تعد مشكلة النقص في الفيتامين "دي" إحدى أكثر المشاكل التي تؤرق العديد من الناس حول العالم. وتختلف التقديرات حول عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص هذا الفيتامين، في ظل غياب الإحصاءات الرسمية في شأنه، لكن دراسة أجرتها مجلة "هيلث لاين" الصحية الأميركية رجحت معاناة أكثر من مليار شخص حول العالم من نقص الفيتامين "دي"، وكشفت أن نحو 41.6 في المائة من البالغين الأميركيين يعانون من النقص، وأن هذه النسبة ترتفع إلى 69.2 في المائة لدى البالغين من أصل إسباني، و82.1 في المائة لدى البالغين الأميركيين من أصل أفريقي. وفيما تثير هذه النسب علامات استفهام وتساؤلات حول أسباب نقص الفيتامين وكيفية اكتشافه وطرق علاجه، يفيد تقرير نشرته صحيفة "ذي ميرور" البريطانية بإن أشعة الشمس قد تكون مصدراً مهماً للحصول على الفيتامين، ما يمثل تحدياً كبيراً بالنسبة إلى السكان في بريطانيا والدول التي لا تتعرض لأشعة الشمس في شكل كبير.
وخلال فصلي الخريف والشتاء تكاد أشعة الشمس تختفي بالكامل من المدن البريطانية، ما يعرّض سكانها لمشاكل عدة. وتنقل "ذي ميرور" عن دراسات أن التعرض لأشعة الشمس بين 15 و20 دقيقة لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع تكفي عادة للشخص الذي يحاول الحصول على فيتامين "دي". لكن هذه النسبة القليلة نسبياً قد تشكل أيضاً معضلة بالنسبة إلى أولئك الذين يعملون في وظائف معينة تمنع تعرضهم لأشعة شمس كافية، أو آخرين يتواجدون في دور الرعاية.
ووجدت دراسات اعتمدت منهج الملاحظة وأجريت على ممرضات في الولايات المتحدة وجود علاقة قوية بين انخفاض مستويات فيتامين "دي" والإرهاق، إذ وجد الباحثون أن 89 في المائة من الممرضات يعانين من نقص في هذا الفيتامين، ما يجعلهن متعبات ومرهقات طوال الوقت.
وهنا يطرح السؤال نفسه كيف يمكن معرفة إذا كان الشخص يحصل على كمية كافية من فيتامين "دي؟"
تورد مجلة "ميديكال نيوز توداي" أن "علامات وأعراض نقص فيتامين دي تشمل التعب وآلام العظام عموماً، فيما قد يعاني بعض الأشخاص من عوارض أكثر تتعلق بضعف النشاط العام والنوم ساعات طويلة، وحتى الاكتئاب الحاد".
وتظهر بحوث نشرت أحدها المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة عام 2020، تأثير فيتامين "دي" على الإرهاق ونوعية النوم لدى الأطفال. وفي دراسة شملت 39 طفلاً ارتبط انخفاض مستويات فيتامين "دي" بنوعية النوم السيئة، وقصر مدته وتأخر أوقاته.
العلاقة مع كورونا
عموماً يلعب الفيتامين "دي" دوراً مهماً في تعزيز المناعة، باعتبار أن ارتفاع مستويات الفيتامين "دي" في جسم الإنسان تدل على قوة جهازه المناعي لمحاربة الفيروسات والبكتيريا. من هنا ربط الأطباء وخبراء الصحة أهمية تناول أقراص فيتامين "دي" خلال فترة وباء كورونا، كونها تساعد في تعزيز قوة المناعة لمواجهة الفيروس.
وتفيد مجلة "ميديكال نيوز توداي" بأن دراسات تؤكد صلة النقص في فيتامين "دي" بالتهابات الجهاز التنفسي، مثل نزلات البرد والتهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي، لذا توصي المنظمات الصحية بضرورة تناول الفرد مكملات فيتامين "دي" بجرعات تصل إلى 4000 وحدة يومياً، من أجل تقليل خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي.
ويؤكد طبيب الصحة العامة الدكتور سعد الأيوبي حقيقة ارتباط النقص في فيتامين "دي" بارتفاع نسبة الإصابات بالفيروسات ونزلات البرد، وبينها فيروس كورونا، ويقول لـ"العربي الجديد": "الفيتامين دي عامل مساعد في زيادة مناعة الجسم، وتجنب الإصابة بأي فيروس بسرعة. وخلال فترة وباء كورونا، زادت نسبة استهلاك مكملات الفيتامين دي كجزء من الخطط الاستباقية لتلافي الإصابة بالفيروس، وهو أمر جيد نسبياً شرط ألا تزيد نسبة تناول المكملات بما يوصى به دولياً، فالإفراط في تناول المكملات الخاصة بفيتامين دي تؤثر على صحة الإنسان".
التأثير على الصحة
وإلى جانب منافع الفيتامين "دي" في تقوية جهاز مناعة الجسم، هناك منافع أخرى لا تقل أهمية، بينها بحسب ما ذكرته "ميديكال نيوز توداي" تعزيز صحة العظام والأسنان، وتنظيم مستويات الأنسولين ودعم إدارة مرض السكري ووظائف الرئة وصحة القلب والأوعية الدموية، كما أنه يلعب دوراً مهماً في تنظيم الكالسيوم والحفاظ على مستويات الفوسفور في الدم. ويمكن أن يتسبب نقص فيتامين "دي" عند الأطفال في إصابتهم بأمراض تتعلق بارتفاع ضغط الدم. ووجدت دراسة عام 2018 صلة انخفاض مستويات فيتامين "دي" بتيبس جدران الشرايين لدى الأطفال. ولدى البالغين يظهر نقص فيتامين "دي" على شكل هشاشة في العظام. وتشير الأكاديمية الأميركية للحساسية والربو والمناعة إلى أدلة تؤكد صلة انخفاض التعرض لفيتامين "دي" بزيادة خطر الحساسية.
من الغذاء
ويقول اختصاصي التغذية الدكتور طارق شريف أن "أغذية عدة قد تساعد في زيادة نسبة الفيتامين "دي" في الجسم. مثلاً تعتبر كل المأكولات التي تحتوي على أوميغا 3، مثل سمك السلمون والتونة من الأطعمة الغنية بالفيتامين دي، إضافة إلى البيض الذي يمكن تناوله يومياً للحصول على نسب مقبولة من الفيتامين دي، علماً أن تناول الحليب الطازج يعزز الجسم أيضاً بالفيتامين دي، وكذلك عصير البرتقال الذي يحتوي على نحو 140 وحدة من الفيتامين.