النازحون من مدينة الباب… يعبرون مخاطرين بأرواحهم

07 فبراير 2017
مخاوف كبيرة من الألغام (زين الرفاعي/فرانس برس)
+ الخط -



تتزايد أعداد المدنيين الفارين من مدينة الباب السورية، والقرى التابعة لها في ريف حلب، بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية التي تشنها قوات درع الفرات بدعم من الجيش التركي، ضد قوات تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" التي تسيطر على المدينة، كما تزداد معها أعداد الضحايا الذين يقضون على طريق الهروب من المدينة، بسبب الألغام المزروعة في الأراضي المحيطة بها.

خلال شهر كانون الأول/ يناير الماضي، قضى عشرات النازحين بسبب الألغام التي زرعها تنظيم "داعش" في محيط المدينة، منعاً لتقدم قوات درع الفرات إليها، في حين قتل آخرون برصاص عناصر التنظيم، التي تحاول منع المدنيين من الهرب.

رحلة العائلات النازحة من المدينة تبدأ غالباً مع حلول الظلام، علّه يحميهم من أعين قوات التنظيم ورصاصه، لكنه يضاعف من خطر الألغام. ويروي أبو محمد وهو نازح من مدينة الباب "لم يتوقف سقوط القذائف علينا منذ أشهر، قتل ابن عمي وولده منذ عشرة أيام، دفناهما وقررنا النزوح. لا يسمح لنا داعش بالمرور من الطرق، خرجنا من الأراضي عند العاشرة ليلاً، كانت تتقدمنا عائلات أخرى، فجأة انفجر لغم وقتل رجل، كنا نظن أن ذلك الطريق هو الوحيد الذي لا يحتوي على ألغام، فظهر لنا أن كل الطرق كانت ملغمة. توقفنا دقائق، حملوه وتابعنا، لم يكن بإمكاننا أن نعود".

وتستقبل مدينة إعزاز الواقعة على الحدود السورية التركية وريفها، يومياً، عشرات النازحين من مدينة الباب. ويتوجه الكثير منهم إلى مراكز الإيواء والمخيمات المنتشرة في المنطقة.

يقول خليل ابو العبد لـ"العربي الجديد" "وصلنا الشهر الماضي، رغم اشتداد القصف على المدينة وتحذيرات التنظيم بعدم الخروج، علمنا حينها أن القادم أسوأ، مكثنا ثلاثة أيام في العراء وكانت الثلوج تتساقط، فاستقبلنا أحد أصحاب الخير في بيته، إلى أن أقمنا في مخيم باب السلامة".





ويضيف "حال الناس في الباب مأساوي. من لا يرسل ابنه لينضم إلى التنظيم لا يأكل ولا يشرب ولا يسلم منهم، هم على الأرض والقصف من السماء أنهكنا، كانوا يستخدموننا دروعا بشرية. قبل أيام من خروجنا دخلوا منزل أخي وطلبوا إخلاءه واستولوا عليه، بعد ثلاثة أيام فقط قصف البيت".

صخر الديري، وهو ممرض يعمل في إحدى العيادات المتنقلة في المدينة، يشير إلى أن "النازحين من مدينة الباب باتوا موزعين على جميع القرى في ريف حلب الشمالي. هناك أطفال يعانون من سوء التغذية، ومن التهابات معوية ومشاكل تنفسية، ننظم زيارات إلى التجمعات الجديدة للنازحين، هناك مرضى من كبار السن لم يتناولوا أدويتهم الدورية منذ أشهر".

ويضيف "يكشف النازحون من مناطق "داعش" عن قصص مأساوية كثيرة، أسوأها حالة طفلة تبلغ 14عاماً كانت حاملاً، وتعاني من مشاكل صحية تهدد حياتها وحياة طفلها، فحولناها إلى أحد المستشفيات القريبة، تبين لي بعدها أن زوجها كان مقاتلاً في التنظيم وقتل، وقال والدها أنه كان مضطراً لتزويجها".

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أخيراً أن أعداد المدنيين الفارين من المدينة والمناطق المحيطة بها،  قد قاربت الثلاثين ألفاً منذ أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، واتجهوا نحو مناطق أخرى في محافظة حلب.

كما أشارت إلى أنها تساهم بتوفير المساعدة لأولئك الذين شردوا من خلال إنشاء مراكز للاستقبال والعبور وتقديم المساعدات الأساسية للمحتاجين. كما أعربت المنظمة عن قلقها ازاء حال المدنيين عقب العمليات العسكرية الأخيرة، لافتة إلى وجود عشرة آلاف مدني لا يزالون في مدينة الباب، ويعيشون ظروفا صعبة تحت سيطرة التنظيم".



المساهمون