تجميد طلبات لجوء السوريين في ألمانيا ومكافأة للعودة

15 ديسمبر 2024
سوريون يحتفلون بسقوط النظام في ألمانيا. 10 ديسمبر 2024 (ينغ تانغ/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بعد سقوط نظام الأسد، علّق المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا دراسة 47 ألف طلب لجوء سوري، مما أثار جدلاً حول عودة اللاجئين. وزيرة الداخلية أكدت أن الوضع في سوريا غير واضح، وسيتم تكييف الممارسات مع التطورات.
- القرار أثار ردود فعل متباينة؛ بعض السياسيين دعوا لعودة اللاجئين، بينما حذر آخرون من التسرع. الزعيمة أليس فايدل طالبت بعودة فورية، بينما اقترح آخرون تنظيم رحلات عودة.
- يعيش في ألمانيا حوالي 974 ألف سوري، بينهم 56 ألف طفل ولدوا هناك. تقارير أشارت إلى تأثيرات محتملة على القطاع الطبي، حيث يعمل أكثر من 5000 طبيب سوري.

بعد يوم واحد من إعلان سقوط نظام الأسد، قرر المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا تعليق دراسة نحو 47 ألفاً من طلبات اللجوء التي تقدم بها سوريون، وسط حديث عن أن كثيرين منهم أصبحوا قادرين على العودة إلى وطنهم.
وعقب صدور قرار التجميد، أكدت وزيرة الداخلية، نانسي فيزر، أن الأوضاع في سورية مربكة للغاية، ولا يمكن توقع خيارات محددة للعودة، وبالتالي لا يمكن تحديد حالة الحماية للمتضررين. موضحة أن المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء سيقوم بتكييف ممارسته مع الوضع الجديد بمجرد أن يصبح أكثر وضوحاً.
وفي توضيح لهذا التغير المفاجئ، أفادت المتحدثة باسم وزارة الداخلية، صونيا كوك، في تصريحات إعلامية، أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين ينظر في كيفية التعامل مع كل حالة على حدة، بما يتضمن أيضاً تقييماً واقعياً لوضع مقدم الطلب، والأوضاع في سورية، وأنه لدى المكتب خيار تأجيل طلب اللجوء إذا كان الوضع غير واضح، كما أن هناك إمكانية لإعادة ترتيب أولويات قرارات اللجوء، وسيتم فرز الطلبات ودراستها وتقييمها.
وأضافت كوك أن "الطلبات المقدمة من السوريين سيتم تصنيفها، وسيتم إعطاء أولوية لمتقدمين من دول أخرى، على أن يسري تعليق القرارات حتى تتضح الأمور، ولفترة غير محددة من الزمن".
ولا ينطبق قرار تجميد طلبات اللجوء على ما يسمى "إجراءات دبلن"، حيث تكون دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي مسؤولة عن تنفيذ إجراءات اللجوء. ومن المعلوم أن حالة الحماية التي تم منحها للاجئين يمكن إلغاؤها إذا ما تحسّن الوضع في بلدهم الأم بشكل دائم، وليس على المدى القصير.
في المقابل، برزت تحذيرات من حالة التسرع، ومن الشعبوية. واعتبرت الزعيمة المشاركة لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، أليس فايدل، أن "كل شخص يحتفل الآن في ألمانيا بسورية الحرة لم يعد لديه سبب للبقاء، ويجب أن يعود إلى بلده على الفور".
في حين دعا سياسيون ونقابيون إلى دعم عودة اللاجئين إلى ديارهم، وقال نائب رئيس كتلة "الاتحادي المسيحي" المعارض، ينس شبان، لشبكة "أر تي إل" الإخبارية: "كخطة أولى، أود القول إننا نقدم عرضاً لاستئجار طائرات وتنظيم رحلات العودة، مع تقديم مكافأة عودة بقيمة 1000 يورو".
أما خبير السياسة الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي، يورغن هاردت، فأعرب ضمن برنامج في التلفزيون الرسمي، عن اعتقاده بأنه ستكون هناك إعادة قراءة للوضع السياسي في سورية، وبالتالي تقييم مسألة من يسمح له بالحصول على حق الحماية، وأنه من المفترض أن يتقرر ذلك خلال الأسابيع المقبلة. مضيفاً: "العديد من السوريين يريدون العودة إلى وطنهم مع نهاية حقبة نظام الأسد".
بدوره، اقترح زعيم الحزب الليبرالي الحر، كريستيان ليندنر، عقد مؤتمر دولي بشأن سورية.

آلاف السوريين يحتفلون في ألمانيا. 8 ديسمبر 2024 (هشام الشريف/الأناضول)
آلاف السوريين يحتفلون في ألمانيا، 8 ديسمبر 2024 (هشام الشريف/الأناضول)

من جانب آخر، كان القرار محط استياء سياسيين بينهم ميشائيل روث، المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والذي قال لقناة "زد دي إف"، إن "هيئة تحرير الشام تسلمت السلطة في سورية، ولا يزال من غير الواضح إذا كانت الأوضاع ستكون آمنة بعد خلع الأسد، أو كيف ستتطور الأمور، أو ما إذا كانت ستندلع حرب أهلية جديدة. سورية تواجه أوقاتاً غامضة، ولا يمكن الوثوق بهذه الجماعة رغم الحديث عن تصرفاتها المعتدلة حالياً. السؤال هو هل ستبقى على هذا النحو؟".
بدوره، يقول الممثل الخاص للحكومة لاتفاقيات الهجرة، يواخيم ستامب، لصحيفة "راينشه بوست"، إنه من المحتمل أن يفتح سقوط الأسد آفاقاً جديدة للتعاون في مجال الهجرة مع المعنيين في سورية، لكن لا يزال من السابق لأوانه التعهد باتخاذ إجراءات ملموسة.
وفي غمرة السجال المحتدم، حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بوربوك، والمنتمية إلى حزب الخضر، من "استخلاص النتائج بسرعة كبيرة بشأن وضع السياسة الأمنية في سورية، إذ لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما سيحدث، ومن المهم بذل كل ما هو ممكن لضمان حماية الأشخاص، ودفع عملية السلام إلى الأمام. كل من يحاول استغلال الوضع في سورية لأغراض سياسية أو حزبية أو انتخابية، هو فاقد للاتصال مع الواقع في الشرق الأوسط".
وحسب وزارة الداخلية، يعيش في ألمانيا 974 ألفاً و136 شخصاً من أصل سوري، من بينهم 56 ألفاً و200 طفل ولدوا في ألمانيا، ويتمتع 329 ألفاً و242 شخصاً منهم بالحماية الفرعية، ما يعني أنهم لا يتمتعون بحماية اللاجئين ولا حق اللجوء، وإنما تتم حمايتهم لأنهم معرّضون للخطر في بلدهم، فيما هناك 321 و444 شخصاً حصلوا على وضع لاجئ، والبقية لديهم تصاريح إقامة أخرى. مع العلم أن الوافدين السوريين شكلوا هذا العام أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في ألمانيا، حيث قدم 74 ألفاً و971 سورياً طلب لجوء منذ مطلع العام الحالي.

واعتبر رئيس مركز الاستقبال الأولي المركزي في آيزنهوتنشتات، في لقاء مع شبكة "آر بي بي"، أنه "من الخطأ تجميد البت في طلبات السوريين، لأن المتضررين سيبقى وضعهم معلقاً، ومن المهم الاستمرار في دراسة ملفاتهم، واتخاذ القرارات لإنصاف الفئات الضعيفة، بما فيها الأسر التي لديها أطفال أو مسنون أو مرضى".
وأفاد رئيس مكتب الهجرة واللجوء في ولاية برلين، في تصريح صحافي، بأن "حق التجنيس في الولاية لا يزال ممكناً، وستتم دراسة كافة الطلبات المقدمة، حتى لو قامت الحكومة الفيدرالية بإلغاء الاعتراف باللاجئين من منطلق أن الأساس القانوني لم يتغير، وتتمتع سلطات الهجرة بسلطة تقديرية، حتى لو تم إلغاء تصريح الإقامة".
وبينت تقارير صحافية أن تداعيات ستطاول القطاع الطبي ومجال الرعاية الصحية، لا سيما وأن أكثر من 5000 طبيب سوري يعملون في ألمانيا. في حين نقلت شبكة التحرير الألمانية عن "معهد سوق العمل والبحوث المهنية"، أن "سوق العمل الألماني سيكون قادراً على التعامل مع عودة اللاجئين السوريين، كونهم يشكلون 0.6% من الموظفين، ويعملون في المقام الأول في مجالات الخدمات اللوجستية والأمن، وأنه يمكن تعويض غيابهم بواسطة مواطني دول غرب البلقان".

المساهمون