استمع إلى الملخص
- يمثل المدرسون النواب حوالي 10% من القوة العاملة في التعليم، ويعانون من أوضاع وظيفية هشة وأجور منخفضة، مما أدى إلى احتجاجات مستمرة وحلول ترقيعية مثل زيادة الاعتماد على المدرسين المعوضين.
- لجأت وزارة التربية إلى تشغيل المدرسين النواب منذ عهد بن علي لسد النقص في الكوادر التعليمية، لكن دون توفير الأمان الوظيفي، مع تأجيل انتدابهم حتى عام 2025.
يلوّح المدرسون النواب في تونس (المتعاقدون) المعوّضون في مختلف مراحل التدريس بمقاطعة العودة إلى المدارس بعد انقضاء الإجازة بدخول شهر يناير/كانون الثاني القادم، بسبب تعثّر مسار تسوية الوضعية المهنية لنحو 20 ألف مدرس سبق أن وعدت السلطات بانتدابهم رسمياً على دفعات.
ونفّذ مدرسو المراحل الابتدائية والثانوية، اليوم الخميس، احتجاجاً أمام مقر وزارة التربية بالعاصمة تونس، مطالبين بتسوية عادلة وشاملة وإنهاء صيغ العمل الهش التي تعتمدها السلطات منذ سنوات. وقال المتحدث باسم تنسيقية المعلمين النواب مالك العياري إن "المدرسين ينوون المرابطة أمام مقر الوزارة إلى حين تسوية وضعيتهم"، مؤكدا أن" أكثر من 20 ألف مدرس معوِّض لم يحصلوا على أجورهم منذ بداية العام الدراسي الذي انطلق في سبتمبر/ أيلول الماضي".
نفّذ مدرسو المراحل الابتدائية والثانوية، اليوم الخميس، احتجاجاً أمام مقر وزارة التربية بالعاصمة تونس، مطالبين بتسوية عادلة وشاملة وإنهاء صيغ العمل الهش
وأكد العياري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "المدرسين في مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي قرروا، اليوم، القيام بتحركات احتجاجية مشتركة من أجل التنديد بما آلت إليه وضعيتهم من تهميش، ما يحرمهم من كامل حقوقهم المادية والمهنية، فضلا عن حرمانهم من التغطية الاجتماعية". وأضاف: "انقضت الأشهر الثلاثة الأولى من العام الدراسي، ومع ذلك، لم تقم الوزارة بتنزيل الأوامر الترتيبية التي تضمن تسوية عادلة وشاملة لوضعياتهم وضمان أجر شهري وتغطية اجتماعية وصحية".
واعتبر العياري أنّ الموسم الدراسي الحالي يعد "الأسوأ" بالنسبة إلى الأساتذة والمعلمين المعوضين، مؤكّدا أنّه لم تُصرف مستحقاتهم من أجور شهرية إلى حدّ الآن، إضافة إلى أنّ عقود العمل لم تُوقّع في بعض المندوبيات. وأشار في سياق متصل إلى أن "هذه الفئة المهمة من المدرسين تؤمن الحقوق الكاملة للطلاب في مختلف المستويات التدريس في الحصول على مكتسبات تعليمية جيدة، بينما تقابل جهودها بالنكران".
وتعتمد تونس منذ سنوات على المدرسين المعوضين في مختلف مراحل التعليم لتلبية حاجتها من الإطار التعليمي، بعد أن أوقفت السلطة خطة الانتداب المباشر بهدف كبح كتلة رواتب موظفي القطاع الحكومي. ويعد ملف المدرسين النواب من الملفات المعقدة التي تُرحّل من حكومة إلى أخرى، حيث ينفذ هؤلاء بشكل مستمر احتجاجات وإضرابات عن العمل تعطل سير الدروس. في حين يقول خبراء التعليم ونقابات المدرسين إن عوامل مالية بحتة تحول دون البت النهائي في هذا الملف.
المدرسون النواب في تونس: ملف معقد
وبداية العام الدراسي، حذّرت نقابات التعليم من صفوف شاغرة نتيجة نقص في أساتذة المرحلة الإعدادية والثانوية الذي قدرته حينها بنحو سبعة آلاف أستاذ في مختلف الاختصاصات. وانتقدت نقابة التعليم الثانوي اعتماد حلول ترقيعية لم تعد قابلة للاستمرار، من بينها زيادة الاعتماد على الأساتذة المعوضين أو ضم الصفوف التي ينتج عنه اكتظاظ كبير في الأقسام، مطالبة بالانفتاح أكثر على طلبات المدرسين والتعاطي مع الملفات الراكدة بجدية تجنبا لمزيد من تأزيم الأوضاع داخل القطاع.
يمثّل المدرسون النواب في تونس نحو 10% من القوة العاملة في قطاع التعليم في تونس، لكنهم يتقاضون أقلّ من نصف رواتب المعلّمين العاديين، ويتلقّونها على امتداد تسعة أشهر فقط، في ظلّ حرمانهم من الحق في التغطية الاجتماعية الكاملة. ولجأت وزارة التربية منذ أكثر من عقد من الزمن إلى التشغيل الهشّ بسبب قيود الميزانية وضعف التمويل. وقد كان اللجوء إلى المعلّمين النوّاب ذوي الأجور المتدنية والوضع الوظيفي الهشّ، ولا سيما في المناطق التي تعاني من التهميش، ممارسة متّبعة منذ عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، واتّسع نطاقها بعد إطاحته في العام 2011.
وكان الهدف من هذا التشغيل الهشّ في القطاع التعليمي تهدئة الغضب الاجتماعي في أوساط خرّيجي الجامعات العاطلين عن العمل وسدّ النقص في الكوادر التعليمية، لكن من دون توفير الأمان الوظيفي. وأخّرت الحكومة مرة أخرى انتداب معلّمين نوّاب لغاية العام 2025، وأعلنت في مشروع ميزانية الدولة للعام 2025 عن اعتزامها تعيين 7 آلاف و592 مدرسا، لكنها لم تقدّم أي خطط واضحة حول الميزانية أو توقعات نمو موثوقة.