يهدد تأخّر الانتقال نحو الطاقات غير الملوّثة سفن الأسطول البحري التونسي بدفع ضرائب، والتعرّض لعقوبات منع الرسو في الموانئ الأوروبية، إثر اعتماد نظام رسو جديد يفرض انتقال البواخر والسفن إلى استعمال الطاقة الخضراء.
يقول كاتب عام جامعة النقل (نقابة)، وجيه الزيدي، لـ"العربي الجديد": "ستضطر سفن الشركة التونسية للملاحة التي تنقل بضائع ومسافرين إلى دفع ضرائب إضافية للرسو في موانئ مدينتي جنوى الإيطالية ومرسيليا الفرنسية، بسبب استمرارها في استعمال الطاقة الملوّثة. تسيّر الشركة التونسية للملاحة 4 سفن، بينها اثنتان لنقل المسافرين، ومثلهما لنقل البضائع تستعملان الطاقة الأحفورية، ما جعلها تواجه ضرائب إضافية منذ بداية العام الحالي، تنفيذاً لاتفاق الإحاطة بالمحيط البحري الذي يفرض استخدام طاقة غير ملوّثة. هذه السفن قادرة حالياً على الإبحار والرسو في الموانئ الأوروبية لكن بكلفة عالية، في حين سيُمنع استعمالها بالكامل في بداية يناير/ كانون الثاني 2026، حين يحظر أي أسطول بحري لا يستخدم طاقة غير ملوّثة".
ينتقد الزيدي "تأخر الشركة التونسية للملاحة في تطبيق إجراءات الانتقال الطاقي، ما سيكبّدها خسائر إضافية نتيجة الخضوع لتدابير دفع ضرائب التلوّث، بموجب اتفاق الإحاطة بالمحيط البحري، علماً أن الطاقة المتجددة أصبحت أكثر جاذبية حتى في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وبات معظم الطلب على الكهرباء المتجددة".
على هامش دورتها الـ76 في يونيو/ حزيران 2021، اتخذت لجنة حماية البيئة البحرية في المنظمة البحرية الدولية، مجموعة تدابير فنية وتشغيلية تتعلّق بسير السفن، من بينها وضع مؤشر لفعالية استهلاك السفن للطاقة، والذي يحتسب مرة واحدة لكل منها، ومؤشر آخر يحدد كثافة انبعاثات الكربون من السفن، تمهيداً لمنحها تصنيفاً من درجة واحد إلى خمس درجات، بحسب نسبة التخفيض السنوية.
وتعلّق مصادر في وزارة النقل على أوضاع سفن الشركة التونسية للملاحة بالقول إن مؤسسة النقل البحري الحكومية احتسبت مؤشر فعالية استهلاك الطاقة لكل سفنها الموجودة، والذي أظهر امتثال ثلاث منها للمؤشر، والحاجة إلى تزويد باقي السفن بمعدات خاصة تسمح بامتثالها للمؤشر، في خطوات تستدعي التشاور مع مصنعي المحركات، وأظهر احتساب المؤشر التشغيلي السنوي لكثافة انبعاث الكربون لعامي 2020 و2021 امتثال سفينة واحدة للتصنيف الثالث "سي"، بينما تراوح تصنيف باقي السفن بين الرابع (إي) والخامس (دي).
ومن أجل تصحيح تصنيف سفنها، تقول وزارة النقل إن "الشركة التونسية للملاحة اتخذت مجموعة إجراءات، بينها تخفيض سرعة السفن، وبرمجة تجارب في عرض البحر، من أجل تحديد النسبة الأكثر مثالية لبلوغ أقصى القوة المستمر، كما قررت تغيير نوعية طلاء السفن، وإجراء عمليات تنظيف دوري للبدن الغاطس والرفاس، ووضع معدات لتوفير الطاقة على متن السفينة". وأشارت إلى أن كل الطرق التي ستتبعها ستسمح بإبحار سفنها إلى ما بعد عام 2026.
في المقابل، تفيد الوزارة بأن أسطول السفن التونسية سيواجه تحديات مستقبلية بحلول عام 2030، حين ستكون نسب تخفيض انبعاثات الكربون 40 في المائة، ما يوجب تغيير نوعية المحروقات كلياً إلى الوقود الحيوي والهيدروجين والأمونيا التي يجب أن تستخرج وتصنّع وتنقل أيضاً بطرق غير ملوّثة للبيئة، أو باستعمال سفن تعمل بالطاقة الكهربائية.
ويقول خبير الطاقة، عماد الدرويش، لـ"العربي الجديد": "تملك تونس إمكانات للتحوّل الطاقي السريع، وإنتاج واستعمال وتصدير الهيدروجين الأخضر، لكنها تفتقر إلى سياسات عامة للانتقال الطاقي. ستكون تكلفة استعمال الطاقة الملوّثة في المستقبل أكبر من الانتقال إلى الطاقة المتجددة".
وتندرج حزمة القرارات التي اتخذتها المنظمة البحرية الدولية في إطار مقاربة شاملة ضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والآليات والتدابير المتخذة لتطوير اتفاق الأمم المتحدة لقانون البحر، وكذلك برنامج أهداف التنمية المستدامة للمنظمة الدولية لعام 2030، بحسب اتفاق مؤتمر باريس للمناخ.
ويفرض اتفاق "ماربول" الذي أُبرم في مايو/ أيار 2005 قيوداً على انبعاثات أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين من عوادم السفن، ويحظر الانبعاثات للمواد المستنزفة للأوزون، كما يفرض معايير أكثر صرامة لمراقبة انبعاثات أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين، وتدابير إلزامية تتعلق بكفاءة الطاقة التقنية والتشغيلية والتي تهدف إلى الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة من السفن.