- تؤثر الحروب سلبًا على الاقتصاد العالمي بتعطيل حركة النقل وقطع الإمدادات، وتقلل من قدرة البلدان على استعادة بيئاتها والتحول إلى اقتصاد خالٍ من الوقود الأحفوري.
- الجيوش تسهم بشكل كبير في انبعاثات غازات الدفيئة، حيث تستهلك كميات هائلة من الطاقة وتسبب تلوث المسطحات المائية والتربة والهواء، مما يؤثر سلبًا على النظم البيئية.
تلحق الحروب الضرر بالبيئة بصورة مباشرة، لكنها أيضاً تتسبب بتعزيز تغير المناخ الذي يرتد أيضاً على البيئة بصورة غير مباشرة، وبطرق قد تعرض الصحة العامة للخطر، وتدمر التنوع البيولوجي لسنوات قادمة.
تسببت حروب بخسائر كارثية في الأرواح، ونزوح واسع النطاق، وأزمات غذاء عالمية متنامية، كما ألحقت أضرارًا بالغة بالبيئة الطبيعية في أماكن حدوثها، ما سلط الضوء على الطرق العديدة التي تدمر بها الحرب التنوع البيولوجي. خلال حرب فيتنام، جرى تدمير أكثر من 5 ملايين فدان من الغابات و500 ألف فدان من الأراضي الزراعية، وتقلصت مساحة الأهوار الخضراء في العراق إلى 10 في المائة خلال الحرب الإيرانية العراقية، وفقدت أفغانستان ما يقرب من 95 في المائة من غطائها الحرجي خلال العقود الأخيرة.
ولوثت الهجمات على المنشآت الصناعية إمدادات المياه الجوفية، كما هدد القصف المتعمد لملاجئ الحياة البرية التنوع البيولوجي كونها تحافظ على أنواع حيوانية على شفير الانقراض، وتسبب الإحراق المتعمد للغابات الطبيعية بهدف كشف المخابئ التي تحتمي بها الأطراف المتصارعة بتقليل الموارد الطبيعية التي تستهلك غاز ثاني أوكسيد الكربون وتمنح الأوكسيجين، وبالتالي، زادت من مخاطر تغير المناخ بشحن الطبقات الجوية العليا بغازات الدفيئة التي تزيد من ارتفاع درجات الحرارة وتخرب عمل الأنظمة الإيكولوجية.
لكن تأثير الحروب لا يتوقف على البيئة والتنوع البيولوجي فقط، بل يمتد إلى الاقتصاد العالمي الذي يتضرر من جراء الحصار على حركة النقل تارة، أو من قطع الإمدادات كالنفط والغاز والمواد الكيميائية، أو قطع الإمدادات الغذائية المختلفة، أو من انصراف المتحاربين عن الأداء الصناعي والتجاري بسبب المخاطر التي تتأتى من الحرب، وهذا الأمر ليس محدوداً بالأطراف المتصارعة وحدها، بل بالدول المجاورة وحتى البعيدة، وذلك لأسباب لن نتطرق إليها لبعدها قليلاً عن موضوعنا.
ومع كل يوم إضافي من الحرب، تتضاءل قدرة البلدان على استعادة مجتمعها وبيئتها النابضة بالحياة، وتتقلص قدرتها على التحول إلى اقتصاد يستبعد الوقود الأحفوري، وبالتالي يطيل من عمر تغير المناخ، ما يؤدي إلى انتشار المواد السامة، وإلى أجواء مختنقة بالأبخرة الكيميائية.
ولا بد من الإشارة إلى أن الحروب تؤدي أيضاً إلى تلويث المسطحات المائية والتربة والهواء، ما يجعل المناطق غير آمنة للعيش فيها، خاصة تلك التي تستخدم فيها المواد الكيميائية المحظورة عالمياً.
وإذا ما جرى احتساب ما ينتج عن جيوش العالم من غازات دفيئة، فإنه يقدر بنحو 6 في المائة من جميع الانبعاثات، ويعتقد أن النسبة أعلى، لكن العديد من الحكومات لا تقدم بيانات عن الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة العسكرية، وما ذلك سوى لإخفاء المعلومات عن الترسانة الحربية.
في الواقع، ليس عامة الناس وحدهم من يجهلون ذلك، بل إن صناع السياسات أيضاً غير مدركين له. حتى في وقت السلم، تستهلك الجيوش كميات هائلة من الطاقة السوداء. على سبيل المثال، فإن 40 في المائة من استخدام الوقود الأحفوري يقع في مباني وزارة الدفاع الأميركية البالغ عددها بالآلاف، تشمل مرافق التدريب والمهاجع والمصانع والمباني الأخرى في القواعد العسكرية المنتشرة حول العالم، والبالغ عددها 800 قاعدة.
وفي دول مثل سويسرا والمملكة المتحدة، تستهلك وزارات الدفاع معظم كميات الوقود الأحفوري المخصصة للوكالات الحكومية، ولا تقوم الدول التي تمتلك جيوشاً ضخمة مثل الصين وروسيا وفرنسا بالإبلاغ عن إجمالي انبعاثاتها، لكن من المتوقع أن يكون النمط هو نفسه.
في بعض الحروب تستخدم المواد الكيميائية في سياسة الأرض المحروقة التي تدمر الطبيعة، كما أن النظم البيئية البحرية ليست محمية من التلوث الذي تتسبب به الحروب، ففي الواقع، تطلق السفن الحربية كميات هائلة من النفايات والمواد الكيميائية المحظورة، وهذا يؤدي إلى تدهور الموائل البحرية والسواحل وإلى انطلاق غازات الدفيئة إلى السماء، ما يسبب العواصف الهوجاء المدمرة والفيضانات العاتية والصقيع القارس المميت، وعدم انتظام الأمطار على كوكب الأرض، وارتفاع درجة حرارة الأرض والجو غير المحتملة.
(اختصاصي في علم الطيور البريّة)