الفنون القتاليّة للدفاع عن النفس في العراق

05 ابريل 2015
شبان وفتيات يمارسون الفنون القتالية (Getty)
+ الخط -
كثيرون هم الشباب العراقيّون الذين يلجأون إلى تعلّم الفنون القتالية، وهدفهم الدفاع عن أنفسهم في حال تعرضهم إلى مضايقة أو محاولة خطف أو ابتزاز، وذلك وسط انتشار الفوضى وسيطرة المليشيات المسلحة وفقدان الثقة بالقانون. وهذه التمارين لم تعد حكراً على الشباب، بل يسجّل إقبال من قبل شابات عليها، وإن على نطاق محدود بسبب نظرة المجتمع العراقي الضيقة.

ياسمين حامد (27 عاماً) تعرضت هي وصديقتها لمحاولة خطف على يد عصابة مجهولة. فبدأت تخصص يومياً ساعتَين من وقتها للتدرب على الكاراتيه. تقول: "حينما قررت تعلم الكاراتيه شعرت بالخجل وترددت كثيراً لأن نظرة المجتمع تجد أن الرياضة القتالية العنيفة لا تتناسب وشخصية الأنثى. لكن عدداً كبيراً من الشابات يتدربن معي". وتوضح ياسمين: "قررت تعلم الكاراتيه لأدافع عن نفسي. نحن نعيش في بلد فوضوي. وقد أتمكّن من إنقاذ نفسي إذا ما تعرضت لخطر في الشارع أو حتى في البيت".

أما منى علي (25 عاماً) فتجد أنّ "الكاراتيه سهلة نوعاً ما بالنسبة إلى الإناث، مقارنة بالكونغ فو والتايكواندو. من ثم، من الجيّد أن تتعلم الشابة بعض الحركات القتالية للدفاع عن النفس في المواقف الحرجة". هي لا تخفي خجلها من ممارسة الكاراتيه، إذ تعتقد أنّ "الشابة يجب أن تبتعد عن العنف وتكون مثالاً للرقة. لكن الظروف التي يعيشها البلد هي التي جعلتني أتعلم الكاراتيه لأدافع عن نفسي. فثمة عصابات خطف وسرقة كثيرة قد تستهدف النساء بسبب ضعفهن وعدم قدرتهن على الدفاع عن أنفسهن".

من جهتها، تحمل علا محمد (28 عاماً) الحزام الأسود في الكاراتيه. هي بدأت تتدرّب على هذا الفن من الفنون القتالية قبل 15 عاماً في أحد الأندية الرياضية في بغداد. وعلى الرغم من الظروف القاهرة، كانت تتمرّن في المنزل مع شقيقاتها وصديقاتها. وعن عالم الكاراتيه، تقول إنه "أصبح جزءاً أساسياً من حياتي. لم يبدِ والداي في البداية أي ممانعة. بالعكس كانا يشجعانني. وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي واجهتها لاحقاً، قررت الاستمرار. فأنا أدرك جيداً أن الشابة في هذه الأيام أكثر حاجة إلى الدفاع عن نفسها من الشاب".

واليوم تدرّب علا عدداً من صديقاتها وقريباتها. فتخبر أنها لاحظت في البداية "شيئاً من التردد لدى كثيرات، لكنني شجعتهن على التمارين وقد وجدن في التدريب فرصة لقضاء وقت ممتع من جهة وللتدرّب على الدفاع عن أنفسهن من جهة أخرى".

إلى ذلك، يشكو الرياضيون عموماً من إهمال في العراق. فيخبر المدرب باسم عمار (33 عاماً) الذي يحمل الحزام الأسود في التايكواندو، "استأجرت شقة صغيرة وحولتها إلى صالة لتدريب اللاعبين، ففي العراق لا تتوفّر صالات رياضية كافية ولا تجهيزات خاصة". ويشير عمار إلى "إقبال كبير من قبل الشبان على الفنون القتالية، وكذلك الشابات. لكن المشكلة تكمن في أن نفس اللاعبين قصير. لذا نظمنا دورات سريعة لهم حتى يتعلموا الطريقة المثالية في الدفاع عن النفس في الحالات الحرجة وكيفية صدّ الهجمات بالأسلحة البيضاء كالسكاكين مثلاً أو بالأسلحة النارية كالمسدسات".

وفي السياق، يرى الخبير الاجتماعي مرتضى الأعظمي أن "إقبال الشبان والشابات على الفنون القتالية للدفاع عن أنفسهم، يعكس هشاشة كبيرة وتردياً أمنياً خطيراً في البلد، الأمر الذي دفع المواطن إلى القول بضرورة الدفاع عن نفسه. ففي كثير من الأحيان، لا أحد يحميه من الخطف أو الابتزاز في ظل انتشار المليشيات المسلحة والعصابات الإجرامية".

ويوضح الأعظمي أنّ "تعلم الفنون القتالية ظاهرة صحية من حيث المبدأ. فهي تنمّي قدرات الشخص الذهنية والجسدية وتعزز ثقته بنفسه وتقوي المنظومة المجتمعية عند استقرار الأمن وفي حال تدهوره".

من جهته، يشرح خبير الفنون القتالية خالد الدليمي أنها "متنوعة وكثيرة. وهي في الأساس رياضة للعقل والروح والجسد على حدّ سواء، ومن الضروري على اللاعب أن يعلم أنّ التدريب لا بدّ من أن يكون على يد مدرّب له خبرة ودراية في مجاله. فكثر هم النصابون".

ويوضح الدليمي أن "الفنون القتالية لا تقتصر على الشبان فقط، بل تشمل الشابات. وثمة تمارين خاصة بهنّ بالإضافة إلى دورات سريعة للدفاع عن النفس لا تزيد عن ستة أشهر". وينصح بتشجيع ممارسة الفنون القتالية على نطاق واسع للجنسين. بالنسبة إليه، هي "من أفضل العلاجات لمختلف أنواع الأمراض ولمختلف الأعمار، بالإضافة إلى أنها تعزز الأمن المجتمعي بشكل أكبر، لأنها من شأنها ردع العصابات والمجرمين".
المساهمون