حذّر المرصد العراقي لحقوق الإنسان من موجات نزوح بسبب الجفاف والعواصف الترابية، خاصة من المناطق الجنوبية في البلاد، داعياً الحكومة العراقية إلى اتخاذ التدابير الكفيلة بالحفاظ على حياة المدنيين ومنع حركة النزوح المتوقعة.
ونقل المرصد، وهو منظمة مدنية مستقلة، عن خبراء تحدثوا عما وصفوه بـ"إهمال السلطات" للتغيّر المناخي في البلاد، وآخر آثاره العواصف الترابية المتكررة، الأمر الذي يضع البلد وسكانه أمام كارثة وشيكة قد تؤدي لموجات نزوح جديدة.
وكشف المرصد عن "دراسة لوزارة البيئة العراقية قبل سنوات، كتب فيها المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، مكتب غرب آسيا، إياد أبو المغلي، كلمة توضح أنّ 92% من مساحة العراق معرضة للتصحر".
موجات نزوح متوقعة بسبب الجفاف والعواصف الترابية » المرصد العراقي لحقوق الانسان https://t.co/MeGz0jFmU7
— المرصد العراقي Iraqi Observatory for Human Rights (@IOHRiraq) May 23, 2022
يجري ذلك بالتوازي مع تراجع حاد في مناسيب نهري دجلة والفرات وبقية الأنهر في العراق، وجفاف بحيرتي (ساوة) في محافظة المثنى و(حمرين) في ديالى، فيما تهب عواصف الرمال وتغطي أغلب مدن العراق بشكل بات شبه يومي أو أسبوعي، ما أدى إلى أكثر من حالة وفاة، وإصابة الآلاف بحالات اختناق.
ويتوقّع خبراء حصول موجات نزوح جديدة تطاول، هذه المرة، فئات متعددة "ما لم يتم فعل شيء يخفف وطأة العواصف الترابية".
وأكد الخبراء الذين تحدثوا إلى المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن "تجريف البساتين والأراضي الزراعية لبناء منازل أو مجمعات تجارية عليها، وكذلك الاحتباس الحراري العالمي وآثار عمليات استخراج النفط والجفاف العام، ضمن أسباب التصحر وارتفاع درجات الحرارة".
ونقل المرصد عن أستاذ التلوث البيئي في الجامعة المستنصرية في بغداد إياد عبد المحسن قوله إنّ "الكارثة آتية لا محالة، والعراقيون جميعهم سيعانون من آثارها، ما لم تسارع أجهزة الدولة إلى فعل شيء"، منتقدا "عدم تأسيس الحكومات العراقية المتعاقبة صندوقا مالياً أو هيئة علمية لإدارة الكوارث".
ودعا إلى "تنفيذ برنامج تشجير يمتد من نينوى إلى البصرة، على أن تتولى إدارة كل محافظة قطاعها المحدد فقط".
ودعا المرصد الجهات المسؤولة عن تحديد ميزانية العراق المالية وموارد صرفها إلى "تخصيص جزء من الميزانية الخاصة بهذا العام 2022، وما يتلوه من أعوام، لقضايا المناخ، بغية تفادي كارثة تفاقم التغير المناخي".
وكانت محافظة ديالى العراقية قد سجلت الشهر الحالي نزوح عدة عائلات من بلداتها، بسبب موجة الجفاف التي تعانيها، والتي تسببت بحرمان منطقتهم حتى من مياه الشرب، الأمر الذي يعكس تطورا خطيرا لتفاقم أزمة المياه في المحافظة.
من جهته، أكد مسؤول في المحافظة أن الغطاء النباتي انحسر عن المحافظة بنسبة قد تصل إلى 60 بالمائة هذا العام، وأن الأهالي يفضلون النزوح بسبب ما يعانونه من جفاف وتصحر. وقال المسؤول، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة لم تحرك ساكنا إزاء هذا الملف، إذ إن زوال الغطاء النباتي عن المحافظة والمحافظات الأخرى تسبب بموجات العواصف الترابية، وإن عدم وجود معالجات يهدد عددا من المحافظات، لا سيما الزراعية".
وشدد: "نحتاج إلى حلول عاجلة لمنع موجات النزوح، التي بدأت في المحافظة، بحثا عن الماء وعن المكان الأفضل"، مشيرا إلى أن "استمرار التجاهل الحكومي للملف ينذر بكارثة إنسانية في ديالى وغيرها من المحافظات".
وتعدّ محافظة ديالى المرتبطة حدوديا مع إيران الأكثر تضررا من بين المحافظات العراقية الأخرى، بسبب قطع إيران روافد نهر دجلة، ما تسبب بانخفاض مناسيب المياه في نهر ديالى إلى ما يزيد عن 90 بالمائة، ما دفع وزارة الزراعة العراقية إلى استثنائها من الخطة الزراعية بشكل كامل، كما تسبب ذلك بتعطل الكثير من مشاريع مياه الشرب بسبب عدم وجود مياه في الأنهر التي تعمل عليها.
وكانت وزارة البيئة العراقية قد عبّرت عن قلقها من جراء التأثيرات السلبية لاستمرار العواصف الترابية في عدد من محافظات البلاد، مطالبة بمعالجات تحدّ منها، وسط تأكيدات بوجود عقبات كثيرة مالية وأمنية، وأخرى تتعلق بشح المياه، تحول دون إمكانية توسيع الغطاء النباتي والأحزمة الخضراء في البلاد.