الكويت: اعتراض على عودة الاختبارات الورقية وسط كورونا

09 ابريل 2021
ما زال التعليم عن بعد مطلوباً في الكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

 

يُسجّل سخط في الكويت بعد إقرار وزارة التربية ضرورة خضوع تلاميذ الثانوية العامة، بقسمَيها الأدبي والعلمي، لامتحانات حضورية في المدارس، وذلك بعد تحفّظ على نتائج التعليم عن بُعد الذي فُرض وسط أزمة كورونا.

أدّى قرار وزارة التربية الكويتية، القاضي بإجراء اختبارات شهادة الثانوية العامة ورقياً وإلزام التلاميذ بالحضور إلى المدارس للخضوع لها، إلى اعتراض نوّاب في مجلس الأمة، بالإضافة إلى تلاميذ وأولياء أمورهم وعدد من النقابات التعليمية، في مقدّمتها جمعية المعلمين الكويتية التي رأت أنّ هذا القرار يضرّ بالتلاميذ الذين لم يتابعوا تعليمهم على المقاعد الدراسية. وكانت وزارة التربية الكويتية قد لفتت إلى أنّ نسب النجاح المرتفعة المسجلة في خلال التعليم عن بُعد كبيرة جداً ولا تتناسب مع النسب الطبيعية، إذ بلغت نسبة تلاميذ الصف الثاني عشر الحاصلين على "امتياز" 94 في المائة في الفصل الدراسي الأول، في حين بلغت نسبة النجاح 100 في المائة. وأعادت الوزارة ذلك إلى انتشار الغش في حصص التعليم الذاتي وانعدام إمكانية ضبط الفصل الدراسي في أثناء الدراسة "أونلاين". 

ووضعت وزارة التربية خطة لامتحانات الثانوية العامة، شملت التباعد الاجتماعي وإلزام المدرّسين والتلاميذ بوضع الكمامات، بالإضافة إلى تزويد أكبر عدد ممكن من المدرّسين باللقاحات، إلى جانب تحديد عدد التلاميذ في كلّ مدرسة بـ160 تلميذاً بدلاً من 500، علماً أنّ الوزارة سوف تستخدم مباني المدارس المتوسطة والابتدائية لإجراء الامتحانات الخاصة بالثانوية العامة، نظراً إلى أنّها خالية من أيّ نشاط في الفترة الحالية.

واستغرب النائب في مجلس الأمة فايز غنام الجمهور إصرار وزارة التربية على عقد الاختبارات الورقية في ظل تأكيد الأطباء ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا الجديد، كذلك بين الشباب، قائلاً لـ"العربي الجديد": "لا يمكن إجراء اختبارات ورقية في ظل خطورة الوضع الصحي. فالأمر ينطوي على خطورة هائلة على التلاميذ، وسوف نحاسب وزير التربية (علي المضف) قانونياً وسياسياً إن استمرّ في ذلك، لأنّنا نخاف على أبنائنا التلاميذ". من جهته، وجّه النائب أحمد مطيع العازمي حزمة من الأسئلة إلى وزير التربية علي المضف، تضمنت سؤالاً عن موافقات وزارة الصحة والسلطات الصحية على قرارات عودة التلاميذ إلى المدارس وإجراء اختبارات ورقية للثانوية العامة، وسؤالاً آخر عن آليات هذه الموافقة، وثالثاً عن الضمانات المقدمة من وزارة التربية بعدم تفشي الفيروس بين التلاميذ والهيئة التعليمية، ثمّ نقله إلى الأهالي وأفراد العائلات.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وفي الإطار نفسه، احتج تلاميذ من الثانوية العامة في ساحة الإرادة أمام مجلس الأمة الكويتي مطالبين بوقف الاختبارات الورقية. لكنّ السلطات الأمنية فضّت التجمّع وتمّ استدعاء عدد من هؤلاء ومطالبتهم بتوقيع تعهدات بعدم تكرار احتجاجات مماثلة، بناء على قرارات منع التجمّعات في ظلّ الإجراءات الصحية المشددة لمواجهة فيروس كورونا الجديد. سلمان الظفيري، واحد من التلاميذ المشاركين في التحرّك أمام مجلس الأمة، يقول لـ"العربي الجديد": "لا يمكن لوزارة التربية أن تقوم بالتضحية بصحة التلاميذ وأهاليهم من أجل تأكيد وجهة نظرها حول موضوع الاختبارات الورقية، لأنّ نسبة النجاح كبيرة في تلك التي تُقام عن بُعد". أضاف أنّ "الحل المثالي هو في تشديد الرقابة على التلاميذ والتلميذات في أثناء الاختبارات عن بُعد، من دون مخاطرة بصحة الآلاف، خصوصاً أنّنا عرضنا دراسات أعدّها أطباء كويتيون تؤكد أنّ العودة إلى التعليم في الوقت الحالي يتعارض مع قرارات وزارة الصحة. ونحن نستغرب موافقة وزارة الصحة على قرارات وزارة التربية".

أمّا سعود السهو، وهو مدرّس في المرحلة الثانوية، فيطالب وزارة التربية بالتأنّي في مسألة الاختبارات الورقية، قائلاً لـ"العربي الجديد" إنّ "أطقم الهيئة التعليمية لم تتلقَّ اللقاحات (المضادة لكوفيد-19) بعد، كذلك الحظر قائم على التجمعات في المطاعم والمقاهي والمساجد وأماكن العبادة الأخرى، فلماذا تصرّ الوزارة على إجراء الامتحانات في ظلّ الموجة الجديدة المتصاعدة من فيروس كورونا، علماً أنّ في بيوتنا أقرباءً من كبار السنّ قد يتأثرون بالعدوى بسرعة شديدة، وهو ما قد يؤدّي إلى ما لا تُحمد عقباه".

الصورة
تنظيف مدرسة في الكويت وسط كورونا (ياسر الزيات/ فرانس برس)
السلطات وعدت بتهيئة المدارس جيداً قبل استقبال التلاميذ (ياسر الزيات/ فرانس برس)

في سياق متصل، أفادت جمعية المعلمين الكويتية، في بيان لها، بأنّ "قضية الاختبارات الورقية كانت وما زالت مثار جدال وسجال واسعين، وتشكل هاجساً مقلقاً على أهل الميدان والتلاميذ وأولياء الأمور، وستبقى مرهونة باعتبارات مفصلية عديدة، وقد تكون صعبة ومتشعبة في الوقت الحالي، من أبرزها مدى القدرة على توفير الضمانات والاحترازات الصحية التي تؤمّن الحماية الكاملة لأبنائنا التلاميذ والأسر التعليمية ولجان التصحيح والكونترول، ومدى جاهزيتها في ظل الإمكانات المتوافرة، إلى جانب الحاجة الماسة إلى وجود خطة واضحة لآلية الاختبارات تتوافق مع الاحتياجات والمعطيات كافة، وتمنح التلاميذ القدرة الكاملة على التأقلم والتكيف والقبول، للاستعداد لخوض هذه الاختبارات من دون أي ضغوط نفسية أو وقتية عليهم وعلى أولياء الأمور وعلى لجان التصحيح والكونترول". أضافت في بيانها نفسه أنّ "موقف الجمعية من هذه القضية كان وسيبقى واضحاً، إذ كان من المفترض على وزارة التربية أن تأخذ في الاعتبار تطبيق نظام التعليم المدمج قبل اعتماد الاختبارات الورقية، لكونه النموذج الأفضل لمثل الظروف الحالية والاستثنائية التي نمر بها مع أزمة كورونا، وسيتيح الفرصة لتطبيق الاختبارات الورقية بشكل ممكن ومقبول مع تطبيق الاشتراطات الصحية". وأكدت الجمعية، وهي النقابة الرسمية المعتمدة للمدرّسين في الكويت، في بيانها، أنّ "آلية نظام الاختبارات الورقية لا يمكن لها أن تتناسب مع نظام التعليم عن بُعد في ظل قلة وقت الحصص الدراسية، وعدم تعديل الخطط الدراسية، وكمية الدروس في المنهج، وعدم منح التلاميذ كفايتهم من التحصيل العلمي، في الوقت الذي تتفاوت فيه آليات التقييم في المراحل التعليمية بين الإلكتروني والورقي، على الرغم من أن انتظام التعليم القائم في كل المراحل هو التعليم عن بُعد"، مشددة على أنّه "كان ينبغي على صاحب القرار التربوي فهم وإدراك الفرق الشاسع ما بين التعليم التقليدي والتعليم عن بُعد".

في المقابل، يشدد الموجّه الفني في وزارة التربية عبد العزيز الكندري على أهمية الاختبارات الورقية، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى "مطالبات من أولياء الأمور في حملات كبيرة بضرورة العودة إلى مقاعد الدراسة في أسرع وقت ممكن، فيما كانت وزارة التربية تُتّهم بأنّها تغامر بمستقبل التلاميذ عبر إبقائهم في البيوت. وعندما قررت الوزارة أنّ الوقت قد حان للعودة إلى مقاعد الدراسة، فوجئنا بالاعتراضات الكبيرة من قبل بعض أولياء الأمور وبعض التلاميذ". ويؤكد الكندري أنّ "وزارة التربية تضع مصلحة العملية التعليمية وصحة التلاميذ فوق كلّ اعتبار، فيما وزارة الصحة والسلطات الصحية أكدت مراراً وتكراراً أنّ الوقت مناسب جداً لعودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة، ومقدّمة هذه العودة هي إجراء الاختبارات الورقية لتلاميذ المرحلة الثانوية".

المساهمون