استمع إلى الملخص
- **تسرّب الأطفال من التعليم**: تسرّب أكثر من 2.3 مليون طفل من التعليم في سورية، منهم 386 ألفاً في شمال غرب البلاد. الأسباب تشمل عمالة الأطفال، الزواج المبكر، بُعد المدارس، واستخدامها لأغراض غير تعليمية.
- **تحديات المعلمين ونقص الدعم**: قُتل 57 معلّماً في العقد الأخير، وهاجر مئات المعلمين أو تحولوا إلى أعمال أخرى بسبب نقص الدعم. أكثر من 49% من المدارس تعاني من انقطاع الدعم، مما أثر سلباً على جودة التعليم.
في اليوم العالمي لحماية التعليم من الهجمات، لا بدّ من الإشارة إلى العملية التعليمية في سورية التي تبدو مستهدَفة، ولا سيّما في شمال غرب البلاد. فقد ألحقت هجمات نفّذتها قوات النظام السوري والقوات الروسية أضراراً بمئات المدارس وأخرجت عدداً كبيراً منها من الخدمة، الأمر الذي حرم آلاف التلاميذ في شمال غرب سورية من حقّهم في التعليم بسبب البيئة غير الآمنة والعراقيل الأخرى من قبيل النزوح وخسارة المسكن، علماً أنّ الأمر تفاقم بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة في السادس من فبراير/ شباط 2023.
ويُسجَّل في عموم سورية تسرّب أكثر من 2.3 مليون طفل من التعليم المدرسي، بزيادة تُقدَّر بنحو 100 ألف طفل مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لما أوضح فريق "منسّقو استجابة سورية" في بيان أصدره اليوم الاثنين، بمناسبة اليوم العالمي لحماية التعليم من الهجمات. أضاف الفريق أنّ 386 ألفاً من هؤلاء الأطفال المتسرّبين في منطقة شمال غربي سورية، ومن بينهم نحو 84 ألفاً، نازحون في المخيمات.
ويعيد "منسّقو استجابة سورية" تسرّب التلاميذ من التعليم إلى أسباب عدّة، من بينها عمالة الأطفال نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة وعجز الأهل عن تأمين مستلزمات التعليم، بالإضافة إلى الزواج المبكر وبُعد المنشآت التعليمية عن مناطق السكن وغير ذلك. يضيف الفريق أنّ أكثر من 77 مدرسة في شمال غرب سورية لا توفّر الخدمات التعليم، إذ تُستخدَم لأغراض من خارج عن العملية التعليمية وتُشغَل في مهام غير مخصّصة لها. كذلك فإنّ أكثر من 66% من مخيمات النزوح التي تؤوي نحو مليونَي شخص لا تضمّ مدارس.
في الإطار نفسه، يبيّن فريق "منسّقو استجابة سورية" أنّ 57 معلّماً قُتلوا في الأعوام العشرة الأخيرة في هجمات عسكرية نفّذتها جهات مختلفة، في حين هاجر مئات المعلّمين وتحوّل آخرون إلى أعمال أخرى بعد انقطاع العملية التعليمية، ولا سيّما أنّ أكثر من 49% من المدارس تعاني من انقطاع الدعم عنها.
في هذا الإطار، يتحدّث المدرّس خالد البكور المقيم في ريف إدلب الشمالي لـ"العربي الجديد" عن واقع التعليم في المنطقة، فيشير إلى "تأثّر التعليم البالغ بتراجع الدعم في السنوات الماضية، فهو من بين القطاعات التي تعاني شحّاً في التمويل، ولا سيّما بعد الزلزال". يضيف أنّ "عمليات استهداف المدارس من قبل النظام السوري وروسيا تراجعت في الفترة الأخيرة، لكنّ الخطر ما زال قائماً، إذ في أيّ وقت قد تتعرّض أيّ مدينة للاستهداف".
ووسط الفقر والعجز عن توفير سبل العيش، اضطرت عائلات كثيرة إلى إخراج أبناء لها من التعليم المدرسي ودفعتهم إلى العمل، بعدما تعلّموا مبادئ القراءة والرياضيات. هيثم العبد الله واحد من بين هؤلاء، يخبر "العربي الجديد" بأنّه ترك المدرسة قبل نحو ثلاثة أعوام ليعمل مع والده في ورش بناء، إذ إنّ من غير الممكن لوالده أن يتحمّل مصاريف التعليم وحده. يضيف هيثم أنّ "فصل الشتاء مقبل، ونحن في حاجة إلى مواد للتدفئة وإلى ألبسة شتوية ومتطلبات كثيرة، وبالتالي لا بدّ من العمل مع والدي".
من جهته، يقول المدرّس عمر ليلى، عضو نقابة المعلّمين السوريين الأحرار، لـ"العربي الجديد" إنّ "العام الدراسي انطلق في شمال غرب سورية، في مختلف المدارس العامة والخاصة، إنّما في ظلّ تهميش حقيقي للتعليم عموماً وغياب دعم هذا القطاع بما يليق به، الأمر الذي يؤثّر سلباً على العملية التعليمية". ويوضح أنّ "قلّة الدعم أثّرت سلباً على جودة التعليم عموماً، ونرى معلّمين يقدّمون استقالاتهم بصورة يومية ليتوجّهوا إلى مجالات عمل يحصلون فيها على دخل أفضل وسط الغلاء المعيشي". ويتحدّث ليلى عن "أهمال المدارس عموماً الخدمات اللوجستية، إذ تعتمد على جهود فردية في تأمين احتياجاتها هنا في الشمال السوري. كذلك أثّر غياب الدعم سلباً على العملية التعليمية، الأمر الذي أدّى إلى تسرّب مدرسي كبير".
تجدر الإشارة إلى أنّ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في سورية كشف أنّ أكثر من مليون طفل وطفلة لا يذهبون إلى المدارس في مناطق شمال غربي سورية، وذلك بزيادة قدرها 200 ألف عن الفترة التي سبقت وقوع الزلزال المدمّر في فبراير 2023، بحسب ما جاء في تقرير أصدره المكتب الأممي في يونيو/ حزيران الماضي.