استمع إلى الملخص
- **تفاصيل الرحلة والمفقودين**: المهاجرون الشباب غادروا سوريا عبر لبنان والأردن وليبيا، لكن حادثة في الصحراء أدت إلى نفاد المياه. خمسة مهاجرين آخرين ما زالوا مفقودين.
- **جهود استعادة الجثث وتحذيرات**: يتم التنسيق لنقل الجثث إلى لبنان عبر الجزائر العاصمة. حذر الناشط بسام فروخ من مخاطر مهربي البشر.
عثرت جمعية غوث للبحث والإنقاذ الجزائرية، أمس الأحد، على جثث 12 مهاجراً سورياً في صحراء الجزائر ونقلتها إلى مستشفى حكومي في جنوب شرق البلاد، وأفيد بأن خمسة مهاجرين آخرين ما زالوا مفقودين حتى كتابة هذا التقرير. وبحسب التفاصيل التي نشرتها الجمعية، على موقع فيسبوك، يتحدّر المهاجرون الشباب من أربع محافظات سوريّة، الرقة وحلب ودمشق والحسكة، وكانوا يحاولون الوصول إلى الجزائر في طريقهم إلى أوروبا.
قال أبو زايد، وهو شاب سوري من بلدة الجرنية في ريف محافظة الرقة شمالي سورية ومن أقرباء شبّان متوفّين، لـ"العربي الجديد" إنّهم "غادروا سورية إلى لبنان، ومنه سافروا جواً إلى الأردن ثمّ إلى ليبيا، وكان مخطط سفرهم يتضمّن عبور صحراء الجزائر في خلال يومَين أو أكثر. لكنّ واحدة من سيارتَيهم تعرّضت لحادثة. وعلى الأثر، نفدت المياه منهم". وأفاد بأنّ المتوفّين شبّان لا تتجاوز أعمارهم 20 عاماً، ولا يعرفون كيفية التصرّف في ظروف مماثلة.
وتابع أبو زايد أنّ هؤلاء الشبان "بقوا على قيد الحياة ثلاثة أيام بحسب ما بيّنت صور في هاتف عيسى الريان، وهو أحد أقربائي. فهو أرسل صوراً إلى أهله، لكنّها لم تصل إليهم إلا بعد العثور على الجثث وشبك الهاتف بالإنترنت"، علماً أنّ الريان كان قد وجّه رسالة نصيّة إلى أهله كتب فيها "سامحوني... منذ ثلاثة أيام نحن بلا أكل ولا شرب". وقال أبو زايد "بين المهاجرين المتوفّين شابَان وطفل من الرقة وشبانٌ من الحسكة وحلب، قرّروا التوجّه إلى الجزائر والعبور منها إلى إسبانيا عن طريق البحر. هم كانوا في سيارتَين، وصلت الأولى إلى الجزائر بالسلامة، وكانت الثانية تقلّ كذلك نساءً وأطفالاً".
هكذا اكتُشفت جثث المهاجرين
وأفاد أبو زايد بأن جثث السوريين المهاجرين اكتُشفت بالمصادفة، فقد رآها أحد العابرين في صحراء الجزائر وأبلغ جمعية غوث بالأمر، فنقلت الجثث إلى مستشفى حكومي في منطقة برج عمر إدريس، وسلّمت البيانات إلى الدرك الجزائري. ولفت أبو زايد إلى أنّ "الأهالي يناشدون المجتمع الدولي واللجنة الدولية للصليب الأحمر لاستعادة جثث أبنائهم"، شارحاً أنّ "الهلال الأحمر السوري سوف يتواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر للبحث في إعادة الجثث".
وأكمل أبو زايد: "نناشد الجهات المعنية والحكومة الجزائرية ومنظمّات المجتمع المدني السعي إلى إيصال جثث المهاجرين إلى ذويهم". وقال إنّ أقرباء له من بين هؤلاء المهاجرين، وهم "الشقيقان منذر وموفق، وعيسى ابن عمّهما"، مبيّناً أنّ "وضع ذويهم صعب جداً، خصوصاً أمهاتهم... ويطالبون باستعادة جثثهم".
وقال خضر العبد، قريب أحد المهاجرين المتوفّين المتحدّرين من الرقة، لـ"العربي الجديد" إنّ "تفاصيل ما تعرّض له الشبّان لم تصل إلى ذويهم بالكامل، ولا يعلمون ما مرّوا به في خلال رحلة صحراء الجزائر وما إذا ضلّوا طريقهم أم لا". وأضاف "ما عرفناه أنّهم تعرّضوا لحادثة في خلال رحلتهم. أمّا الآن، فهَمّ الأهالي الوحيد هو استعادة جثث أبنائهم لدفنها في سورية". وتابع: "نعرف أنّهم خططوا لسلوك طريق الصحراء من ليبيا إلى الجزائر، وبعدها عبور البحر إلى إسبانيا. للأسف، ما حصل كارثة".
وأصدرت سفارة النظام السوري لدى الجزائر، اليوم الاثنين، تفويضاً للمواطن السوري بسام فروخ المتحدر من محافظة درعا، لإتمام الإجراءات المتعلقة بنقل ودفن جثث المهاجرين الـ12 الذين قضوا في صحراء الجزائر، ومتابعة البحث عن المفقودين. وفي اتصال مع "العربي الجديد"، أفاد بسام فروخ، العضو في المنظمة الدولية لحقوق الانسان والناشط في الجالية السورية في الجزائر الذي يقيم في منطقة أدرار (جنوب)، أنّ "خمسة مهاجرين سوريين ما زالوا في عداد المفقودين، وجارٍ البحث عنهم". وأضاف: "حصلنا على جوازات سفرهم (المفقودون) وتأكّدنا أنّهم كانوا مع المهاجرين المتوفّين الـ12، لكنّ أحداً لم يعثر عليهم. وأبلغنا السلطات وجمعية غوث لتوسيع منطقة البحث من أجل الوصول إلى جثثهم". ويعتقد فروخ إلى أنّ "هؤلاء الخمسة ربّما انفصلوا عن المجموعة، وحاولوا البحث عن مسارات للنجاة، إذ لم يُعرف مصيرهم بعد". وأوضح فروخ أنّ "جثث المهاجرين السوريين الـ12 موجودة في مستشفى مدينة برج عمر إدريس، وهي بين أيدي الأطقم الطبية من أجل تشريحها. وسوف تُنقَل إلى مستشفى ولاية إليزي، حيث تتوفّر ظروف أفضل لحفظ الجثث. ونعمل بالتنسيق مع السلطات الجزائرية والمجتمع المدني الجزائري من أجل متابعة أفضل للملف. ونتواصل مع السلطات لتأمين استلام الجثث والمقتنيات التي وُجدت معها".
وأضاف فروخ: "تأكّدنا أنّ الجثث تعود إلى مهاجرين سوريين غير نظاميين، انطلقوا من ليبيا الثلاثاء الماضي ودخلوا إلى الأراضي الجزائرية بطريقة غير قانونية. ولأنّ طريق صحراء الجزائر صعبة، تاهوا ونفد الوقود والمياه اللذان كانا في حوزتهما، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة. وقد أتت ظروف وفاتهم طبيعية". وتابع الناشط السوري: "نعمل من أجل تمكين العائلات السورية من استلام جثث أبنائها. مبدئياً، سوف تُنقَل عبر مطار إليزي إلى الجزائر العاصمة، ومنها تُعَدّ الإجراءات الدولية المتعلقة بنقل الجثث أوّلاً إلى لبنان، حيث يتوفّر خطّ نقل جوي مباشر بين الجزائر وبيروت. وهناك تستلم جمعية الصليب الأحمر اللبناني الجثث، ثمّ تتولّى نقلها وتسليمها إلى جمعية الهلال الأحمر السوري الذي سيتولّى تسليم الجثث إلى الأهالي".
وقد حذّر فروخ "المهاجرين السوريين من الوقوع ضحية مهرّبي البشر والمتّجرين بهم الذين يغامرون بهم في الصحراء، خصوصاً وسط ارتفاع قياسي بدرجات الحرارة". وشدّد على أنّ المهاجرين السوريين المتوفّين اليوم، "بغضّ النظر عن الظروف التي دفعتهم إلى الانتقال من ليبيا إلى الجزائر، هم ضحية المهرّب الذي صوّر لهم المسار سهلاً من دون مخاطر، مستغلاً بذلك أنّ لا معلومات وافية لدى السوريين عموماً عن صحراء الجزائر وظروفها القاسية".