أثار إعلان إصابة النجم السينمائي الأميركي بروس ويليس بمتلازمة الحبسة فضول الكثير من الناس لمعرفة ماهية هذا الاضطراب وكيفية علاجه، بحسب تقرير صادر عن موقع "يو أس نيوز" الأميركي، إذ ارتفعت نسبة البحث على الإنترنت عنه. وتصيب المتلازمة الكثير من الأشخاص حول العالم. وكشفت دراسة أعدتها الجمعية الوطنية للحبسة في الولايات المتحدة بين عامي 2016 و2020، أن أقل من 10 في المائة من السكان سمعوا عن متلازمة الحبسة، مشيرة إلى أن نحو مليوني شخص يعانون من فقدان القدرة على الكلام، في وقت يصاب نحو 180 ألفاً آخرين بها سنوياً حول العالم.
وترى الباحثة وأستاذة علم النفس المساعدة في جامعة كاليفورنيا (بركلي) نينا رونكرز، أن ما حدث مع ويليس ساهم في إلقاء مزيد من الضوء على العديد من الأمراض غير المعروفة أو المتداولة بين الناس، واصفة الأمر بـ "الإيجابي" لكونه يساهم في زيادة التوعية على الاضطرابات النفسية.
والحبسة الكلامية هي المصطلح الشامل لاضطرابات اللغة التي تمنع الأشخاص من التحدث أو الفهم. وتحدث من جراء الإصابة بسكتة دماغية أو حصول مشاكل في الدماغ أو أمراض عصبية وغيرها، بالإضافة إلى أورام الدماغ. وعندما يصاب الشخص بالمتلازمة، يصعب عليه إيجاد الكلمات الصحيحة لتركيب جملة والنطق بشكل صحيح.
يحتوي النصف الأيسر من الدماغ على ما يعرف بمنطقتي بروكا وفيرنيكه ولا يوجد هذان الجزآن إلا في دماغ الكائن البشري، وهما المسؤولان عن القدرات اللغوية للإنسان. ويقول المتخصص في علم النطق وعلم النفس التربوي أحمد عويني لـ "العربي الجديد": "الحبسة الكلامية متلازمة على علاقة مباشرة بالدماغ، وترتبط مباشرةً بإنتاج أو فهم الكلام والقدرة على القراءة أو الكتابة. وعادة ما يصاب كبار السن بهذه المتلازمة نتيجة أمراض دماغية، إلّا أنّ ذلك لا يعني أو يستثني أيضاً صغار السن الذين قد يصابون بها في حال تعرضهم لعنف أو صدمة نفسية، وقد تؤدي إلى فقدان القدرة على الكلام". يتابع أنه يمكن أن "يكون فقدان القدرة على الكلام شديداً لدرجة يجعل التواصل شبه مستحيل، أو يقتصر على الإيماءات أو بعض الكلمات البسيطة".
وبحسب الجمعية الأميركية للسكتة الدماغية، هناك ثلاثة أنواع مختلفة من الحبسة الكلامية: الأولى تعرف بحبسة "ويرنيك" التي يستخدم خلالها المصاب الكلمات بطريقة خاطئة من خلال تغيير أماكن الحروف. أما النوع الثاني، فيعرف باسم حبسة "بروكا" (التعبيرية) وتؤثر في المناطق الأمامية من الجانب الأيسر للدماغ، وبالتالي في كيفية ربط الكلمات لتكوين جملة كاملة. ويجد المريض صعوبة في فهم الجمل، ناهيك عن ارتكاب أخطاء في الاتجاهات مثل اليسار واليمين وغيرها.
أما النوع الثالث، فهو الحبسة العالمية، وقد تؤدي السكتة الدماغية التي تؤثر بجزء كبير من المناطق الأمامية والخلفية من النصف الأيسر للدماغ إلى فقدان القدرة على الكلام الشامل. كذلك يواجه المريض صعوبة في تشكيل الكلمات والجمل، ويعجز عن القراءة أو الكتابة. وتحدث الحبسة العامة عادة بعد الإصابة بالسكتة الدماغية.
وبحسب مقال نشره موقع مستشفى جون هوبكنز الطبي، يمكن تحديد الحبسة الكلامية ومدى الاضطراب والتنبؤ بالعلاج الناجح من خلال مجموعة من الاختبارات اللغوية الشاملة التي يجريها متخصصون في أمراض النطق واللغة. وتشمل هذه الاختبارات دراسة الكلام والتسمية والتكرار والفهم والقراءة والكتابة. ويشمل التشخيص إجراء فحوصات للدماغ مثل التصوير المقطعي المحوسب، والتصوير بالرنين المغناطيسي، لفهم تأثيرات الإصابة بالدماغ.
وتؤدي العائلة والأصدقاء دوراً كبيراً في مساندة المصابين بمتلازمة الحبسة من خلال توفير الدعم الصحي والنفسي كما يقول عويني. ويمكن العائلة مساعدة المرضى من خلال طرح الأسئلة التي يمكن الإجابة عنها بنعم أو لا، بدلاً من طرح سؤال يحتاج إلى إجابة طويلة، وإعادة صياغة الجمل التي يتحدث بها المريض، والمساعدة من خلال الإيماءات لتأكيد النقاط المهمة. كذلك يجب خضوع المرضى لجلسات مع معالجين نفسيين متخصصين في علاج الحبسة، لتدريبهم على تركيب الجمل والكلمات بشكل سليم.