التنوّع البيولوجي هو تنوع الحياة على الأرض، بجميع أشكالها، من جينات، وبكتيريا، ونظم بيئية كاملة، مثل الغابات والشعاب المرجانية. والتنوع البيولوجي الذي نراه اليوم هو نتيجة 4.5 مليارات سنة من التطور، ويتأثر بالبشر بشكل متزايد.
ونتيجة تصاعد الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي وانحباس الحرارة تحته يتغيّر المناخ، وتتدهور موائل التنوع البيولوجي، وتنجرف التربة، وتصاب المحيطات بالحموضة، ويرتفع البحر مهدداً المناطق السكنية القريبة من الشواطئ.
كل هذه الأمور وغيرها، تؤدي إلى انقراض أنواع لا تستطيع التكيّف مع تغيّر المناخ، في حين لا يمكن أن يخفف الإنسان وطأة التغيّر المناخي إلا على امتداد عقود. وحالياً هناك مليون نوع مهدد بالانقراض بسبب تغيّر المناخ، رغم أن تصرفات الناس تصب فعلاً في إطار تخفيف آثار المناخ على كل شيء، خاصة على التنوع البيولوجي.
ويساعد التنوع نفسه في خفض آثار تغيّر المناخ بطرق عدة، فالغابات تمتص ثاني أكسيد الكربون، وتخرج الأوكسجين كي يتنفسه البشر، بينما تحتفظ نفسها بالكربون لصناعة الخشب والثمار والفاكهة.
بدورها تمتص الحشائش البرية والنهرية والبحرية الكربون من الجو، وتخفّف من ضغوطه وتأثيراته على البشر والكائنات الحيّة الأخرى.
وبينما يشكل فقدان التنوع البيولوجي تدهوراً في مستوى الخدمات البيئية التي يقدمها للأنظمة البيئية، يؤدي عدم الأخذ بالاعتبار هذا الأمر عند إدارة المواقع الحساسة إلى نتائج عكسية، لذا يمكن اعتماد معايير التنوع البيولوجي وضماناته في التدخل لمكافحة تغيّر المناخ من أجل تعزيز المنافع، وتقليل المخاطر على التنوع البيولوجي من دون تعريضه لخطر.
أيضاً يجب أن يعتمد الإنسان على الاتفاقات الدولية المتعددة والعمليات الوطنية ذات الصلة بتغيّر المناخ، كما يجب حماية التنوع البيولوجي بطرق منسقة، وبشكل متبادل وداعم ومعزز للتآزر.
ولعلّ أهم مناطق التنوع البيولوجي هي تلك التي تتمركز في الغابات والمناطق الرطبة، علماً أن نباتات اليابسة وحدها تختزن حوالي 450 إلى 650 جيغاطن من الكربون. والتنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي تدعم الناس، وتساعدهم في التكيف مع تغيّر المناخ، من خلال مقاربة تسمى "التكيف المرتكز على النظم الإيكولوجية للحفاظ على التنوع البيولوجي، واستعادة النظم البيئية وإدارتها المستدامة".
وهكذا يشكل التنوع البيولوجي شبكة الحياة التي نعتمد عليها في أشياء كثيرة، مثل الغذاء والماء والطب والمناخ المستقر والنمو الاقتصادي، علماً أن أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي يرتكز على الطبيعة، إذ يعتمد أكثر من مليار شخص على الغابات لكسب عيشهم، في حين تمتص اليابسة والمحيطات أكثر من نصف انبعاثات الكربون.
ومع ذلك، تواجه الطبيعة أزمة الانقراض خلال عقود، رغم بذل محاولات لحمايتها. وقد تحوّلت النظم البيئية التي لا يمكن تعويضها، مثل أجزاء من غابات الأمازون المطيرة، من مصارف الكربون إلى مصادر للكربون، بسبب إزالة الغابات، واختفت نسبة 85 في المائة من الأراضي الرطبة، مثل المستنقعات المالحة، ومستنقعات المنغروف، أي أشجار القرم التي تمتص كميات كبيرة من الكربون.
وهكذا يبقى المحرك الرئيسي لفقدان التنوع البيولوجي هو استخدام البشر للأرض لإنتاج الغذاء بالدرجة الأولى. وقد غيّر النشاط البشري بالفعل أكثر من 70 في المائة من جميع الأراضي الخالية من الجليد. وعندما تحوّل الأرض للزراعة تفقد بعض أنواع الحيوانات والنباتات موطنها وتواجه الانقراض. لكن التغيّر المناخي يزيد تدهور التنوع البيولوجي، وهو بدّل النظم الإيكولوجية البحرية والبرية والمياه العذبة في أنحاء العالم، وتسبب في فقدان أنواع محلية، وزاد الأمراض والنفوق الجماعي للنباتات والحيوانات، وبالتالي حالات الانقراض.
وعلى اليابسة، أجبرت درجات الحرارة المرتفعة الحيوانات والنباتات على الانتقال إلى ارتفاعات أعلى، أو خطوط عرض أعلى في اتجاه الشمال. ويتحرك العديد منها نحو قطبي الأرض، ما سيتسبب في عواقب بعيدة المدى على النظم البيئية.
وأصبح واضحاً أن خطر انقراض الأنواع يزداد مع كل درجة احترار، وأن ثاني أكسيد الكربون يتناقص مع كل نبتة تنمو على وجه الأرض، لكن الإنسان عدو نفسه، لأن تصرفاته أوجدت عدواً هو تغيّر المناخ، كما قضى على أهم صديق، وهو الغابات التي يمكن أن تنقذه من تغيّر المناخ.
(متخصص في شؤون البيئة)