تحذّر منظمة الصحة العالمية من خطورة اضطراب انقطاع التنفس في أثناء النوم، لا سيّما في حال عدم تشخيصه، إذ يكون من الصعب حينها وضع حدّ للتداعيات السلبية على صحة الإنسان ككلّ في الوقت المناسب.
في الوقت الذي يدعو فيه خبراء النوم الأفراد إلى ضرورة إيلاء النوم اهتماماً كبيراً ليكون نوماً صحياً، لا سيّما من خلال الابتعاد عن كلّ مسبّبات الأرق والإزعاج ليلاً، إلا أنّ اضطراباً من اضطرابات النوم المتعدّدة قد يصيب أيّ شخص وينسف كلّ شيء. ولعلّ أحد أسوأ أو أخطر تلك الاضطرابات هو انقطاع التنفس في أثناء النوم. وفي هذا السياق، راحت مواقع إعلامية البريطانية تتناقل في الأيام الأخيرة ما كشفه رومان كمب، مقدّم البرامج الشهير في إذاعة كابيتال إف إم البريطانية، عن إصابته بانقطاع التنفس في أثناء النوم. يُذكر أنّ إعلان كمب أتى في مقابلة حصرية مع صحيفة ديلي ميل البريطانية، لكنّ استعادة المواقع الإخبارية الأخرى هذا الإعلان، سلّطت الضوء بطريقة أو بأخرى على هذه الحالة المرضية التي ما زال كثيرون يجهلونها.
وهذا الاضطراب ليس نادراً، غير أنّ التوعية به وبمخاطره ما زالت خجولة بعد الشيء. وعلى سبيل المثال، تشير تقديرات نشرها "سليب آبنيا" وهو موقع أميركي متخصّص بشؤون المرضى الذين يعانون من انقطاع التنفس في أثناء النوم، إلى أنّ 22 مليون أميركي يعانون من هذا الاضطراب، وقد شُخّص 80 في المائة منهم بأنّهم يعانون تحديداً ما يُعرَف بانقطاع التنفس الانسدادي النومي إمّا المعتدل وإمّا الشديد.
وفي خلال هذا الاضطراب الذي يقسّم إلى ثلاثة أنواع رئيسية، يتوقّف التنفس ثمّ يبدأ من جديد في أثناء النوم، وذلك بشكل متكرّر. ويمكن الشكّ في إصابة به في حال كان المرء يشخر بشكل زائد وفي حال كان يشعر بتعب حتى وإن نال قسطاً كافياً من النوم.
وبحسب ما تذكر هيئة خدمات الصحة البريطانية، فإنّ النوع الأكثر شيوعاً هو انقطاع التنفس الانسدادي النومي الذي يحدث عندما ترتخي عضلات الحلق بشكل متقطّع وتسدّ مجرى الهواء في أثناء النوم. والنوع الثاني بحسب ما تشرح "مايو كلينيك"، المجموعة الطبية والبحثية الأميركية، فهو انقطاع التنفس النومي المركزي الذي يحدث عندما لا يرسل الدماغ الإشارات الملائمة إلى العضلات المتحكّمة في عملية التنفس. أمّا النوع الثالث فهو انقطاع التنفس النومي المعقد، ويُعرَف كذلك بانقطاع التنفس النومي المركزي الناتج من علاج، وهو يحدث نتيجة إصابة المرء بانقطاع التنفس الانسدادي النومي وانقطاع التنفس النومي المركزي في الوقت نفسه.
يصيب انقطاع التنفس في أثناء النوم الأشخاص في كلّ الفئات العمرية، بمن فيهم الرضّع والأطفال. لكنّه يَظهر أكثر عند الرجال فوق سنّ الأربعين، خصوصاً الذين يعانون من البدانة، وفقاً لما يورده "سليب آبنيا".
وفي هذا السياق، يقول الطبيب المتخصص بالأمراض التنفسية والحساسية يحيى الأحدب لـ"العربي الجديد" إنّ "من أكثر المشكلات التي يعاني منها النائم، هي عدم القدرة على التنفس، لأنّها تكون مقدّمة لأمراض عديدة". ويشرح الأحدب أنّ "انقطاع التنفس في أثناء النوم قد يؤدّي إلى ارتفاع في ضعط الدم، وقد يمهّد لأمراض أخرى ترتبط بالجهاز التنفسي. كذلك فإنّ نقص الأوكسيجين في جسم الإنسان في خلال النوم من شأنه أن يحدث ضرراً في الجهاز العصبي". يضيف الأحدب أنّه "على المدى الطويل، احتمالات الإصابة بسكتات دماغية تكون مرتفعة لدى هذه الفئة من الأشخاص، لذا لا بدّ لهم من الإسراع في تلقّي العلاج".
وتمتدّ آثار اضطراب انقطاع التنفس في أثناء النوم، إذ إنّ كثيرين من المصابين به يعانون من حالات اكتئاب مزمنة، بحسب هيئة خدمات الصحة البريطانية. ويأتي ذلك نتيجة عدم قدرتهم على النوم بشكل سليم ومتواصل. كذلك فإنّ الشعور المستمر بالنعاس الذي يعاني منه عدد كبير من المرضى يتسبّب في حالات قصوى من التعب والإرهاق.
وهذا أمر أكّده رومان كمب، متحدّثاً عن معاناته مع الشعور الدائم بالنعاس في خلال ساعات النهار. ولم يخفِ في تصريحاته الأخيرة أنّه في أحيان كثيرة، وعلى الرغم من انشغاله بأحاديث مع الناس، فإنّ نومات من النوم القهري تنتابه. وبالتالي يفقد القدرة على السيطرة على نفسه، وقد يغفو في خلال محادثة، الأمر الذي يتسبّب في حرج كبير.
ويشير الأحدب إلى أنّ المصاب بانقطاع التنفس في أثناء النوم، "قد يشكو إلى جانب الشخير، من الاستيقاظ وهو يشعر بأنّه غير قادر على التنفّس أو وهو يلهث أو حتى يختنق. وقد يترافق ذلك مع أوجاع في الرأس والحلق. وإذا تكرّرت هذه الحالة لفترة طويلة أي لمدّة تتخطّى الشهرَين، فإنّه يتوجّب على المريض مراجعة الطبيب". ويوضح الأحدب أنّه "يمكن للإنسان أن ينقطع تنفسه في مرّات عديدة، بسبب أمراض أو حساسية ما، لكنّ استمرار الأعراض لفترة طويلة يؤشّر إلى اضطراب في النوم".
وإلى جانب ذلك، تلفت "مايو كلينك" إلى الأعراض التي تظهر بشكل واضح في خلال النهار، فلا يتمكّن المصاب بانقطاع التنفس في أثناء النوم من العمل بشكل متواصل ولا من التركيز على مهامه، ويشعر بتعب شديد وبتقلبات مزاجية.