تستقبل المستشفيات العراقية منذ مطلع الأسبوع الماضي الآلاف من إصابات الأنفلونزا الموسمية وفيروس كورونا، وفقاً لمسؤول صحي قال لـ"العربي الجديد" إن معدل الإصابات هو الأعلى في العراق منذ نحو عام كامل، رغم تحذيرات سابقة لوزارة الصحة العراقية بشأن الالتزام بالإجراءات الوقائية الخاصة بمنع انتشار العدوى.
وقال مسؤول في العاصمة بغداد إن المستشفيات الحكومة استقبلت خلال الأسبوعين الماضي والحالي آلاف الحالات اليومية من مصابي الأنفلونزا وفيروس كورونا ومشاكل تنفسية مختلفة ناتجة عن عدوى فيروسية، مضيفاً أنّ "ذلك شكّل ضغطاً على المستشفيات بشكل عام، لكن بالمجمل حالة عدم المبالاة من خطر متحورات كورونا أو الأنفلونزا الموسمية تهيمن على المجتمع".
الأنفلونزا بذروة انتشارها في العراق
الدكتور أحمد العاني، أخصائي الأمراض الانتقالية والمعدية في وزارة الصحة العراقية، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن الإصابات بالأنفلونزا أخذت بالارتفاع منذ شهرين، لافتاً إلى أنه لا يملك أرقاماً بالإصابات لكنه يلفت إلى أن الأعداد تتصاعد وهي الآن في ذروتها.
يقيس العاني ارتفاع وانخفاض نسبة الحالات إلى عدد الداخلين للمستشفيات وكذلك بكمية الأدوية التي تصرف لهذه الغاية وفق قوله، مشيراً إلى أن الفيروسات المتوالدة من "كورونا" تنشط أيضاً في هذه الفترة، كما يتوقع أن يكون المتحور الجديد قد دخل إلى البلاد.
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر، في تصريح صحافي، إن المتحور الجديد من فيروس كورونا "هو السلالة الأسرع نمواً وانتشاراً في العديد من الدول"، متوقعاً دخوله إلى البلاد قريباً، لكنه يؤكد في الشأن ذاته عدم رصد أي إصابة منه حتى الآن، مشيراً إلى أن جميع المتحورات التي ظهرت هي من نسل جائحة كوفيد- 19.
وأوضح البدر أن أعراض السلالة الجديدة تماثل إلى حد كبير أعراض الأنفلونزا الوبائية أو الموسمية وهي الأعراض الأكثر شيوعاً، كارتفاع درجات الحرارة، والشعور بالإعياء، وسيلان الأنف، والسعال، والإنهاك البدني، والآلام والقشعريرة، فضلاً عن فقدان حاستي الشم والتذوق، مؤكداً أن اكتشافه يعتمد على التشخيص السريري.
وتوقع المسؤول العراقي ظهور سلالات جديدة قد تكون أقل أو أكثر خطورة، وتختلف في ما بينها ببعض الأعراض، موضحاً أنه في حال ظهورها سيتم الإعلان عنها رسمياً، داعياً المواطنين من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والاعتلالات المناعية إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية.
كما قال البدر لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "وزارة الصحة وفرت اللقاح الخاص بالأنفلونزا الموسمية في عدد من المؤسسات الصحية، وهو يستهدف فئات الخطر العالي الذين هم أكثر عرضة للإصابة أو من الممكن أن تكون لديهم مضاعفات خطيرة تهدد صحتهم أو حياتهم إذا ما أصيبوا".
وعلى الرغم من أن الأنفلونزا فيروس موسمي، يصاب به الأشخاص في مختلف دول العالم، لكن الإصابة به في العراق عالية جداً لأسباب تتعلق بالمجتمع والبيئة، وفق ما يقول الدكتور علي العامري المختص بالأمراض السريرية، في حديث لـ"العربي الجديد".
يحيل العامري انتشار الأنفلونزا إلى عدة عوامل، أبرزها تغير الفيروس باستمرار، ما يُصعب التعرف إليه من قبل الجهاز المناعي، بالإضافة إلى سهولة انتقال الفيروس عبر قطيرات رذاذ المصابين، وملامسة الأشخاص والأشياء الملوثة بالفيروس. وللمناخ تأثير أيضاً، إذ ينشط الفيروس عند انخفاض درجات الحرارة، فضلاً عن مساهمة التجمعات البشرية في نشره، وإمكانية انتقاله من الحيوانات وقدرته على البقاء على الأسطح لفترة من الوقت.
كل هذه حالات طبيعية لانتشار الأنفلونزا، بحسب العامري، الذي يستدرك قائلاً: "لكنّ دولاً عدة، ومن بينها العراق، تعاني من ظروف بيئية سيئة بوجود تجمعات بشرية بكثافة نتيجة سوء الخدمات، فنجد اكتظاظات بشرية في باصات النقل والأسواق والمؤسسات الحكومية التي ما زالت تتعامل ورقياً، يضاف إلى ذلك ضعف الثقافة الصحية أو انعدامها لدى المجتمع، وهذا له دور كبير أيضاً في نشر الفيروس".
ما يقوله العامري حول الوقاية من الإصابة بالفيروس تحرص على نشره الدوائر الصحية في المراكز الطبية والمستشفيات بعموم البلد، عبر ملصقات في جميع المؤسسات الصحية، تحتوي على تعليمات يمكن لمن يتبعها تجنب الإصابة بمختلف أنواع الفيروسات المتعلقة بالأنفلونزا.
لكن الطبيبة هدى أحمد، المختصة بالطب الباطني العام، تقول لـ"العربي الجديد"، إن التثقيف الصحي ضعيف جداً ولا يرتقي إلى مستوى الخطر الذي يهدد صحة المجتمع. وتشير الطبيبة إلى أن بعض الفئات تكون أكثرعرضة للإصابة بمرض الأنفلونزا وتعاني من مضاعفات أكبر نتيجة للإصابة به، وأبرزها الأطفال، خاصة الذين تراوح أعمارهم بين 6 أشهر و5 سنوات، لكون جهاز المناعة لديهم لا يزال في مراحل التطور.
وتوضح أن الفئات الأخرى الأكثر عرضة هم كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً، والنساء الحوامل، والأفراد المصابون بالأمراض المزمنة، وأيضاً من لديهم ضعف مناعة ومن يخضعون للعلاج الكيميائي.
وتلفت أحمد التي تزاول مهنة الطب الباطني في العاصمة بغداد منذ أكثر من عشرين عاماً، إلى أن "البيئة العراقية تعاني من تلوث كبير وتتسبب بزدياد الأمراض وبالتالي ضعف المناعة، ومن المسببات الحديثة لضعف المناعة الطعام الجاهز والمعلب والأطعمة والمشروبات المضافة إليها نكهات وصبغات مختلفة، وهذا مؤكد علمياً، ما يجعل المواطن فريسة سهلة للأنفلونزا، ولا سيما أننا في العراق نعاني من ضعف كبير في أداء أجهزة الرقابة على الأطعمة والمشروبات".