تحذير من كارثة طبية في اليمن عقب الفيضانات وتفشي الكوليرا

28 اغسطس 2024
مرضى بالكوليرا في عيادة بمنطقة حيس، 21 أغسطس 2024 (خالد زياد/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تفاقم أزمة الكوليرا في اليمن**: عيادة في مديرية حيس تواجه تدفقاً كبيراً لمرضى الكوليرا بسبب الفيضانات والأمطار، مع إمكانيات محدودة للفحوص وغياب المختبرات.
- **تحديات إنسانية وصحية**: الفيضانات قتلت 60 شخصاً وأضرت بـ268 ألفاً، مما زاد من تعقيد وصول الإغاثة. النزاع المستمر أدى إلى سوء تغذية وتهالك المنشآت الصحية، مما ساهم في زيادة حالات الكوليرا.
- **نقص التمويل والاستجابة الدولية**: اليمن سجلت 2.5 مليون حالة كوليرا بين 2016 و2022. التمويل الحالي يكفي لمعالجة ربع الحالات المتوقعة، والأمم المتحدة تحذر من ارتفاع الحالات إلى 250 ألفاً قريباً.

تُواجه عيادة طبية في إحدى المناطق التي ضربتها الفيضانات في اليمن مؤخراً، تدفّقاً لمرضى يشتبه في إصابة العديد منهم بالكوليرا، بعدما زادت الأمطار الغزيرة مخاطر تفشي المرض. في "مركز علاج الإسهالات" الواقع في مديرية حيس على بعد 120 كلم نحو جنوب مدينة الحُديدة، يستلقي أولاد ونساء، وجوههم شاحبة، على أسرّة، وقد وضعت في أيديهم حقن وريدية، بينما يعلو في المكان صوت بكاء أطفال.

هؤلاء هم من بين حوالى 164 ألف شخص في مختلف أنحاء اليمن يُشتبه بإصابتهم بالكوليرا، وهو عدد مرشّح للارتفاع إلى 250 ألفاً في الأسابيع المقبلة إذا لم يجر تعزيز جهود الاستجابة للوضع، بحسب الأمم المتحدة.

الفيضانات في اليمن

وقال طبيب الطوارئ في المركز بكيل الحضرمي إنّ "الإقبال زاد بسبب السيول والأمطار" في مديرية حيس. وأكد لوكالة فرانس برس أن "الطاقم المداوم يتحمل فوق طاقته، ويمكن أن ينهار في أي وقت"، محذّراً من "كارثة طبية إن لم تجر الاستجابة من الجهات المعنية".

الموجة الأخيرة من الكوليرا... تفاقمت بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات التي تلتها، ما زاد من خطر تلوث المياه"

وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت مناطق عدة في اليمن، وبينها مديرية حيس، الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، سيولاً جارفة نتيجة هطول أمطار غزيرة. وقد أسفرت الفيضانات عن مقتل 60 شخصاً، وألحقت أضراراً بـ268 ألفاً آخرين منذ أواخر يوليو/تموز في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، بحسب الأمم المتحدة.

بعد نزاع استمرّ نحو عقد وتسبب بسوء تغذية حاد وبتدمير المراكز الطبية، تستعدّ حيس لأزمة صحية جديدة عقب الفيضانات في اليمن التي قد تحمل معها أمراضاً تنتقل عن طريق المياه. وقالت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير صدر مؤخراً إنّ "الموجة الأخيرة من الكوليرا... تفاقمت بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات التي تلتها، ما زاد من خطر تلوث المياه". وأكد الحضرمي أن المركز استقبل بين الأول من أغسطس/آب و18 منه، 530 مريضاً يُشتبه بإصابتهم بالكوليرا.

ولم يتسنّ للسلطات الصحية تأكيد إصابة سوى ثلاثة أشخاص بعد إرسال العينات إلى مختبر طبي في محافظة تعز المجاورة، بحسب الطبيب، وسط إمكانيات محدودة لإجراء الفحوص وغياب المختبرات في المنطقة. وأشار الطبيب إلى أن هذا الأمر يدلّ على أن المرض "منتشر وخاصة الآن بسبب الأمطار، سيتفاقم الوضع أكثر فأكثر".

"الكوليرا منتشرة" 

والكوليرا الناجمة عن تلوث المياه أو الغذاء، هي مرض متوطن في اليمن الذي يشهد منذ 2014 نزاعاً بين الحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران. وساهم النقص الشديد في المياه، وتهالك المنشآت الصحية، وارتفاع معدلات سوء التغذية، في زيادة حالات الكوليرا منذ أواخر العام الماضي.

جاءت الفيضانات في اليمن لتزيد التحديات التي تواجهها وكالات الإغاثة في بلد يتعرض فيه العاملون في المجال الإنساني لخطر الاعتقال من جانب الحوثيين، وحيث يحتاج نصف السكان إلى مساعدات إنسانية.

في حيس، تسببت الفيضانات هذا الشهر بتبعثر الألغام الأرضية وانتقالها إلى أماكن جديدة، ما أدى إلى تعقيد وصول عاملي الإغاثة إلى المجتمعات المحتاجة وزيادة المخاطر التي قد يُواجهونها، وفق المنظمة الدولية للهجرة.

ومن بين المحتاجين إلى المساعدة عبد الله الشميري الذي يخشى أن تصاب عائلته كلها بالكوليرا، بعدما ثبُتت إصابة ابنه بالمرض وانتقال العدوى إليه. وقال عبد الله الشميري (46 عاماً) الأب لأربعة أبناء، لـ"فرانس برس" من أمام المركز الطبي في حيس: "قبل أسبوع كان ولدي مصاباً بالكوليرا وأُرسل الفحص إلى تعز وتبين من الفحص أن الكوليرا حادة جداً". وأضاف أن "البيت كله (مصابون) بإسهال وإخواني (مصابون) بإسهال... لكن العلاجات هنا لم نتمكن من تحصيلها، نضطر في بعض الأحيان إلى أن نجلبها من الخارج". وتابع "الكوليرا منتشرة في مديرية حيس وحتى في جوارها".

نقص التمويل 

وسُجّلت في اليمن، حيث تسبب النزاع بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، 2,5 مليون حالة خلال فترة تفشي وباء الكوليرا الأخيرة في البلاد أي بين 2016 و2022، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. وقالت الوكالة الأممية إن ذلك شكّل "أكبر تفشٍ للكوليرا على الإطلاق في التاريخ الحديث"، مع أكثر من أربعة آلاف وفاة.

منذ أواخر العام الماضي، تُسجّل زيادة جديدة في عدد حالات الكوليرا، لكن يصعب تقدير نطاقها نتيجة الوصول المحدود إلى المعلومات وكذلك إلى المصابين على الأرض.

بحلول العاشر من أغسطس/آب، جرى الإبلاغ عن 163944 شخص يُشتبه بإصابتهم بالكوليرا مع 647 حالة وفاة مرتبطة بها في مختلف أنحاء البلاد عام 2024، حسب ما أكد متحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). وأوضح لفرانس برس أن غالبية الحالات والوفيات جرى الإبلاغ عنها في شمال اليمن، حيث تخضع أجزاء شاسعة منه لسيطرة المتمردين الحوثيين.

وقالت مديرة التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ليزا داوتن، إن خطة الأمم المتحدة للاستجابة للكوليرا في اليمن قدرت في البداية وجود 60 ألف حالة في الفترة الممتدة من إبريل/نيسان إلى سبتمبر/أيلول 2024.

لكن الأرقام الأخيرة أظهرت أن الوضع أسوأ مما كان متوقعاً، إذ إن التمويل الحالي يكفي فقط لمعالجة ربع هذه الحالات، وفق قولها. وحذّرت أمام مجلس الأمن الدولي في 15 أغسطس من أنه "إذا لم يجر تعزيز جهود الاستجابة على الفور، فإن عدد الحالات المشتبه بها قد يرتفع أكثر، ليتجاوز 250 ألف حالة في غضون أسابيع قليلة".

وقال فؤاد حمص، وهو أحد سكان حيس، إن الأعداد في المنطقة "كل يوم تزداد"، مشيراً إلى أن ذلك حصل "بسبب الأوبئة التي انتشرت نتيجة الفيضانات في اليمن والأمطار والسيول الجارفة". وأشار إلى أن "عدم وجود مجار لتصريف المياه في المدينة أدى إلى تجمع المياه في أماكن كثيرة داخل المدينة ما أدى إلى انتشار الأمراض".

(فرانس برس)

المساهمون