120 كيلومتراً إلى شمال شرق العاصمة سانتياغو. وسبّبت هذه الحرائق، التي وُصفت بالأشدّ في تاريخ تشيلي الحديث، مقتلَ 136 شخصاً وتدمير أحياء بأكملها في المدينة الواقعة وسط البلاد.

وإزاء هذه المأساة التي قد تكرّر، لا يخفي مدير الحديقة أليخاندرو بيرانو، في حديث إلى وكالة فرانس برس، مخاوفه من احتمال عودة الحرائق مع بداية موسم الصيف في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية وارتفاع درجات الحرارة. ويقول: "من المؤكّد أنّنا سوف نشهد حريقاً"، فيما يستظلّ بإحدى الأشجار النادرة الناجية من النيران، علماً أنّ أصول عدد منها يعود إلى بذور أشجار صمدت في وجه القنبلة الذرية التي أُلقيت على هيروشيما في عام 1945. يُذكر أنّ الحديقة الخصبة، التي تعود في القدم قرناً من الزمن، وقعت ضحية حرائق شديدة في أعوام 2013 و2018 و2022، مع العلم أنّ نطاق تلك الحرائق كان أصغر من تلك التي أتت عليها في العام الماضي.

وتضمّ الحديقة النباتية الوطنية، التي صمّمها المهندس المعماري الفرنسي جورج دوبوا في عام 1918، أنواعاً من النباتات والأشجار تُقدَّر بنحو 1300 نوع، من بينها أشجار سرو جبلية وأشجار نخيل تشيلية وأشجار كرز يابانية. كذلك كانت تضمّ حيوانات برية من جرابيات وثعالب رمادية وقوارض تشيلية، بالإضافة إلى أنواع كثيرة من الطيور.

الصورة
أشجار محروقة في حديقة فينيا دل مار النباتية الوطنية - تشيلي - 18 ديسمبر 2024 (خافيير توريس/ فرانس برس)
أشجار محروقة في حديقة فينيا دل مار النباتية، تشيلي، 18 ديسمبر 2024 (خافيير توريس/ فرانس برس)

حواجز لصدّ الحرائق في تشيلي

وبهدف إحياء الحديقة وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه الحرائق، زرع عشرات المتطوعين أخيراً خمسة آلاف شجرة محلية، من بينها الليثريا كاوسيتكا والقلاجة الصابونية. وبخلاف شجر الأوكالبتوس الاستوائي الذي يشتعل بسرعة، تستطيع الأنواع المحلية التعامل مع النيران أو احتوائها لفترة أطول، بحسب ما بيّنت أبحاث أجرتها جامعة "فيديريكو سانتا ماريا" التقنية التي يقع حرمها الرئيسي في فالباريسو وسط البلاد، علماً أنّها تُعَدّ واحدة من أهم الموانئ البحرية في تشيلي وعاصمتها التشريعية.

في هذا الإطار، يقول الباحث في قسم الهندسة الميكانيكية في جامعة "فيديريكو سانتا ماريا" التقنية فابيان غيريرو، في حديث إلى وكالة فرانس برس: "لقد أثبتنا تجريبياً أنّ نوعَي القلاجة الصابونية والليثريا أقلّ قابلية للاشتعال من الأوكالبتوس والصنوبر". من جهته، يشير بيرانو إلى أنّ الهدف من المشروع "زرع الأنواع التي تحترق بصورة أبطأ من الأنواع الأخرى، كي لا تمتدّ النيران بسرعة كبيرة". يُذكر أنّ في خلال حرائق عام 2024، التهمت النيران الحديقة بأكملها تقريباً في أقلّ من ساعة.

وتلفت منظمة "وايلد تري" غير الحكومية الشريكة في المشروع إلى أنّ زرع هذه الأنواع على مساحة ثمانية هكتارات، التي جرت بفضل شراكة بين القطاعَين العام والخاص، تأتي قبل مرحلة ثانية تهدف إلى إعادة تشجير الحديقة بأنواع قادرة على التكيّف "مع قلّة هطل الأمطار وموجات الجفاف الطويلة". ويرمي المشروع كذلك إلى إنشاء حواجز للحرائق على حدود الحديقة، وقد أُزيلت من الوديان أيّ نباتات من المحتمل أن تؤجّج النيران.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحديقة لنباتية الوطنية في "فينيا دل مار" تأثّرت إيجاباً بأمطار غزيرة هطلت في عام 2024 على وسط البلاد، بعد أكثر من عقد من موجات جفاف متكرّرة. وتظهر في أنحاء الحديقة براعم صغيرة من أشجار الكينا أو المستكة أو البنومو بين أعشاب يابسة بفعل أشعّة الشمس وبقايا أشجار وشجيرات متفحّمة، في مشهد يُظهر قدرة الطبيعة على المقاومة. ويقول مدير الحديقة إنّ "هذه الأشجار المحترقة تعود، لأنّ الغابة الصلبة (المقاومة للجفاف الصيفي) تتفاعل بطريقة جيدة بعد الحرائق".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون