ترميم وترقيع لمواجهة اهتراء خيام النزوح في غزة

06 اغسطس 2024
لا يملك نازحو غزة بديلاً للخيام المهترئة (أشرف أبو عمرة/الأناضول)
+ الخط -

تشهد خيام النزوح في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة حالة من التلف بفعل طول أمد العدوان الإسرائيلي، والظروف المناخية القاسية التي تسببت بظهور علامات الاهتراء عليها، والتي يواجهها النازحون بالترميم والترقيع نظراً لغياب البدائل. 
ووصلت نسب تدمير المنازل والمنشآت السكنية إلى نحو 70%، إضافة إلى سياسة التهجير القسري الإسرائيلية الممنهجة لمربعات سكنية بأكملها، بذريعة أنها ضمن ما يطلق عليه "مناطق قتال خطيرة". 
ويواجه النازحون مجموعة من الأزمات المعيشية داخل خيام النزوح، فإلي جانب الخطر الشديد القائم، يعانون من نقص المتطلبات الأساسية، وفي مقدمتها الماء والغذاء والدواء، ومع اهتراء الخيام تتفاقم مشكلاتهم، إذ إنها وسيلة الإيواء الوحيدة المتاحة لكثيرين بعد امتلاء مدارس ومراكز الإيواء.
نزح الفلسطيني أمجد محمد علي رفقة عائلته من منطقة النصر في وسط مدينة غزة، ويقول إن النزوح المتكرر من منطقة إلى أخرى، ومواصلة فك وتركيب الخيمة الخشبية تسبب في تحطم الأخشاب الرئيسية، إلى جانب تمزق أكياس النايلون التي تغطي جنبات الخيمة وسقفها. 
ويوضح محمد علي لـ"العربي الجديد"، أن "الخيام بشكل عام لا تحتمل إيواء النازحين لفترات طويلة، خاصة في ظل الاعتماد عليها في مختلف الأنشطة والمهام اليومية، ومنها صنع الطعام، وغسل الملابس، والمبيت. لكن فقدان البيت دفعنا للاعتماد على الخيمة في كل شيء، وقد باتت بديلاً عن غرف النوم، والمطبخ، الأمر الذي تسبب بتلف زواياها، وظهور علامات التمزق والاهتراء عليها".
بدوره، اضطر الفلسطيني عمار الخالدي، في مطلع شهر مايو/ أيار الماضي، إلى نقل خيمته القماشية من منطقة البركسات غربي مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى مدينة دير البلح في وسط القطاع، وذلك بعد الاجتياح الإسرائيلي للمدينة، لكن خيمته المهترئة لم تعد صالحة للاستخدام. 

تكرار نقل الخيام يسهم في سرعة اهتراءها(محمد عابد/فرانس برس)
تكرار نقل الخيام يسهم في سرعة اهترائها (محمد عابد/فرانس برس)

ويقول الخالدي لـ"العربي الجديد"، إن "سبب اهتراء الخيمة هو التنقل المتواصل، علاوة على مواجهتها لمختلف الأجواء المناخية. تعرضت الخيمة للرياح والأمطار سابقاً، وتتعرض الآن لدرجات الحرارة المرتفعة، إلى جانب حالة عدم الاستقرار، إذ قمنا بفكها وتركيبها أكثر من سبع مرات منذ شرائها قبل ستة أشهر. أحاول طوال الوقت ترميم وترقيع ما يمكن في داخل الخيمة وخارجها، وأنا مضطر لمواصلة إصلاحها بسبب انعدام البدائل، وعدم وجود بيوت أو غرف للإيجار يمكنني إيواء أسرتي فيها، أو ارتفاع الإيجارات إلى قيمة مبالغ فيها لا يمكنني توفيرها، إلى جانب الغلاء الشديد في أسعار الخيام القماشية، والتي يتجاوز ثمن بعضها 2000 شيكل، وأسعار الأخشاب أيضاً باهظة، إذ يصل سعر العمود الخشبي الواحد بارتفاع ثلاثة أمتار إلى نحو 70 شيكلاً، فيما سعر المتر المربع من الشوادر البلاستيكية يزيد عن 40 شيكلاً". (الدولار الأميركي يساوي 3.8 شواكل تقريباً). 
ويؤكد الفلسطيني غانم الشريف أن الخيام باتت الملجأ الوحيد للفلسطينيين في ظل عدم توفر الأماكن داخل مراكز الإيواء، كما أنها تضم كل المهام والأنشطة اليومية، الأمر الذي يصيبها بالتصدع والتلف، خاصة وأنها غير مجهزة لاستضافة هذا الكم الكبير من الأعباء، ولا تصلح للإيواء لفترات طويلة تقترب من الشهر الحادي عشر على التوالي. 
ويصف الشريف بحديثه لـ"العربي الجديد" واقع الخيام بأنه مأساوي، إذ تضم داخلها الملابس، والفراش، والمستلزمات المنزلية وأدوات المطبخ، إلى جانب مستلزمات إشعال النار، والحطب بسبب عدم توفر غاز الطهي.

ويقول: "إشعال النار بشكل يومي أمام مدخل الخيمة يتسبب بتلفها، إلى جانب إظهارها وكأنها محترقة بفعل الدخان الكثيف، وإلى جانب الواقع غير الآمن وغير الصحي للعيش داخل الخيام الخشبية أو البلاستيكية أو القماشية، فإنها غير صالحة للقيام بكثير من المهام اليومية. في الوقت ذاته، تتضاعف أسعار مستلزمات إصلاح التلف في الخيام، ولا يملك غالبية النازحين ثمن شراء خيام بديلة كون الأسعار مرتفعة، ولا تتناسب مع الواقع الاقتصادي المتردي للنازحين الذين فقد غالبيتهم بيوتهم ومصادر دخلهم". 
وتتفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية والنفسية والصحية والأمنية التي تواجه مئات آلاف النازحين الفلسطينيين، الذين أجبرتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي على ترك منازلهم، ومناطق سكنهم منذ الأيام الأولى للعدوان الذي انطلقت شرارته في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في الوقت الذي تتعاظم فيه صعوبة وقساوة العيش داخل خيام اللجوء المهترئة. 

المساهمون