السويد... أرقام قياسية من القصر المشتبهين بجرائم قتل

03 فبراير 2024
يواجه المجتمع السويدي تفاقم العنف والجريمة المنظمة وانتشار العصابات (لينيا ريبورج/Getty)
+ الخط -

يُواجه مجتمع السويد (نحو 10.5 ملايين نسمة) تفاقم العنف والجريمة المنظمة، وانتشار العصابات على مدار السنوات الماضية.

والحرب المستعرة بين عصابات عالم الجريمة تضع هذا البلد الاسكندنافي في مقدمة دول أوروبا الغربية لناحية أرقام الجرائم المرتكبة، وخصوصاً تلك التي يستخدم فيها السلاح والمتفجرات لتصفية الحسابات.

وفي السياق المرتبط بتفاقم "حرب العصابات" باتت السلطات الأمنية والاجتماعية تُواجه تحدّياً جدّياً في ازدياد استخدام المجموعات المتحاربة للصغار، وتحديداً القصر بين 15 و17 عاماً في تنفيذ جرائم القتل. الأرقام الرسمية في استوكهولم تذهب نحو "الاشتباه" بقيام 42 قاصراً بجرائم قتل أو محاولة قتل عن العام الماضي 2023 وحده، وهو العام الأقسى لجهة تصاعد احتراب العصابات في البلد.

وأشار مكتب المدعي العام السويدي إلى أن هذه الأرقام هي تقريباً ضعف ما سجله عاما 2020 و2021، وفقاً لما نقلت صحيفة "أفتونبلاديت" الجمعة. ففي العامين المذكورين كان الاشتباه على التوالي بـ23 و22 قاصراً (أي دون الثامنة عشر، ممن يصنفون محلياً، ووفقاً لقوانين العقوبات، على أنهم أطفال)، بينما وصل الرقم في 2022 إلى 37 مشتبهاً.

يعني ذلك أن العام الماضي، سجّل وجود 327 طفلاً مشتبهاً فيهم في جرائم ومحاولات القتل. وفي 2022 جرى الاشتباه بـ180 طفلاً. وتواجه السلطات السويدية مشكلة في تنامي استخدام المجموعات للقصر، لأجل تنفيذ هجمات انتقامية ضد منافسيهم، وهم يأخذون بالاعتبار تساهل قانون العقوبات مع القاصرين.

تجنيد الأطفال والمراهقين

السلطات المتعاونة فيما بينها، أي الشرطة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والمدارس، اشتكت خلال الأعوام الأخيرة من انتشار ظاهرة تجنيد العصابات للأطفال والمراهقين عمداً للقيام بأنشطة تتعلق بما تقوم به من ترويج مخدرات وغيرها وارتكاب جرائم عنيفة ومميتة، من أجل أن يفلت الكبار من الأحكام.

عالمة الجريمة في مركز "فريشوسيت" المتخصص بمتابعة إبعاد المراهقين عن الجريمة في استوكهولم، كاميلا سالازار، عقّبت لصحيفة "أفتونبلاديت" على أرقام مكتب الادعاء العام السويدي أن ذلك "يؤكد منهجية العصابات في التسابق على تجنيد الأطفال، لدرجة تجعل المجتمع غير قادر على مجاراة ما يجري من تطورات متسارعة في العنف المميت".

ومع أن مشرعين في السويد طالبوا لسنوات بتعديل قوانين العقوبات لمحاكمة القصر، كما تجري محاكمة البالغين إلا أن مشكلة البلد الاسكندنافي تكمن في وجود أنظمة وتشريعات تصنف كل من هو دون الثامنة عشر طفلاً، وتعديله يحتاج إلى ما يشبه تعديلات تتعلق ببنية مجتمع الرفاهية ذاته، وهو ما يطالب به أقصى اليمين السويدي.

وفي مختلف مدن السويد، من العاصمة استوكهولم وأوبسالا حتى مالمو وغوتيبورغ جنوباً، تنتشر ظاهرة التقاط كاميرات المراقبة قيام بعض الأطفال دون  الخامسة عشر بقيادة دراجات هوائية حاملين سلاحاً لاقتناص المطلوب تصفيته من العصابات المختلفة فيما بينها. 

وأدّت بعض الاستهدافات إلى مقتل عابري سبيل لا علاقة لهم بالعصابات. بل إن مكتب المدعي العام السويدي يقدم أرقاماً مرعبة لمجتمع السويد، عن الاشتباه العام الماضي 2023 بـ29 طفلاً تحت سن الخامسة عشر بمحاولة قتل أشخاص مطلوب تصفيتهم. بينما في السنوات الماضية كان الرقم عن تلك الفئة (تحت 15 سنة) ثابتاً عند 11 حالة اشتباه. وبالفعل وجد الادعاء العام السويدي العام الماضي 2023 أدلة قوية على قيام 6 أطفال في سن 14 سنة بارتكاب جرائم قتل.

وتوجّه بعض العائلات انتقادات للسلطات الاجتماعية، بسبب البطء في الاستجابة لمخاوفها عن قيام بعض العصابات بتجنيد صغارها في صفوفها. والكشف الجديد عن الأرقام المتزايدة لمشاركة الصغار في ارتكاب الجرائم يضع السلطات الأمنية والاجتماعية أمام تحديات جدية لأجل التدخل المبكر، وخاصة أن شهادات المراهقين تتحدث عن قيام العصابات بمنحهم "المال والمخدرات والمكانة"، وشعورهم بما يشبه "الانتماء إلى جماعة"، لأجل دفعهم نحو تنفيذ أعمال يقف خلفها الكبار الذين يعيشون في عالم عصابات المخدرات المتعددة، والمنتشرة في مختلف التجمعات السكنية في العديد من المدن السويدية التي تضم نسباً كبيرة من السكان من أصول مهاجرة.

وفي السياق تشير أرقام العام الماضي إلى أزمة مجتمع السويد مع الجريمة المنظمة. فبحسب أرقام الشرطة الرسمية، ومجلس الوقاية من الجريمة، "برو"، شهدت السويد 296 تبادل إطلاق نار و140 تفجيراً، وقُتل نتيجة ذلك 48 شخصاً، ما جعل 2023 من أصعب السنوات على مجتمع انتقل خلال نحو عقد من مجتمع آمن في اسكندنافيا إلى الأكثر عنفاً فيها.

وتعتبر الشرطة السويدية أن أكبر العصابات "فوكستروت" (تعمل في تهريب وترويج المخدرات) مسؤولة عن أكثر عمليات القتل. ويقود العصابة شاب ثلاثيني يُكنّى بـ"الثعلب الكردي"، هو راوا مجيد، كبر في أوبسالا (شمال استوكهولم)، ومتخف في تركيا وتتهمه السلطات بمواصلة تسيير العصابة من مكان تخفيه، حيث تحاول استعادته لأجل محاكمته.

المساهمون