تعيش المدارس الحكومية في المغرب حالة شلل، بسبب إضراب وطني عام يخوضه عشرات آلاف الأساتذة والأطر التربوية والإدارية، منذ اليوم الثلاثاء، ويستمر حتى بعد غد الخميس، لمطالبة الحكومة بالتراجع عن النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التعليم.
وللأسبوع الثالث على التوالي، يلقي الاحتقان بين الأساتذة ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بظلاله على المؤسسات التعليمية الحكومية، بعدما قرّر التنسيق الوطني لقطاع التعليم (يضم 17 تنسيقية)، في خطوة تصعيدية جديدة لإسقاط النظام الأساسي، خوض إضراب وطني لمدة ثلاثة أيام، احتجاجاً على صدور القانون الذي اعتبرته فئات من الأساتذة غير منصف لهم.
وبالتوازي مع خطوة الإضراب الذي شلّ المؤسسات التعليمية صباح اليوم، شهدت الساحة المقابلة للبرلمان بالعاصمة المغربية الرباط تنظيم مسيرة احتجاجية حملت شعار "مسيرة الكرامة"، شارك فيها عشرات آلاف الأساتذة والأطر وممثلو نقابات وتنسيقيات تعليمية، وهي المسيرة التي اتجهت إلى مقر وزارة التعليم، حيث خاض المشاركون فيها اعتصاماً جزئياً.
واستبق التنسيق الوطني لقطاع التعليم الإضراب الجديد بالتأكيد أن "معركة نساء ورجال التعليم المتقاعدين والمزاولين تدخل شهرها الثاني في مواجهة قرار الدولة المغربية في شخص وزارتها الوصية، لفرض نظام أساسي جديد يُجهز على العديد من المكتسبات المهنية والاجتماعية، ولا يستجيب للحد الأدنى من الانتظارات المطروحة من طرف الشغيلة التعليمية".
ويأتي ذلك في وقت قرّرت الوزارة الاقتطاع من أجور الأساتذة المضربين عن العمل ابتداء من فاتح نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعدما سبق إرجاؤه لعدة مرات.
في المقابل، أعلن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، الخميس الماضي، أن الحكومة مستمرة في الحوار مع النقابات التعليمية حول النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية.
وفي ردّه على الاحتجاجات المتواصلة للأساتذة، قال الوزير المغربي، خلال انعقاد المؤتمر الصحافي بعد أشغال المجلس الحكومي، إنّ "المكان والفضاء الأمثل لمعالجة مختلف الإشكالات هو طاولة الحوار، وهذا هو ما قامت به الحكومة ورئيسها والحوار ما زال مستمرا".
وفي السياق، قال الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، المنضوية تحت لواء "الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب"، عبد الإله دحمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ التصعيد الجديد هو "دينامية نضالية موازية لتعنت الحكومة والوزارة ومحاولة التفافها على مطلب إعادة النظر في النظام الأساسي الجديد، الذي لا تتبناه إلا الوزارة بعدما رفضته كل مكونات الشغيلة التعليمية".
وأضاف دحمان: "عوض أن تبادر الحكومة إلى تصحيح مسار الحوار القطاعي وضبط منهجيته وأطرافه وفق مقاربة مسؤولة قادرة على إنهاء التوتر والاحتقان في الساحة التعليمية، لاحظنا أنها تتجه إلى توفير أسباب الاحتقان، من قبيل مواصلة الاقتطاع من أجور المضربين، وهو الإجراء الذي نرفضه، لأنه غير قانوني ولا يستند إلى شرعية أو مشروعية، بل هو اعتداء صارخ على حق دستوري. أي إجراء مقيّد لهذا الحق يُعتبر تضييقاً على الحريات النقابية، وطرحه في هذا السياق إنما هو انتقام من نضالات الشغيلة، ورسالة غير مسؤولة بالنظر لحالة الإجماع الرافضة للنظام الأساسي والموحدة للفعل النضالي".
وأوضح أنه "كان لزاماً على الشغيلة التعليمية أن تبعث رسالتها النضالية الصامدة في وجه هذا التعنت من خلال استمرارها في النضال رغم الاقتطاع"، لافتا إلى أن "الحكومة حاولت مقايضة نضالات الشغيلة بزيادة مجزأة على سنوات لتمرير قضايا ومقتضيات النظام الجديد، وهو ما نرفضه، لأن مقاربة الزيادة في الأجر أو التعويضات بمقابل تفويت النظام الأساسي دون مراجعة لمقتضيات الخلاف يعتبر التفافا على نضالات الشغيلة التعليمية، ويعكس إرادة غير جادة لإيقاف الاحتقان".
من جهة أخرى، كشفت "الرابطة الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ"، اليوم الثلاثاء، حرمان تلاميذ التعليم العمومي من 195 يوماً من الزمن الدراسي خلال المواسم الدراسية الماضية الأربعة، وأزيد من شهر ونصف، منذ بداية السنة الدراسية الحالية.
وفي رسالة مفتوحة وجّهتها إلى رئيس الحكومة، نبّهت الرابطة إلى حرمان التلاميذ من الدراسة واستمرار هدر الزمن المدرسي بسبب الاحتقان الذي عرفته الساحة التعليمية بعد إصدار القانون الأساسي، وتساءلت عن كيفية تعويض الزمن الدراسي الضائع، خاصة أن الاقتطاعات من أجور الأساتذة ستجعلهم بالضرورة يرفضون تعويض الدروس.