الصومال.. التعليم في المخيمات أمل في رحم المعاناة

05 ديسمبر 2022
يعيش الطلاب بمخيمات النازحين في الصومال ظروفاً صعبة (الأناضول)
+ الخط -

يعيش الطلاب في مخيمات النازحين في الصومال ظروفا صعبة، فلا شيء في هذا المكان يأذن لهم ببدء الدراسة، وحتى جرس التنبيه للحصص غاب عن المدرسة، فكل شيء هنا بني على عجل: الطلاب مكدسون في فصول لا تتسع لأكثر من 20 طالبا، أما الذين لا يجدون المقاعد فيفترشون الأرض، معلنين بوضوح حرصهم الكبير على التعليم رغم شح الإمكانات.

الصورة
معاناة التعليم في مخيمات النازحين في الصومال (الأناضول)
تعمل مدرسة المخيم على فترتين، حيث يدرس في الصباح 300 طالب ومثلهم في المساء (الأناضول)

نحو 600 طالب من أبناء مخيم "العدالة" بالعاصمة مقديشو حالفهم الحظ بالحصول على فرصة التعليم، بينما حرم منها آلاف أمثالهم، ما يجعل تعليم أبناء النازحين في هذه البلاد حلما صعب التحقق جراء الأزمات الأمنية والاقتصادية.

"البحث عن لقمة العيش" بات العنوان الأبرز لدى آلاف النازحين الذين هجروا منازلهم بسبب الجفاف والصراعات المحلية ولجأوا إلى مخيمات ضواحي العاصمة مقديشو.

قررت الجدة نورة آدم أن تشق حفيدتها طريق التعليم لتتفرغ للبحث عن لقمة العيش التي تشغل بال أسر المخيمات. وبينما تتجهز حفيدتها للذهاب إلى مدرسة المخيم، قالت الجدة نورة: "لا يمكن للعائلة كلها أن تفكر في لقمة العيش، رغم الظروف، لكن يجب على بعض أفراد الأسرة أن يحصلوا على حق التعليم وأن نساعدهم على ذلك".

وتقول المعلمة فردوسة حاشي إن طلاب المخيم يدرسون بالمجان، لأنهم من أسر فقيرة تكافح من أجل قوت عيالها، مضيفة: "قررنا التطوع لتعليم الأطفال في المخيم، فهم أجيالنا القادمة وسيحققون ما عجز عنه الكبار".

الصورة
معاناة التعليم في مخيمات النازحين في الصومال (الأناضول)
فاصوليا وأرز حتى لا يعصر الجوع معدات الأطفال (الأناضول)

خلف سور المدرسة المكونة من 5 فصول، تعكف نسوة على طبخ وجبة فاصوليا مع الأرز، مُسابِقات الزمن لتجهيزها قبل ربع ساعة من استراحة الطلاب.

هذه الوجبة تخصصها المدرسة التي تشرف عليها هيئات مختلفة للطلاب، في محاولة لتخفيف معاناة الأطفال نظرا للظروف المعيشية التي تعاني منها أسر المخيمات بسبب غياب المساعدات الإنسانية طيلة الشهور الماضية.

ويقول أحد المشرفين في المدرسة لـ"الأناضول"، إن هذه الوجبة تحل محل المثلجات والوجبات الخفيفة التي يأكلها الطلاب عادة في استراحتهم، مضيفا: "نحن حريصون على تقديم وجبة لهم أيا كان نوعها حتى لا يعصر الجوع معداتهم".

وفي وقت الاستراحة، يصطف الطلاب بطوابير طويلة ليتسلموا وجبة فاصوليا، وعلى ساحة المدرسة يفترش الصغار الأرض في الخارج لأكل هذه الوجبة بسبب غياب صالة الطعام في المدرسة.

وتعمل مدرسة المخيم على فترتين، حيث يدرس في الصباح 300 طالب ومثلهم في المساء، كما يتناوب على التدريس نحو 7 معلمين مقابل 90 دولارا شهريا.

الصورة
معاناة التعليم في مخيمات النازحين في الصومال (الأناضول)
خلف سور المدرسة تعكف نسوة على طبخ وجبة فاصوليا مع الأرز (الأناضول)

 أمل من رحم المعاناة

على وقع المعاناة في هذا المخيم، ثمة أمل يلوح في الأفق بنظر هؤلاء الأطفال، فرغم غرابة الأوضاع وانعدام إمكانيات التعليم يحرصون على الحضور للمدرسة على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم.

تقول مريمة إبراهيم (7 أعوام)، إن أسرتها فقيرة وغير قادرة على إلحاقها بالمدارس النظامية، لكن بعد افتتاح هذه المدرسة المجانية سارعت جدتها لضمها إليها.

وتتطلع مريمة لأن تصبح طبيبة تعالج مرضى النازحين وذوي الدخل المحدود آملة أن تتحقق أمنياتها في الوقت القريب.

وجميع الأطفال في هذه المدرسة ممّن نزحوا حديثا جراء الجفاف الذي ضرب البلاد، وهروبا من آثار العمليات العسكرية ضد مقاتلي "حركة الشباب" الإرهابية. ووفق أرقام غير رسمية، فإن نحو 80 بالمئة من أطفال النازحين جراء أزمتي الجفاف والأمن لا يتلقون تعليما بسبب عدم توفر مدارس في المخيمات المقيمين فيها، بجانب عجز أسرهم عن تحمل نفقات تعليمهم في المدارس الخاصة.

(الأناضول)

المساهمون