كشفت مصادر سياسية عراقية وناشطون فلسطينيون مقيمون في العراق، الجمعة، عن فرض السلطات العراقية إجراءات جديدة بحق الجالية الفلسطينية، من بينها منع عودة الفلسطيني، الذي يقضي أكثر من 3 أشهر خارج العراق، إلا بتأشيرة دخول.
وقال عضو في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد" إن وزارة الخارجية عممت توجيها بمنع عودة الفلسطيني الذي يقضي أكثر من 3 أشهر خارج العراق، إلا بتأشيرة دخول تمنح له من السفارة في الدولة التي يوجد فيها، مع تبرير سبب بقائه هناك طوال هذه الفترة، سواء كانت للعلاج أو التعليم، وأن القرار يسري أيضا على الفلسطيني المولود في العراق.
وأوضح النائب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن قسماً من الفلسطينيين ذهبوا إلى القنصلية العراقية في إسطنبول لهذا الغرض، وأغلبيتهم تسبب إغلاق الأجواء بسبب جائحة كورونا في بقائهم في تركيا، لكنهم لم يحصلوا على تأشيرة العودة إلى منازلهم في العراق، وأن القرار ترك عشرات الفلسطينيين عالقين في دول عدة، فيما أسرهم داخل العراق، معتبرا أنه قرار غير أخلاقي، ولا يتناسب مع الشعارات التي ترفعها البلاد تجاه القضية الفلسطينية.
وقبل عام، قررت السلطات العراقية إلغاء مفردات البطاقة الغذائية الشهرية، ووقف رواتب التقاعد لعوائل الموظفين الفلسطينيين المتوفين، والتي امتدت مؤخرا لتشمل الأحياء، بالتزامن مع قيام مفوضية شؤون اللاجئين الأممية بإيقاف بدلات الإيجار عن مئات الأسر الفلسطينية في العراق بقرار لم تفسر أسبابه حتى الآن.
وأكد الناشط الفلسطيني في بغداد حسن الخالد، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "القرار أحد تداعيات إلغاء البرلمان العراقي القانون رقم 202، والذي كان معمولا به قبل الاحتلال الأميركي في عام 2003، والذي ينص على معاملة الفلسطيني معاملة العراقي، ومن بعده زادت معاناة الفلسطيني في العراق بشكل تدريجي، وصولا إلى أن الأشخاص الذين ولدوا في العراق، ولا يعرفون بلدا غيره، بات عليهم أن يحصلوا على تأشيرة للعودة".
وتواصل "العربي الجديد" مع فلسطيني عالق في إسطنبول، وهو من مواليد عام 1964 وغادر لإجراء عملية جراحية ولم يستطع العودة بسبب إغلاق الأجواء طوال الفترة الماضية، فأكد أنه بات مطالبا بالحصول على تأشيرة دخول للعودة إلى زوجته وأطفاله في العراق.
وقال الرجل نفسه إنه لم يغادر العراق طوال حياته، وأن هذه المرة كانت الأولى له لإجراء جراحة في الساق، وبعد مراجعته قنصلية العراق في إسطنبول، رفض طلبه التأشيرة أكثر من مرة، وفي آخر مراجعة له طلب منه أن تقوم ابنته بعمل تأشيرة زيارة عائلية له، وهو ما لم يحصل أيضا حتى الآن، وأوضح: "لا أعرف وطنا آخر أذهب إليه غير العراق الذي ولدت فيه، وتعيش فيه عائلتي وكل أقربائي، وإقامتي سارية المفعول حتى يوليو/تموز 2024، ومع ذلك يرفضون دخولي".
وينحدر معظم الفلسطينيين في العراق من قرى إجزم وجبع وعين غزال القريبة من مدينة حيفا، بالإضافة إلى مئات العائلات من يافا ونابلس والقدس المحتلة، وحط معظمهم رحالهم في بغداد والبصرة والموصل، وقبلها في الفلوجة التي تعتبر أولى محطاتهم، قادمين عبر الأردن، منذ نكبة عام 1948.
من جهته، قال مسؤول تنسيقية العراق في المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج أحمد زيدان، لـ"العربي الجديد"، إن "اللاجئ الفلسطيني في العراق يعاني من مصاعب حقيقية كبيرة منذ إلغاء القانون 202، إذ أصبح الفلسطيني لا يملك تعريفا قانونيا، ومن جملة المعاناة أنه بات عندما يغادر العراق لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر يجد صعوبة في العودة إلا بعد إجراءات معقدة، وتتم معاملته مثل الأجانب".
وأضاف أن "الإجراءات بحق الفلسطينيين أفقدتهم سبل الرزق، والرعاية الطبية التي تتطلب السفر لعدة أشهر، ونأمل أن يخفف المسؤولون العراقيون تلك القيود، والعودة إلى المرونة مع المقيمين الفلسطينيين، خاصة أن بعضهم موجودون في العراق لأكثر من 70 عاماً".
وتراجع عدد الفلسطينيين في العراق كثيراً بعد 2003، عقب سلسلة استهداف مبرمجة من قبل القوات الأميركية أدت إلى مقتل وجرح واعتقال المئات منهم، وتبعتها حملة قتل منظمة، وطرد وتهجير للآلاف منهم بعد عام 2006، نفذتها مليشيات مسلحة.