في دلالة قوية على عودة العلاقات عبر الأطلسي إلى سابق عهدها، يحلّ الرئيس الأميركي، جو بايدن، ضيفاً بارزاً، اليوم الخميس، على قمة الاتحاد الأوروبي المنعقدة افتراضياً، فيما يواجه التكتّل الساعي إلى تسريع حملات التحصين ضدّ فيروس كورونا، انتقادات لسوء إدارته الأزمة. وتنظر بروكسل والعواصم الأوروبية الأخرى ببعض الحسرة، إلى التقدم الذي أحرزته الولايات المتحدة في حملة تلقيح مواطنيها.
صرّح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مساء الأربعاء: "قال الأميركيون منذ صيف العام 2020 "سنسخّر كلّ وسائلنا وننطلق"، لذلك لديهم كمية أكبر من اللقاحات. أبدوا طموحاً أكبر من طموحنا".
وتُعقد القمة، التي بدأت عند الواحدة بعد الظهر، على خلفية سياسية متوترة. فبعد انتقاده لسذاجته، قرّر الاتحاد الأوروبي تشديد موقفه، خصوصاً ضدّ المملكة المتحدة المتهمة بالاحتفاظ باللقاحات التي تنتجها، فيما واصل الأوروبيون تسليمها عبر قناة المانش. وأجبر بطء حملات التلقيح في أوروبا وظهور موجة ثالثة من الوباء، العديد من البلدان من بينها فرنسا وألمانيا، على تشديد القيود في ظلّ معارضة الرأي العام المتزايدة لها.
اعتذارات علنية
وأقرّت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الأربعاء، بارتكاب خطأ. وقالت في خطاب رسمي غير متوقع، "يجب الاعتراف بالخطأ عند حدوثه والأهم أن يُصحّح هذا الخطأ، وفي الوقت المناسب، إن أمكن".
ولمعالجة هذه المشاكل، عزّزت المفوضية الأوروبية آلية مراقبة تصدير اللقاحات التي وُضعت في يناير/كانون الثاني الماضي. وأثارت الخطوة انتقادات من لندن، لكن الجانبين أعربا، مساء الأربعاء، عن نيّتهما إيجاد حلّ. وتسمح الآلية بمنع تصدير اللقاحات إلى دول تنتج بنفسها الجرعات والمكوّنات والمعدّات ولا تمدّ الاتحاد الأوروبي بها. كذلك يمكن منع تصدير اللقاحات إلى بلدان تكون نسبة عالية من سكّانها تلقت اللقاح أو يكون الوضع الوبائي فيها أفضل.
"علينا أن نكون حريصين جداً"
وداخل الاتحاد الأوروبي، دعم البعض، مثل فرنسا، الآلية التي تسمح لأوروبا "بالدفاع عن مصالحها"، في وقت انتقدها البعض الآخر. وعبّرت دبلن عن معارضتها الشديدة لأي "حظر". وأعربت بلجيكا، حيث العديد من مواقع إنتاج الأدوية، عن قلقها من إجراءات انتقامية محتملة قد تؤثّر على شبكات إنتاج اللقاحات الدولية. وتشاطرها هولندا وألمانيا هذا القلق.
وحذّر دبلوماسي أوروبي، من أنّه "علينا أن نكون حريصين جداً مع قرارات حظر التصدير، خاصة عندما تتعلق بشركات تحترم عقودها".
وبين الشركات الأربع المصنّعة للقاحات المرخّص لها في الاتحاد الأوروبي، "أسترازينيكا"، هي الوحيدة حالياً، التي ينتقدها الأوروبيون لعدم تسليم كميات كافية من اللقاح.
وقرار السماح بالتصدير أو حظره، رهن بتقييم الدولة التي يقع فيها موقع الإنتاج لكلّ حالة على حدة، لكن للمفوضية الأوروبية الكلمة الفصل في حال ظهور خلاف.
والمسألة الأخرى الحسّاسة، هي توزيع اللقاحات على الدول الأعضاء، وطالبت ستّ دول، منها النمسا، تعتبر أنها لم يتم إنصافها، بآلية لتصحيح النظام الحالي. وتجري حالياً مباحثات على مستوى الخبراء لإيجاد حلّ لمساعدة هذه الدول، لكن لا يتوقع معالجة هذا الملف خلال القمة، وفقاً لمصادر دبلوماسية.
وقال دبلوماسي إنه يمكن لكل دولة عضو، أن تحجز جرعات وفقاً لعدد سكانها، لكن "بعض الدول قرّرت شراء عدد أقل من اللقاحات (...) ولا يمكن إلقاء اللوم على الاتحاد الأوروبي أو الدول الأوروبية الأخرى في هذا الخصوص".
مشاركة بايدن في القمة
وسيتطرّق رؤساء الدول والحكومات أيضاً إلى الشهادة الصحية التي اقترحتها المفوضية لتسهيل السفر في الاتحاد الأوروبي، وإنقاذ موسم السياحة الصيفي.
وفي النهاية، قرّر رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، عقد القمة عبر الفيديو، بسبب تدهور الوضع الصحي جراء وباء كوفيد-19. وستكون أول مشاركة للرئيس الأميركي، جو بايدن، في قمة مع قادة دول الاتحاد الأوروبي، بعد مشاركة الرئيس السابق، باراك أوباما، في قمة أوروبية في الخامس من إبريل/ نيسان 2009.
وأعلن مسؤول أوروبي أن "الاتحاد الأوروبي بدأ مباحثات، على صعيد اللقاحات، مع الولايات المتحدة، لضمان مدّها بالمكونات و"التواصل يتمّ بشكل ممتاز".
والقمّة المقرّرة ليومين، قد تنتهي صباح غد الجمعة أو مساء الخميس.
(فرانس برس)