تحذيرات من تحوّل مستشفيات غزة إلى مقابر

15 أكتوبر 2023
في أحد مستشفيات غزة التي تنازع (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)
+ الخط -

حذّرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الأحد، من انهيار قدرات المستشفيات أمام "مجازر إسرائيل"، مشيرة إلى أنّها باتت "تلفظ أنفاسها الأخيرة". وأكّدت أنّ الآلاف معرّضون للموت في حال لم يُصر إلى إدخال المساعدات الطبية اللازمة.

وأوردت وزارة الصحة ذلك في سلسلة منشورات على صفحتها على موقع فيسبوك، نقلاً عن المتحدّث باسمها أشرف القدرة، الذي بيّن أنّ 70 في المائة من سكان مدينة غزة وشمالي غزة محرومون من الخدمات الصحية، بسبب العدوان غير المسبوق الذي يشنّه الاحتلال الإسرائيلي.

كذلك، دعت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الأحد، المواطنين إلى التبرّع الفوري بالدم في مجمّع الشفاء الطبي، وكلّ المستشفيات، وفي فروع جمعية بنك الدم في محافظات غزة، في ظلّ تواصل الغارات الإسرائيلية.

ويتفاقم وضع القطاع الصحي في قطاع غزة في كلّ لحظة، مع استمرار القصف الإسرائيلي الذي يستهدف حتى المستشفيات والمرافق الصحية وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية، في حين أنّ أعداد الجرحى والقتلى هائلة، في ظلّ عجز كارثي في اللوازم الطبية والوقود الضروري لتوليد الكهرباء.

من جهته، حذّر أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية ورئيس الإغاثة الطبية الفلسطيني مصطفى البرغوثي، اليوم الأحد، من خطر انهيار كامل للمستشفيات في قطاع غزة وتحوّلها إلى مقابر، مشيراً إلى أنّ جثامين الشهداء لم يعد لها مكان في ثلاجات المستشفيات، وهي توضَع في ثلاجات عادية.

وقال البرغوثي، في مؤتمر صحافي عقده في رام الله وسط الضفة الغربية، إنّ "مئات المرضى في حاجة إلى غسل كلى ولا يستطيعون الحصول على هذه الخدمة الضرورية، ما يعرّضهم للوفاة في أيّ لحظة، كما أنّ ثمّة نساء يلدنَ على الطرقات لعدم القدرة على الوصول إلى المستشفيات والمراكز الصحية، وأطفالاً كثيرين يموتون في حاضنات الأطفال بسبب انقطاع الكهرباء في المستشفيات".

ورفض المتحدث ذاته مغادرة المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، داعياً إياها إلى البقاء للقيام بدورها في قطاع غزة.

ووصف البرغوثي ما يجري بـ"الكارثة الصحية"، وسط مخاوف من انتشار الأوبئة من جرّاء نقص المياه، محذّراً من توقّف المستشفيات عن العمل، بسبب القصف الإسرائيلي وانقطاع الكهرباء والمياه، الأمر الذي قد يتسبّب في استشهاد الجرحى والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.

وأضاف أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية أنّ "الاحتلال ارتكب 57 مجزرة في قطاع غزة، وشطب 47 عائلة من السجل المدني بعد استشهاد أفرادها"، مشيراً إلى أنّ من بين الشهداء نحو 800 طفل.

الصورة
جثث في أحد مستشفيات غزة (حاتم علي/ أسوشييتد برس)
لم تعد ثلاجات مستشفيات غزة تتّسع للجثث (حاتم علي/ أسوشييتد برس)

وطالب البرغوثي بـ"العمل على وقف فوري وعاجل لإطلاق النار، وفتح ممرّات آمنة لإيصال المياه والدواء والغذاء والأوكسيجين، وبعدها العمل على عملية تبادل للأسرى".

وعن محاولات تهجير أهالي غزة، قال البرغوثي إنّ "الفلسطينيين معرّضون لنكبة جديدة الآن أخطر وأسوأ من نكبة عام 1948، فإسرائيل تخطط لترحيل سكان قطاع غزة إلى مصر، وهذا أمر لا يجب أن يمرّ".

ورأى أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية ورئيس الإغاثة الطبية أنّ الاحتلال الإسرائيلي، بتأييد من الولايات المتحدة الأميركية ودول غربية، يعمل على تنفيذ أربع عمليات خطرة ضد الفلسطينيين، وهي "نزع الإنسانية عنهم، وفرض العقوبات الجماعية، والتطهير العرقي، والإبادة الجماعية".

وأوضح البرغوثي أنّ "محاولة نزع الإنسانية عن الفلسطينيين وشيطنتهم، والادّعاء بأنّ حركة "حماس" هي "داعش"، تجري عبر جملة من الأكاذيب، والتي جرى التراجع عنها من وسائل إعلام غربية"، مشيراً على سبيل المثال إلى مراسلة قناة "سي أن أن" الأميركية التي "اعتذرت عن نشر أخبار كاذبة حول قطع رؤوس أطفال إسرائيليين". كذلك، تحدّث عن صحيفة "لوس أنجليس تايمز" الأميركية التي "تراجعت عن ادّعاءاتها بوقوع اغتصاب" خلال عملية "طوفان الأقصى". وأكّد البرغوثي أنّ الفبركة في الإعلام تهدف إلى "السماح بارتكاب جرائم ضد الشعب الفلسطيني".

وشدّد على أنّ أيّ "تراجع عربي أو فلسطيني يعني تصفية القضية الفلسطينية"، لأنّ "الاحتلال يستغل الأحداث من أجل تنفيذ مخططات أعدّها في السنوات الماضية". واستنكر قمع التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية في دول أوروبية، وحظر رفع العلم الفلسطيني فيها.

وفي سياق متصل، حذّرت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، اليوم الأحد، من "استمرار التدهور غير المسبوق في الوضع الصحي الصعب في قطاع غزة، الذي ينذر بكارثة إنسانية محقّقة قد تمتد لسنوات طويلة"، وذلك بسبب استهداف الاحتلال الإسرائيلي القطاع الصحي.

وأوضحت المنظمات الأهلية، في بيان، أنّ "التحذير يأتي بفعل تواصل عمليات الاستهداف المباشر من قبل جيش الاحتلال للمستشفيات والمراكز الطبية والصحية في قطاع غزة، بالإضافة إلى استهداف سيارات الإسعاف". وأشارت إلى اتصالات أمر خلالها ضباط الاحتلال بإخلاء المستشفيات في القطاع وفقاً لمهلة زمنية، بالإضافة إلى استمرار قطع الكهرباء والمياه عن قطاع غزة الذي يعاني من "مأساة إنسانية حقيقية".

وحذّر القطاع الصحي في شبكة المنظمات الأهلية، في البيان نفسه، من أنّ المستشفيات تعاني من حالة انهيار شبه كلّي، بسبب أعداد المصابين المتزايدة والمرتفعة جداً، وقلّة الموارد والمستلزمات الطبية، وافتقار المستشفيات إلى المواد الأساسية، ونقص الأدوية. وأضاف أنّ من شأن حالة الانهيار تلك أن تؤدّي إلى كوارث، من بينها ارتفاع أعداد الجرحى الذين سوف يفقدون حياتهم من جرّاء ذلك، بالإضافة إلى تحويل المستشفيات إلى "مقابر"، بحسب أطباء وبيانات في قطاع غزة، وذلك مع منع الممرّات الآمنة، وعدم القدرة على الوصول إلى المستشفيات لتلقّي العلاج، وتدمير البنى التحتية في قطاع غزة بصورة كاملة.

ودعت شبكة المنظمات الأهلية إلى تأمين حماية عاجلة للقطاع الصحي في قطاع غزة وإنقاذه، وتحمّل الجهات الدولية المسؤولية في إنقاذ الوضع الصحي، وحماية الطواقم الطبية، والعمل بكلّ الأدوات المتاحة من أجل وقف هذا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والشعب الفلسطيني.

وشدّدت الشبكة على ضرورة التحرّك الفوري من قبل منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، من أجل وقف "مأساة محدقة" في الساعات المقبلة، بالتزامن مع التهديد بشنّ حرب برية وتوسيع القصف الإسرائيلي. ووصفت ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي بأنّه "حرب عدوانية تتجاوز قواعد القانون الدولي، وتُرتكب من خلالها جرائم حرب وفقاً للمواثيق والقوانين الدولية".

المساهمون