انشراح أبو عمشة... طفلة من غزة يحاصرها الحرب والسرطان والنزوح

21 يونيو 2024
+ الخط -
اظهر الملخص
- انشراح أبو عمشة، طفلة عمرها 16 عامًا من غزة، تواجه السرطان وظروف حياة قاسية مع عائلتها في خيمة بعد فقدان منزلهم ووسائل الراحة، مما يعكس الحياة تحت الحصار.
- المعاناة تشمل العائلة بأكملها حيث تعاني الأم والشقيقة من السرطان، والشقيق من مرض زيادة الكهرباء في الدماغ، في ظل فقدان معيل العائلة والاعتماد على المساعدات الشحيحة.
- إغلاق معبر رفح يحرم انشراح وغيرها من المرضى من العلاج خارج القطاع، في وقت تعاني فيه وزارة الصحة الفلسطينية من فقدان قدرتها السريرية بأكثر من 70%، مما يبرز الصراع من أجل البقاء في ظل الحصار والحرب.

لم يتجاوز عمر الطفلة انشراح أبو عمشة الـ16 عاماً، عاشتها في غزة كغيرها من أطفال القطاع المحاصر غير أنها عانت خلال أعوامها الصغيرة ليس ويلات الحرب الإسرائيلية فحسب، بل عذابات السرطان أيضاً الذي يتفاقم في ظل تدهور الخدمات الصحية المتوافرة في القطاع. آلام أبو عمشة تضمها خيمة متهالكة من القماش تختزن بداخلها درجات عالية من الحرارة والرطوبة، وتنعدم فيها مقومات الحياة. بعد أن كانت تمتلك غرفة يتوفر فيها جهاز تبريد يتواءم مع وضعها الصحي ويخفف -ولو بالحد القليل- من تداعيات مرضها.

أبو عمشة عائلة تحمل ذاكرة من الألم

سرير العلاج الذي حرمت منه أبو عمشة، لم تغادر صوره هاتفها، حيث حالت الحرب وإغلاق معبر رفح إغلاقاً شبه كلي منذ بداية الحرب، الطفلة أبو عمشة من استكمال علاجها في الخارج، كما كانت تسعى عائلتها في 10 أكتوبر الماضي، بينما ينعدم اليوم الأمل لدى الطفلة وعائلتها في الخروج من القطاع لاستكمال العلاج وسط تدهور وضعها الصحي، وذلك بعدما أوصدت إسرائيل المعبر تماماً في 7 مايو/ أيار الماضي بعد أن سيطرت آنذاك على الجانب الفلسطيني منه ضمن عملية بدأتها في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع.

الصورة
عائلة أبو عشمة في غزة تعاني من ويلات النزوح والمرض والحرب، 18 يونيو 2024 (الأناضول)
سرير العلاج الذي حرمت منه أبو عمشة، لم تغادر صوره هاتفها، 18 يونيو 2024 (الأناضول)

"انشراح"، ليست الفرد الوحيد في عائلة أبو عمشة المصاب بالسرطان، إنما هي واحدة من ثلاثة حيث تعاني والدتها وشقيقتها المرض نفسه، ويواجه شقيقها مرض زيادة الكهرباء في الدماغ. ويصارع اليوم أفراد العائلة المرض والحرب من أجل البقاء، في حين فقدوا معيلهم الوحيد قبل سنوات بالمرض ذاته.

السفر للعلاج تحت حصار الاحتلال

داخل الخيمة التي تنعدم فيها مقومات الحياة الآدمية، ولا سيما الخاصة بمرضى السرطان، تجلس الطفلة أبو عمشة تداعب مجموعة من القطط التي تقول إنها بدأت برعايتهم خلال الحرب. متذكرة بيتها في بيت حانون شمالي القطاع قائلة: "في منزلنا ببلدة بيت حانون، شمال القطاع، كانت لدي غرفة خاصة فيها جهازا تهوية وتبريد، وذلك لأنني في حاجة إلى ظروف خاصة جراء ضعف المناعة الذي أعانيه"، مضيفة: "لكن اليوم نجلس في خيمة، وسط ظروف غير صحية، وبدون توفر أي مقومات من شأنها أن تساهم في رفع مناعتي"، مشيرة إلى انعدام إمكانية الخروج من الخيمة بسبب اكتظاظ النازحين داخل مركز الإيواء؛ في ظل انتشار أمراض وأوبئة. لافتة إلى أن وضعها الصحي يحول دون "تحملها لحرارة الجو الحالية ما يؤدي إلى تدهور في صحتها". معربة عن آمالها في السفر خارج القطاع لتلقي العلاج برفقة أفراد عائلتها في أقرب وقت ممكن.

الصورة
عائلة أبو عشمة في غزة تعاني من ويلات النزوح والمرض والحرب، 18 يونيو 2024 (الأناضول)
سماح والدة الطفلة انشراح أبو عمشة، 18 يونيو 2024 (الأناضول)

سماح والدة الطفلة أبو عمشة تقول: "إن والد انشراح توفي قبل أعوام إثر إصابته بمرض السرطان"، مضيفة: "أنا وطفلتي الأخرى آية مصابتان بالسرطان، وأما الطفل فهو مصاب بزيادة كهرباء في المخ"، موضحة أن الحالة الصحية التي تمر بها "انشراح" صعبة للغاية "جراء المضاعفات الصحية التي تعرضت لها وزيادة الانتفاخ في الجزء الأيسر من الوجه"، وتستكمل قائلة: "كنت أجمع المال من أجل إخراج الطفلة لاستكمال علاجها في الخارج بعد أن تلقته في مستشفيات إسرائيلية وفي الأردن، لكن من دون جدوى، فقد أجرت نحو 17 عملية جراحية منذ إصابتها بالمرض". ومن بين تلك العمليات، خضعت "انشراح"، لعملية استئصال ورم في الرأس وزرع بلاتين، فضلاً عن عملية زرع للفك، بحسب قول الوالدة، مشيرة إلى أنها فقدت منزلها في الحرب، كما فقدت بالتزامن جميع الأموال التي احتفظت بها من أجل علاج "انشراح".

الصورة
عائلة أبو عشمة في غزة تعاني من ويلات النزوح والمرض والحرب، 18 يونيو 2024 (الأناضول)
عائلة أبو عمشة مرت بـ 12 رحلة نزوح، 18 يونيو 2024 (الأناضول)

وتجتمع ظروف الحرب والمرض لدى عائلة أبو عمشة، مع غياب معيلها الذي توفي بسبب السرطان حيث يعتمدون في حياتهم اليومية على المساعدات الشحيحة التي تصل إليهم. وتوضح سماح أن انعدام توفر الطعام الصحي والحليب الخاص برفع مناعة الجسم ساهم في تدهور الوضع الصحي لـ"انشراح". وقالت عن ذلك: "مرت علينا أيام تناولنا فيها الكرتون بدلاً من الخبز".

مرت عائلة أبو عمشة التي يعاني معظم أفرادها المرض، بنحو 12 رحلة نزوح. وقالت أبو عمشة: "منذ اندلاع الحرب نزحنا من منزلنا في بلدة بيت حانون، ومن هنا بدأت رحلات النزوح حتى بلغت نحو 12 مرة"، موضحة أن حالة التشرد التي أصابت العائلات خلال الحرب، أبعدتها عن أقاربها مما جعل فرصة الحصول على الدعم والإسناد أمراً صعباً للغاية، وفق قولها. وبيّنت أنها أصيبت بشظايا قصف إسرائيلي استهدف المستشفى الإندونيسي (شمال) الذي مكثت فيه الطفلة أبو عمشة لتلقي العلاج خلال الحرب. مضيفة: "خلال فترة مكوثنا في الإندونيسي، استهدف الجيش الطوابق العليا من المستشفى قبل اقتحامه". وتابعت: "أصبت بشظايا صاروخ في يدي، ما سبّب قطع العصب فأشعر بخدران في اليد ما يحول دون إنجازي للمهام اليومية".

الصورة
عائلة أبو عشمة في غزة تعاني من ويلات النزوح والمرض والحرب، 18 يونيو 2024 (الأناضول)
"انشراح"، ليست الفرد الوحيد في عائلة أبو عمشة المصاب بالسرطان، 18 يونيو 2024 (الأناضول)

ومنذ بداية الحرب، أغلق الاحتلال الإسرائيلي معابر قطاع غزة خاصة معبر رفح البري، الذي شهد إغلاقاً جزئياً سمح خلاله بخروج عدد قليل جداً من أصحاب الجوازات الأجنبية والمرضى والجرحى، إلا أن قوات الاحتلال أغلقته تماماً بعد أن سيطرت على الجانب الفلسطيني من المعبر في 7 مايو/أيار الفائت، ومن ذلك الحين ترفض القاهرة التنسيق مع تل أبيب بشأن المعبر، لعدم "شرعنة" احتلاله؛ حيث لم يخرج من ذلك الوقت أي جريح أو مصاب. وتقول وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان، إن القطاع الصحي "فقد أكثر من 70% من قدرته السريرية في القطاع، في حين تكافح الوزارة لتقديم الخدمات الصحية عبر إقامة مستشفيات ميدانية، لكنها غير قادرة على توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية".

وفي يونيو/ حزيران الجاري، قالت الوزارة إن 25 ألف مريض وجريح في القطاع في حاجة إلى العلاج في الخارج ولم يتمكنوا من السفر خلال العدوان الإسرائيلي، مشيرة في بيان لها آنذاك أن عدد المرضى والجرحى الذين تمكنوا من السفر للعلاج في الخارج "بلغ نحو 4895 فقط، بنسبة وصلت إلى 19.5% من إجمالي العدد. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي، المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة لمدة 4 أيام قبل أن ينسحب منه مخلفاً عدداً من القتلى ودماراً واسعاً.

(الأناضول، العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..
الصورة
أطفال فلسطينيون يدرسون في خيمة بدير البلح، في 9 يونيو 2024(الأناضول)

مجتمع

قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الجمعة، إن أكثر من 625 ألف طفل فلسطيني حرموا من الدراسة لأكثر من ثمانية أشهر جراء الحرب..
الصورة
شعار ويكيبيديا 23/2/2024 (ماتيوس سلودكوفسكي/Getty)

منوعات

قرر محرّرو موسوعة ويكيبيديا بنسختها الإنكليزية، أحد أكثر المواقع الإلكترونية المقصودة حول العالم، أن رابطة مكافحة التشهير (ADL) مصدر "غير موثوق".
الصورة
مخيمات النازحين في رفح بجنوب غزة، في 25 يونيو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

تعيش مخيمات النازحين في غزة على وقع مأساة إنسانية متفاقمة، وسط برك مياه الصرف الصحي وأكوام القمامة المتراكمة وحرارة الصيف القائظ..
المساهمون