"الليالي البيض" في تونس.. موسم البرد بالمحافظات الحدودية والمرتفعات

24 ديسمبر 2020
"الليالي البيض" شديدة البرودة بتونس تبدأ في 25 ديسمبر إلى 13 يناير (Getty)
+ الخط -

يزداد البرد حدة مع قدوم "الليالي البيض" هذا الأسبوع في تونس، وتعد هذه الفترة الأشد برداً في ليالي تونس الشتوية، غير أن البرد تختلف شدته بين محافظات تونس الحدودية مع الجزائر في سفوح المرتفعات الغربية، التي تقاوم قساوة الطقس بصعوبة وسط غياب وسائل التدفئة، والنقص الفادح في الغاز المنزلي والبترول الأزرق.

ويحاول سكان هذه المحافظات مقاومة البرد القاتل بوسائل مختلفة، فتتباين الطرق بحسب وضع العائلات ومستويات عيشهم، من أقصى الشمال الغربي، حيث محافظة جندوبة وباجة مروراً بالكاف وسليانة، ثم في الوسط الغربي، عند القصرين وقفصة وتوزر بلوغا، إلى الجنوب الغربي في قبلي وصحراء تطاوين الحدودية.

وما يجعل هذا العام مختلفاً بالنسبة للجميع، نقص غير مسبوق في وسائل التدفئة بجميع أنواعها، سواء الغاز المنزلي للعائلات المتوسطة، وكذلك البترول الأزرق للعائلات الفقيرة، وحتى الحطب والفحم أصبح غير ممكن للعائلات الأشد فقراً، والتي تعمل على الاحتطاب في الخريف استعداداً لهذه الفترة، وسط رقابة شديدة وتضييق من مصالح الغابات التي تحاول حماية الثروة الغابية.

ويقول بوبكر عبيد، سائق شاحنة من محافظة جندوبة، معبراً عن قساوة الطقس "نحن نموت يومياً من البرد"، وأضاف في حديثه مع "العربي الجديد"، "البرد لا يوصف.. البرد يفتك بالجسم ويتسرب للعظام ويسكن داخلها، فإما يقتلك أو يرافقك المرض المزمن لبقية حياتك.. في قرية عين سلطان هناك من يموت في "حوشه" البيوت، في سفح جبل "غرة" وجبل "سلطان" في مدينة غار الدماء (منطقة تابعة لسلسلة جبال خمير في محافظة جندوبة) دون أن يسمع به أحد أو يكترث له أحد.. الموت من شدة البرد أصبح شيئاً عادياً في بلدتي.. لا يحرك الناس ولا يثير شفقة وحزن المسؤولين".

وتابع "الكل يتكلم عن كورونا وعدد الضحايا والموت، ونحن نموت يومياً من البرد، والبرد أشد قسوة من كورونا"، وأضاف "كانت عديد العائلات على الحدود الجزائرية تستفيد من القرب، فيتم اقتناء البطانيات ووسائل التدفئة من الأسواق الجزائرية القريبة للحدود.. وهناك من يجلب حتى الغاز المنزلي من هناك، وبسبب الوباء وتشديد الرقابة تقلص حجم التوريد والمبادلات التجارية مع الجزائر".

وأفاد المهندس بالمعهد الوطني للرصد الجوي، محرز الغنوشي، أن فصل الشتاء انطلق بحسب التقويم الفلاحي التقليدي في تونس، منذ نهاية شهر نوفمبر /تشرين الثاني وتحديداً 29 نوفمبر 2019، وأضاف الغنوشي لـ"العربي الجديد" أن فترة الليالي البيض تنطلق تقريباً في 25 ديسمبر /كانون الأول وتنتهي يوم 13 يناير/ كانون الثاني، مشيراً إلى أن الطقس يكون خلالها شديد البرودة في الليل، ودافئاً نسبياً خلال النهار، مع اختلاف بين الجهات، مشيراً إلى أن هذه الفترة تتميز غالباً بالبرد والرطوبة، وتقل فيها الأمطار بالمقارنة مع فترات أخرى، كما تعرف بداية نزول الثلوج بالمرتفعات الغربية.

وأضاف المتحدث أن هذه الفترات تعرف تدفق الكتل الهوائية الباردة على تونس، وهو ما يتسبب في انخفاض الحرارة بصفة ملحوظة في أغلب الجهات، ويمكن أن تصل درجة الحرارة الصغرى إلى ما بين درجتين تحت الصفر إلى درجتين بالمناطق الغربية، ولا تتجاوز درجات الحرارة القصوى 6 درجات بالمرتفعات.

وتعمل السلطات المركزية والمحلية منذ فترة على الاستعداد لمواجهة موجة البرد غير المسبوقة، حيث شرعت لجان مجابهة الكوارث، في مختلف الجهات والمحافظات، في الإعداد تحسباً للتقلبات المناخية التي ترافق هذه الفترة من فصل الشتاء.

وشرعت اللجنة الجهوية في محافظتي جندوبة والكاف في إعداد وسائل التحوط والتدخل، وتقديم النجدة عند نزول الأمطار والثلوج ضماناً لسلامة المواطنين، وخصوصاً سكان القرى المحاذية للأودية وفي سفوح الجبال.

وفي تصريح صحافي لوزير التجهيز، كمال الدوخ، قال إنه تم العمل على "توفير مختلف وسائل التدخل والنجدة من عربات وشاحنات وكاسحات لتأمين مجابهة تبعات التقلبات المناخية"، مشيراً إلى أن "الوزارة ستقوم خلال السنة القادمة بوضع استراتيجية جديدة لحماية المدن من الفيضانات" على حد تعبيره.

المساهمون