العراق: امتحانات وسط الوباء

29 ديسمبر 2021
ثمّة إهمال كبير في تطبيق التباعد الاجتماعي (إسماعيل عدنان/ فرانس برس)
+ الخط -

 

بدأ العام الدراسي الجديد في العراق على وقع أزمة مركبة لها جوانب متعددة تعوق العملية التعليمية كتركة عن العام الماضي. يأتي هذا مع الامتحانات الحضورية التي لا يمكن وصف الإجراءات الوقائية التي رافقتها في سائر المحافظات باستثناء كردستان، بالكافية؛ إذ إن أبسط وصف لها كان أنها "ضعيفة" أو هزيلة بالأصح، فقد جرى خلالها إهمال كبير حتى في تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي، عدا عمليات التعقيم المسبقة واللاحقة يومياً للقاعات والمراكز، وارتداء الكمامات وغيرها من إجراءات. وهو ما دفع بالبعض لاتهام الحكومة بالتمهيد لإطلاق موجة متجددة من الوباء.

ووفقاً لبيان أصدرته وزارة التربية العراقية آنذاك، فقد أنجزت الوزارة "استكمال تجهيز المدارس بالمستلزمات المطلوبة للامتحانات، فضلاً عن مسألة تعفير وتعقيم القاعات الامتحانية، والالتزام التام بشروط الوقاية الصحية المتعلقة بجائحة كورونا، بالتعاون مع الفرق الصحية". وهو البيان الذي كان محل استغراب في الأوساط الطبية والصحية والتربوية التي لم تلحظ ميدانياً درجة الالتزام بهذه المعايير التي ذكرتها الوزارة. 

وانتقد مديرو المدارس "إجراء الامتحانات في عموم المدارس ولكافة المراحل الدراسية في وقت واحد، بدل تقسيمها زمانياً إلى مراحلها الطبيعية كما هي عادة في الصفوف الدراسية، ما تسبّب بضغط كبير على المدارس والمراقبين، نتيجة أعداد الطلاب الكبيرة من جهة، وارتفاع عددهم في الصف الواحد إلى حدود العشرين طالباً من جهة ثانية"، علماً أن الرقم الأخير يقترب من رقم الاستيعاب الأقصى في الظروف العادية.

وما ينطبق على المدارس ومراحل التعليم العام ما قبل الجامعي كان أيضاً منطبقاً إلى حد ما على الجامعات ومعاهد التعليم العالي، إذ إن العراق لم ينجح بفعل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية قاهرة في إجراء امتحانات عن بُعد إلا لمن استطاع إليها سبيلاً، وهو ما اقتصر على بعض الجامعات والمدارس الخاصة التي تمتلك بُنية تكنولوجية قادرة على التعامل مع التحدي الذي فرضه الوباء. ومن المعلوم أن الامتحانات المباشرة مثلت أهون الشرور بالنسبة للقسم الأكبر من الطلاب في عموم المراحل والمحافظات، نتيجة فقدان التجهيزات الملائمة والخلل في أنظمة الاتصالات وشبكات التغذية بالكهرباء وغيرها. وهو ما أكمل مشكلة التدريس غير المباشر على أي حال.

وهكذا تضافرت معطيات متداخلة لتجعل من الامتحانات التي جرت في البلاد بمثابة مغامرة غير محسوبة العواقب بالنظر إلى مصادفتها موجة تفشي الوباء لجهة الإصابات والوفيات في البلاد. ففي الوقت الذي كانت وزارة التربية والتعليم تطلق فيه الامتحانات كانت وزارة الصحة تؤكد أن "الموقف الوبائي الحالي ما زال خطيراً، حيث استمرّت نسب الإصابات في التصاعد بشكل مثير للقلق، وهي تتراوح بحدود 5 آلاف إصابة يومياً، في أعلى معدّل يسجّله العراق منذ بدء الجائحة". وأضافت أنّ "هذه النسب تؤكد ما أعلنا عنه في البيانات السابقة والمتكررة، من الإشارة إلى خطورة الموجة الثانية وكونها أقسى من الموجة الأولى".

(باحث وأكاديمي)