تأثيرات سلبية على المناخ بسبب استخدام دهن الحيوانات كوقود أخضر

02 يونيو 2023
الطلب مرتفع على دهون الحيوانات لاستخدامها كوقود طبيعي (Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي تسير فيه الاتجاهات العالمية إلى الابتعاد عن الوقود الأحفوري لحماية الكوكب، كان العديد من الخبراء قد اعتمدوا بشكل أساسي على دهون الخنزير والماشية كجزء من وقود طبيعي يمكن استخدامه للطائرات، خاصة أن الطائرات مسؤولة عمّا يقارب من 3 في المائة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالمياً، بحسب الأمم المتحدة، ولكن دراسة جديدة أجرتها منظمة النقل والبيئة ومقرها بروكسل حذرت من أن استخدام دهون الحيوانات سيكون له تأثير سلبي على المناخ، وإن بطريقة غير مباشرة.

ويشير مات فينش، من منظمة النقل والبيئة، إلى أن "الطلب المرتفع على دهون الحيوانات لاستخدامها كوقود طبيعي يتعارض مع الإنتاج العالمي للدهون، بمعنى أدق، لا يوجد كميات كافية من الحيوانات سنوياً قادرة على تلبية الطلب المرتفع، وتحديداً من قطاع النقل الجوي"، وبالتالي، وبحسب ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست"، سيكون هناك خياران لتلبية الطلب:

  1. يشير الخيار الأول إلى أن الشركات ستضطر إلى استخدام موارد أخرى، بما في ذلك زيت النخيل، ولذا سيكون الطيران بشكل غير مباشر مسؤولاً عن زيادة كمية زيت النخيل التي تُسحب عبر النظم الأوروبية
  2. أما ما يتعلق بالخيار الثاني، وسيكون الأسوأ، فسيسعى المزارعون إلى تربية المزيد من الحيوانات، وهو ما يؤدي إلى زيادة غاز الميثان.

وتقول الدراسة إنّ أكثر من 70 مليار حيوان تذبح سنوياً لتوفير اللحوم للاستهلاك البشري، وعليه، وفي ظل الطلب العالمي على منتجات الدهون الحيوانية، سيؤدي ذلك إلى تحفيز منتجي اللحوم على تحويل الأراضي الطبيعية لإنتاج اللحوم، مما ينتج عنه المزيد من غاز الميثان، وهو غاز يمكن أن يكون له تأثير أكبر بمقدار 34 مرة من ثاني أكسيد الكربون على مدى 100 عام.

ويعد إنتاج اللحوم من أكثر العوامل المتسببة في زيادة غازات الاحتباس الحراري. ففي عام 2018-2020، كان القطاع الزراعي وتربية الماشي مسؤولين عن نصف غازات الاحتباس الحراري الضارة.

من جهة أخرى، وبحسب ما ذكرته شبكة "بي بي سي" البريطانية، فإن تحديات أخرى تواجه إنتاج الدهون الحيوانية، إذ سيجد منتجو الأغذية الخاصة بالحيوانات، والذين يعتمدون بشكل كبير على نفايات الحيوانات لإعادة تدويرها، أنفسهم أمام خيارات صعبة تتعلق بنقص العرض، ما سيؤدي إلى اضطرارهم للجوء إلى منتجات كيميائية لإنتاج أطعمة الحيوانات، وهو ما يزيد من انبعاثات الكربون.

وتقول يكول بالي، نائبة الرئيس التنفيذي لشركة UK Pet Food: "تعدّ منتجات الحيوانات قيّمة جداً بالنسبة لصناعة أطعمة الحيوانات، ويصعب استبدالها"، لذا فإن تحويل هذه المكونات إلى الوقود الحيوي في الواقع يخلق مشكلة تتعلق بصناعة أغذية الحيوانات الأليفة.

مصدر طبيعي

تعتبر الدهون الحيوانية من النفايات الطبيعية التي يمكن استخدامها كوقود طبيعي، نظراً لأن بصمتها الكربونية أقل بكثير من بصمة الوقود الأحفوري. وخلال السنوات الماضية، جرى استخدام الشحم والدهن لصنع الشموع والصابون ومستحضرات التجميل على نطاق واسع، وبعدها بدأ العديد من الخبراء بإدخال هذه المواد كجزء من الوقود الخاص بالطائرات، أو ما يعرف بالديزل الحيوي.

في عام 2006، بدأ الاتحاد الأوروبي باستخدام الدهون لإنتاج الديزل، وارتفعت كمية الدهون الحيوانية المستخدمة في إنتاج وقود الديزل الحيوي بأكثر من 40 مرة منذ عام 2006. وفي عام 2021، أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن عن خطط لاستبدال جميع وقود الطائرات ببدائل مستدامة بحلول عام 2050. كما أن السلطات في أستراليا لفتت إلى أنها ستبني منشأة لتصنيع الوقود الحيوي النفاث على نطاق واسع في كوينزلاند، وهذا ما يشير إلى أن الطلب العالمي سيرتفع خلال السنوات المقبلة لتأمين ديزل طبيعي.

كم عدد الخنازير التي تحتاجها الطائرات كوقود؟

بحسب الدراسة، فإن الرحلة من باريس إلى نيويورك ستحتاج إلى دهون من 8800 خنزير ميت إذا كان كل الوقود يأتي من مصادر حيوانية. ومع احتمال قيام المملكة المتحدة بتقييد استخدام المنتجات الحيوانية وزيوت الطهي، فمن المرجح أن تحتوي محركات الرحلات الجوية التي تزود بالوقود في جميع أنحاء بريطانيا على كميات صغيرة فقط من المواد المشتقة من الحيوانات، والتي يبدو من الصعب تأمينها أيضاً.

وفي الاتحاد الأوروبي، سيكون لشركات الطيران هدف وقود طيران مستدام بنسبة 6% لعام 2030، منها 1.2% يجب أن يأتي من الكيروسين الإلكتروني. بافتراض أن النسبة المتبقية 4.8 % مشتقة بالكامل من الدهون الحيوانية، فإن ذلك سيتطلب حوالي 400 خنزير لكل رحلة عبر المحيط الأطلسي.

المساهمون