ندّدت منظمات وجمعيات تونسية بعمليات الترحيل القسري والانتهاكات التي تستهدف المهاجرين التونسيين في مراكز الاحتجاز في إيطاليا، مؤكدة في بيان لها مساء أمس الجمعة تسجيل ممارسات عنف وتجاوزات عدة أثناء عمليات الاحتجاز والترحيل القسري.
وأشارت إلى تسجيل حالات وفيات منذ افتتاح هذه المراكز في إيطاليا، وصلت إلى 30 حالة. كما أن نسبة إيذاء النفس مرتفعة للغاية وبلغت 10 جراء سوء المعاملة، مذكرة بوفاة الشاب وسام بن عبد اللطيف، أصيل مدينة قبلي جنوب تونس عن عمر 28 عاماً، بعدما كان مقيداً لمدة تقارب 100 ساعة في جناح الطب النفسي بمستشفى سان كاميلو في روما، بعد نقله من المركز الدائم للترحيل الواقع في "بونتي جاليريا".
ومن بين المنظمات، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ومحامون بلا حدود، والجمعية التونسية من أجل الحقوق والحريات.
أفادت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية وجمعية مواطنة وحريات، بأن "حق التنقل أساسي وفق المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام 1948، وعدد الأوضاع غير النظامية إلى تفاقم بسبب المقاربات الأمنية التي تحد من إمكانية الوصول الآمن والمنظم إلى البلدان"، داعية السلطات الإيطالية إلى "احترام كافة الإجراءات الدولية لحماية المهاجرين وضمان حقوق الأشخاص الذين ينتقلون على الأراضي الإيطالية".
وقال المسؤول عن الإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، إن "التونسيين يمثلون الجنسية الرئيسية المحتفظ بها في مراكز الترحيل الإيطالية، وبلغ عددهم حوالي 9506 تونسيين خلال السنوات الأربع الماضية من إجمالي 17767 مهاجراً، وهو ما يمثل 53 في المائة من المرحلين".
وبين أن "ارتفاع عدد التونسيين المرحلين يعود إلى إتفاقيات إعادة القبول التي وقعتها تونس مع ايطاليا. للأسف، تونس متعاونة في هذا المجال. كما أن التونسيين يمثلون الجنسية الرئيسية التي سيتم ترحيلها من إيطاليا بحوالي 6758 شخصاً أي 57 في المائة من العدد الإجمالي للمرحلين".
وأوضح بن عمر أن "المنتدى قام منذ سنوات بعدة دراسات حول التونسيين في مراكز الترحيل، وتم التأكيد على أن التونسيين هناك يتعرضون إلى ممارسات عنصرية على أساس الهوية، وهناك مسارات خاصة بالتونسيين منذ وصولهم إلى إيطاليا". أضاف: "من أبرز الانتهاكات المسجلة العنف النفسي والجسدي، وعدم إعلام المهاجرين بحقوقهم، والأخطر أنه وفق القانون الإيطالي الجديد، فإنه يمكن التمديد في مدة الاحتفاظ لتصل إلى 18شهراً"، مؤكداً أن "الظروف الصحية سيئة وظروف الأكل مهينة، وبعض الأدوية التي تستعمل بحجة تهدئة المهاجرين باتت تشكل خطراً عليهم".
وأفاد بن عمر بأنه "على السلطات التونسية الدفاع عن المهاجرين التونسيين وإيقاف التعاون في مجال الترحيل القسري"، مبيناً أن "السند الذي يمكن للدولة الاعتماد عليه هو قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الصادر في مارس/ آذار 2023 بعد قضية رفعها المنتدى بالتعاون مع شركائه في إيطاليا للدفاع عن حق مهاجرين تونسين هناك كانوا قد تعرضوا لانتهاكات مهينة في 2017، ودانت المحكمة الأوروبية الحكومة الإيطالية". أضافت: "هناك خرق لحقوق الإنسان في مجالات عدة منها عدم الدراية بالحقوق والإهانة والترحيل القسري الجماعي. ويمكن الاستناد إلى هذا الحكم لوقف التعاون في الترحيل حتى تحترم إيطاليا الاتفاقيات والمعاهدات الدولية".
وقال مدير مكتب محامون بلا حدود رامي الخويلي، لـ "العربي الجديد"، إن "إجراءات وطرق الاحتفاظ سيئة"، مبيناً أن "أماكن الاحتفاظ غير مهيأة ولا تتوفر بها الشروط اللازمة للمهاجرين، والمحتفظ بهم معزولون عن العالم الخارجي ولا يمكنهم حتى التواصل مع المحامين للنظر في الطلبات والمطالب كاللجوء وتسوية الوضعية لتصبح قانونية".
أضاف أن "تونس من الدول القليلة التي تقبل المرحلين التونسيين العائدين من إيطاليا، في حين أن عدة دول لا تقبل ذلك وهو ما يفسر تزايد أعداد المرحلين"، مبيناً أن "محامون بلا حدود بالتعاون مع منظمات إيطالية تتابع عدة أمور وكلما تصل إليها حالة تتضمن انتهاكاً للحقوق أو عنفا أو سوء معاملة فإنها تلجأ للقضاء الإيطالي للدفاع عن هؤلاء". وقال إن "هناك حالات من العنف وصلت إليهم إلى جانب سوء معاملة وهناك من تحدثوا عن استعمال مهدئات وأدوية مخدرة بشكل مفرط ووثقوا شهادات لمهاجرين في الغرض"، مشيراً إلى أن "التغطية الصحية غير متوفرة بالشكل الكافي، والظروف ككل سيئة داخل المراكز خاصة التي تستقبل أعدادا فوق طاقة استيعابها، ما ينجر عنه ظروف متردية لا تحفظ الكرامة الإنسانية، وهو ما يولد العنف بين المقيمين في ما بينهم ومع الأعوان".